الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
يسير العالم من حولنا بحركة سريعة لمجابهة الجائحة الأشد فتكا بالبشرية ، و تواجه تونس بكل إمكانياتها المادية و البشرية لمواجهة الحرب المعلنة على كائن مجهري يهدد البلاد و كل بلدان العالم ..
في قراءة للمشهد التونسي في زمن الكورونا، و بعد ان أثار قرار الحجر الصحي جدلا واسعا من مختلف الأطياف السياسية و المجتمعية حول التمديد من عدمه، و في ظل التسائلات المطروحة ،حسم مجلس الأمن القومي في قرار التمديد في الحجر الصحي الشامل ، نظرا وان المرحلة تتطلب التمديد لإحتواء تفشي الفيروس و ثم الرفع التدريجي..
واجهت الحكومة الموقف الرهيب بإجراءات شجاعة و مهمة من بينها التمديد في الحجر الصحي الشامل لغاية 3 ماي 2020 و ثم قرار الرفع التدريجي للحجر بداية من 4 ماي و في الأثناء تطرقت الحكومة لمختلف الاوضاع منها الفئات الاجتماعية للإحاطة بالعائلات الهشة والمالية بإبراز الحالة الاقتصادية وطمأنة الموظفين والعمال والمؤسسات الخاصة و بذلت جهودا استثنائية للإحاطة بالتونسيين بالخارج وترحيل العالقين في اسرع الآجال و إضافة لإجراءات ردعية للمخالفين للحجر الصحي.. لست أبالغ و لا احد يستطيع أن ينكر الصعوبات التي تمر بها البلاد بصيفة عامة و الحكومة بصيفة خاصة في مجابهة الجائحة العالمية التي تهدد العالم و البشرية جمعاء ، و أيضا تونس لم تمر بهكذا ظروف سابقا منذ الإستقلال و لم تمر اي حكومة تونسية على هكذا ظرف طارئ و صعب جدا و هي مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الحكومة و على الدولة في حد ذاتها في مواجهة الأزمة الوبائية المباغتة و الغير متوقعة.. فلمــــــاذا كل هذا التشائم؟؟
ما يثير الاستغراب فعلا، هي الحركة المضادة التي تهب في مواجهة و انتقادات و موجات شديدة العنف تشحذ فيها الألسن، وتسن بها رؤوس الأقلام بهجمة تراشق انتقادات لاذعة حول موضوع صفقة الكمامات الطبية ،ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬه الأزمة الوبائية ، ليس بالوقف المناسب للمحاسبة خصوصا في مواضيع ” فارغة”.. ﺗﺒﺪﻭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺆﻛﺪﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﻰ ﺟﻠﻮﺱ ﻛﻞ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ، ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﻟﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ ﻭﻟﻲ ﺍﻻﺫﺭﻉ ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺣﻮﺍﺭ ﺟﺪﻱ ﻣﺴﺆﻭﻝ ، ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ و صحة كل الشعب التونسي ، ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻖ المهاترات السياسية و الحسابات الضيقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع !!
يجب ان ننظر للازمة من الجانب الإنساني اولا و مجابهة الجائحة و الإحاطة بالمنظومة الصحية و الفئات الإجتماعية الاكثر تضررا جراء الازمة الوبائية بعيدا كل البعد عن التجاذبات السياسية، الأزمة تلتف حول عنق الجميع، والمخاطر تتضاعف، وميزانيات كبيرة ترصد للوقاية والمكافحة، ومليارات بانتظار أن تخرج معامل مراكز البحوث بلقاح أو دواء، من أجل حماية المجتمعات من الفناء هذه مسؤولية صعبة، و ” المتفرج فارس”
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻠﻐﺘﻪ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺠﺮﻳﺤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺯﻓﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻌﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺰﺍﺕ .. ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﺟﻬﻮﺩ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ ﻻ ﺍﻟﻰ ﺃﻻﻋﻴﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺮﻛﻬﻢ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻣﺮﻳﻦ .. لا يمكن بشكل من الأشكال الإستهانة بهذا الوباء القاتل او الدخول في مهاترات سياسية ليس بالوقت المناسب لها و أيضا لا يمكن ان نتجاهل أخطاء فادحة قد تحدث و تهدد إستقرار البلاد و لا ننسى أيضا ان محاربة كورونا تماما كمحاربة الفساد الذي ينخر في البلاد و القانون يطبق على الجميع و في حالة الحرب الفساد الذي لا يغتفر هو الذي من شأنه ان يهديد إستقرار الوطن او يهدد المجتمع، و هذا لا نراه الآن و كل الإجراءات سليمة و مهمة تخدم المصلحة العامة .. فلماذا نسمح لأنفسنا ان نضع العصا في العجلة و البلاد تواجه تحديات الاشد ايلاما للبشرية ” جائحة كورونا” ؟ و كذلك أمام هذه البلاد رهانات حقيقية أمام الوضع الصعب الذي تمر به ، ولا داعي للخطابات العنترية في هذا الوقت، كل حكومة في العالم لديها إكراهات، والوضع الاقتصادي في تونس صعب، وهذه الحكومة تحتاج إلى دعم حقيقي من طرف كل الأطياف السياسية و المجتمعية حتى تستطيع مواجهة كل التحديات المطروحة،
ولن نستطيع التصدي لكورونا بهذه الطريقة و “بالحكايات الفارغة ” الجميع في مركب واحد لمواجهة الجائحة و لا مجال للخطأ..
هذا رأيي بكل حيادية و مصلحة الوطن و الشعب فوق كل إعتبار و لست هنا لابرر او ادافع عن الآداء الحكومي خصوصا في هذا الظرف الإستثنائي، فهذه حقيقية لابد ان ندركها، و بعد الأزمة سأكون من أشد المراقبين و انقد الحكومة في نطاق أداءها و اما الآن كفوا عن التجاذبات و المهاترات و سياسة حطان العصا في العجلة.. سيبوا الحكومة تخدم و بعد نحاسبوها..