في وقت ينشغل العالم بوباء كورونا القاتل وفي وقت تتصدر فيه ألمانيا أكثر الدول المصابة بهذا الوباء يقوم وزير داخليتها هورست زيهوفر -المفترض أن يكون أكثر المنشغلين بمكافحة الجائحة المنتشرة في بلاده– بتنفيذ قرار جائر ضد حزب الله ووصفه زوراً وبهتاناً بأنه “منظمة إرهابية” وتحت ذريعة تضع وسام شرف على صدر هذا الحزب أنه يقاوم كيان الاحتلال الإسرائيلي ويشكك في حقه بالبقاء، ويبدو أن دافع الوزير الألماني ليس عقدة “الهولوكست” المزمنة ولا حتى المصالح الألمانية وإنما أولاً وثانياً وعاشراً إرضاء واشنطن وتل أبيب والرضوخ المذل لأوامرهما.
ويأمل الوزير الألماني من وراء استعجال تنفيذ قرار كهذا كان مؤجلاً أن يقبض ثمنه دعماً من البيت الأبيض والكيان الصهيوني ليصل إلى منصب مستشار ألمانيا بدلاً من المستشارة أنجيلا ميركل التي أعلنت عدم ترشحها مستقبلاً لهذا المنصب وربما بعد أن تلقى وعداً بذلك من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عندما زار برلين العام الماضي وألح على قرار حظر حزب الله استجابة وخضوعاً للوبيات الضغط الصهيونية والأميركية في الغرب الأوروبي.
فعن أي إرهاب يتحدث هؤلاء؟ وهم الذين كانوا ولا يزالون حماة الإرهابيين وداعميهم، وشارك حزب الله وباقي حلفاء سورية في مكافحتهم وحموا حتى الدول الأوروبية ومنها ألمانيا من شرور هؤلاء الإرهابيين وانتقالهم إلى عقر دار أوروبا.
وإذا كان المقصود أن الحزب يرهب المحتل الإسرائيلي ويساند المقاومة الفلسطينية فهذا فخر له أيما فخر، فهو حركة كفاح ونضال ضد الظلم والعدوان والاحتلال وهذا تعترف به كل الشرائع السماوية والوضعية وميثاق الأمم المتحدة في المقدمة.
وعلى خلاف الصورة التي تسعى الدبلوماسية الألمانية إلى إظهارها وتأكيد “مهنيتها العالية والتظاهر بالحيادية والاستقلالية” ، يضع القرار المنحاز الحكومة الألمانية كتابع صغير للخارجية الأمريكية يقدم لها فروض الطاعة بشكل أعمى وهو مؤشر على أنها إما ضمن فريق «ناقصي الفهم» لواقع الصراع في المنطقة وتجذّر القضية الفلسطينية فيها، وإمّا ضمن فريق العاجزين أمام اللوبيات الصهيونية، ما يجعل الدور الألماني مستقبلا عديم الثقة والمصداقية.
tu.saqr@gmail.com