حضارة عالم الشمال المزيفة لم تقدم العون والمساعدة لحلفائها وشركائها وتصر على حرمان الشعب الإيراني من الدواء، وهذا يثبت أن حضارة الغرب كاذبة لا أخلاقية ولا إنسانية
القارة عزلت نفسها عن شقيقاتها القارات، والإقليم عزل نفسه عن الأقاليم، والدولة أغلقت على نفسها في صندوق أسود، وكذلك فعلت المدن، والقرى، والأحياء وحتى الشقق في ذات البناية، وتوجس البعض من صحة وسلامة البعض في الأسرة ذاتها.
القطارات، المطارات، الساحات، الجامعات، الحدائق، الشوارع، المراكز العالمية، أمست خاوية على عروشها.
البورصات هبطت لأدنى مستوياتها، آلاف الشركات والمعامل والمصارف وحتى الحرف المتوسطة والصغيرة أغلقت أبوابها.
المجهول «كورونا» لم يطلب الإذن من أحد، لم ينتظر تأشيرة دخول من سلطات هذه الدولة أو تلك، لم يطلب فيزة، أو إقامة من أقوى الحكومات، لم يقف بوجهه قوات حرس حدود، ولا أجهزة كشف مبكر، ولا ليزرية، ولا ماسحات ضوئية، ولا دفاع صاروخي ذاتي، ولا أقمار صناعية فضائية متطورة، بل سخر من كل إجراءات الغطرسة، والنزعة العسكرية، والاحتلالية، ودخل إلى مخادعهم وكأنه القدر المحتوم.
السلطان «كورونا» فتح العالم أكثر مما فعلت العولمة التي روج الغرب لها لسرقة ونهب ثروات شعوب العالم، وفي الوقت ذاته حجب وحجر كل فرد عن شقيقه قسرياً، بل وضع العالم كله في سفينة واحدة وحتم عليهم إما الغرق أو النجاة معاً.
السيد «كورونا» عرى زيف ما يسمى الحضارة الغربية المستندة على الحريات والعدالة والمساواة والإيثار ونصرة الفقراء والمظاليم وقيم التعاون والتعاضد وأظهرها مجرد شعارات جوفاء براقة وأقل ما يقال فيها حضارة اقصائية عدوانية، تحمل في قلبها بذور فنائها.
ولعل تصريح رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي: «انتهت حلول الأرض، والأمر متروك للسماء» خير دليل على تخلي جيرانه وحلفائه بـ«ناتو» عن إيطاليا. تصريح كونتي ليس الشاهد الوحيد فقد تبعه تأكيد الرئيس الصربي الكسندر فوتيشتش الذي كان بالأمس يطمح لانضمام بلاده إلى «ناتو» ويصفهم بالقصة الخرافية على الورق بعدما رفض الاتحاد الأوروبي تقديم أي مستلزمات طبية اسعافية.
إذاً, هذه حضارة عالم الشمال المزيفة، وإذا كان موقفها واضحاً وقاطعاً عدم تقديم العون والمساعدة ولحلفائها وشركائها بحجة ضعف الإمكانات، فما هي حجتها على موقفها المبني على الإصرار والترصد من حرمان الشعب الإيراني من الحصول على الدواء، ليس بالمساعدات وإنما بشرائها، وهذا يثبت بما لا يدعو للشك أن حضارة الغرب كاذبة لا أخلاقية ولا إنسانية، بل حاقدة وسوداوية ولئيمة.