الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

آيا صوفيا: حكمة مقدسة أم تسييس للدين؟!… بقلم محمد النوباني

بداية نحن قدوتنا في مجال التسامح الديني الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب صاحب العهدة العمرية الذي أمن اهل إيلياء (القدس) على انفسهم واموالهم عندما دخلها فاتحاً بناء على طلب أهلها المسيحيبن .
ويذكر التاريخ بأحرف من نور أن عمر رضي الله عنه رفض أن يصلي في كنيسة القيامة عندما حان موعد آحدى الصلوات الخمس ودعاه مطرانها “صفرونيوس” الذي سلمه مفاتيح المدينة للصلاة فيها خوفاً من ان يحولها المسلمون بعد ذلك الى مسجد وصلى في مكان قريب منها وهو المكان الذي يسمى الإن بمسجد عمر. .
اما فيما يتعلق بتحويل متحف ايا صوفيا في مدينة اسطنبول التركية امس إلى مسجد من جديد وبصرف النظر عن الحقائق التاريخية التي تقول ان السلطان العثماني محمد الثاني (محمد الفاتح) قد اشترى بعد فتح القسطنطينية كاتيدرائية ايا صوفيا من القساوسة ودفع لهم ثمنها من ماله الخاص قبل ان يحولها إلى مسجد،، ويوجد شهادة ملكية طابو تثبت وتوثق ذلك، قبل ان يحولها مصطفى كمال أتاتورك الى متحف عام 1934 من القرن الماضي وبصرف النظر كذلك عن موقفنا من اردوغان الذي حولها امس الجمعة من جديد إلى مسجد والذي نمقت دوره التخريبي في سوريا وليبيا والعراق، إلا أن هذه العملية لا يجب تحميلها اكثر مما تحتمل وتحويلها إلى سبب لصراع مسيحي-اسلامي او بالاحرى إلى صراع ارذوكسي-آسلامي.


فقد تم تحويل مساجد كثيرة الى كنائس في اسبانيا عندما سقطت الخلافة الإسلامية في الاندلس على يد فرديناند وايزابيلا ومنها مسجد قرطبة والحمراء وغيرهما كما غيرت مجموعات بشرية ديانتها الاصلية واعتنقت ديانات أخرى.
فألتاريخ لا يجب قراءته على ضوء مفاهيم اليوم وإنما على ضوء السياق التاريخي الذي جاءت فيه الاحداث حيث لعبت الحروب والفتوحات دوراً مهماً في تبلور وقائع أضحت فيما بعد حقائق تاريخية.
وصحيح أن حكومة نتنياهو قد تستثمر ما فعله أردوغان من تحويل لمتحف ايا صوفيا إلى مسجد لتحريض الكنيسة الأرثوذكسية وتحديداً الروسية على المسلمين والعرب بشكل عام وعلى الفلسطينيين بشكل خاص وربما للمضي قدماً في مخطط السيطرة الزمانية والمكانيةعلى المسجد الأقصى، ولكن يخطئ من بعتقد ان اسرائيل كانت بحاجة إلى مبررات او الى من يحرضها حينماحولت المسجد التابع للقرية الفلسطينية المدمرة التي أقام عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اريئيل شارون مزرعته إلى إسطبل للخيول او عندما حولت نصف مسجد قرية المالحة القريبة من القدس الى حانة ونصفه الآخر الى مخيطة كما أن هناك مساجد فلسطينية تحولت إلى حظائر للبقر ناهيك عن مئات المساجد التي تم تدميرها كما يقول الكاتب والروائي الفلسطيني جميل السلحوت.
فألمهم أن نبقى مسلمين ومسيحيين عرب بعيدين عن التعصب وعن كل ما يحول الدين من أداة للعبادة والتقرب الى الله الى أداة لموقف كوسموبولتي (لا وطني ) او لوضع الدين في خانة التعارض مع الموقف الوطني والقومي او عن مصالح الطبقات المستغلة (لكير العين)وسعيها الدائم لتثبيت سيطرتها على الوعي الاجتماعي وتوجيهه باتجاه لا يستقيم مع العلم والمنطق وانما مع الغيبيات.
و هذه العملية ليست مقتصرة على طرف واحد، فكما يتاجر اردوغان بالدين ويسعى لتوظيف تحويل الكنيسة الى مسجد لاغراض انتخابية وايضاً لتحقيق أهداف إمبراطورية لها علاقة بتحقيق مصالح توسعية -إقتصادية في سوريا والعراق وليبيا فإن حكام أوروبا الذين شنوا الحروب الاستعمارية قديماً وحديثاً على وطننا العربي من أجل النهب والسيطرة ولم يتورعوا عن قتل المسيحيين العرب قبل المسلمين العرب من اجل تحقيق أهدافهم الاستعمارية لا يجب التعويل عليهم لانهم يتسترون بالدين لتصفية حسابات تاريخية مع تركيا ولمنعها من استكمال تحولها إلى حالة إقتصادية واجتماعية متطورة ودليلنا على ذلك انهم يرفضون قبول عضويتها في الاتحاد الأوروبي منذ سنوات طويلة رغم تلبيتها لكل الشروط التي طلبت منها لأن معظم سكانها مسلمين.فقط.
قاتل الله التعصب الديني.
بقي القول ان “آيا صوفيا” تعني بأللغة اليونانية ألقديمة الحكمة المقدسة ولكن عندما يجري توظيفها سياسياً لإثارة فتنة وصراعات بين الأمم والشعوب تسحب منها الحكمة وتبقى القدسية تحت مليون علامة إستفهام.

 

شاهد أيضاً

كتب سامح عسكر: أصول الدواعش القدامى..

من 400 سنة كان عايش في العراق فقيه حنبلي إسمه..”علي بن أحمد الهيتي”..وقتها كان العراق …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024