الإمارات تؤجّج الأزمة في الصحراء الغربية…ما وراء الدور المشبوه لأبو ظبي

الإمارات تؤجّج الأزمة في الصحراء الغربية…ما وراء الدور المشبوه لأبو ظبي

أعلنت وزارة الخارجية المغربية، الجمعة، بدء العملية العسكرية لهذا البلد ضد جبهة البوليساريو في منطقة “الكركرات” بالصحراء الغربية.

 

وقد زعم المغرب أن قوات جبهة البوليساريو دخلت منطقة الكركرات في 21 أكتوبر من العام الجاري، ومنعت نقل البضائع وحركة الناس في هذه المنطقة. في الوقت نفسه، اتهمت جبهة البوليساريو الرباط بانتهاك وقف إطلاق النار الممتد منذ 30 عاماً.

 

ويأتي الحادث بعد أن أعلنت الإمارات في الـ 28 من أكتوبر عزمها فتح قنصلية في المنطقة المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، لتصبح أول دولة عربية تدعم الحكم المغربي في الصحراء الغربية عبر فتح قنصلية في هذه المنطقة. وهي قضية تثير الشكوك حول دور أبو ظبي في تأجيج أزمة الصحراء الغربية.

 

وبناءً على ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، ما هو الدور الذي تسعى الإمارات للعبه في أزمة الصحراء الغربية، وما هي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها؟

 

الصراع في الصحراء الغربية

 

كانت منطقة الصحراء الغربية، المعروفة في المغرب بالمحافظات الجنوبية، تحت السيطرة الإسبانية حتى عام 1974، وضُمَّت إلى المغرب في عام 1975. وجبهة البوليساريو التي تشكلت عام 1973 لمقاومة الاستعمار الإسباني، وإذ عارضت ضم الصحراء الغربية للمغرب، تريد استقلال هذه المنطقة.

 

وقد أدى ذلك إلى 16 عامًا من الصراع بين الجبهة والحكومة المغربية منذ عام 1975، وأخيراً في عام 1991 تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.

 

بموجب شروط وقف إطلاق النار هذا، تعهدت الحكومة المغربية باتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء استفتاء على استقلال المنطقة، لکن الرباط رفضت حتى الآن القيام بذلك.

 

من ناحية أخرى، فإن إعلان الاستقلال وتشكيل “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” من قبل جبهة البوليساريو عام 1976، قد تم الاعتراف به من قبل العديد من الدول والمؤسسات الإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي.

 

لكن المغرب وبينما يقاوم حتى الآن مطالب جبهة البوليساريو(التي تحظى بدعم الجزائر) الداعية إلی إجراء استفتاء الاستقلال في المنطقة المتنازع عليها، وضع خطةً على جدول الأعمال للحكم الذاتي لهذه المنطقة، حلّاً للأزمة.

 

دور الإمارات في نزاع الصحراء الغربية

 

إن أحد الأهداف الرئيسية للمغرب في مجال السياسة الخارجية، هو كسب أقصى دعم من الدول لسيادته على منطقة الصحراء الغربية. وقد بذل جهوداً كبيرةً في هذا الصدد في عام 2017، بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي.

 

وقد دفعت الجهود الدبلوماسية والمساعدات المالية من الرباط لبعض الدول، أكثر من 15 دولة إفريقية إلی فتح قنصليات لها في هذه المنطقة لدعم الحكم المغربي علی الصحراء الغربية. وعليه، فإن قرار الإمارات فتح قنصلية في “العيون” عاصمة المنطقة المتنازع عليها، له أهمية كبيرة بالنسبة للرباط.

 

في المقابل، أفادت بعض التقارير في عام 2019 عن محادثات بين الکيان الصهيوني والمغرب حول تطبيع العلاقات، والتي بموجبها سيقوم المغرب بتطبيع علاقاته مع تل أبيب مقابل دعم اللوبي الصهيوني في أمريكا له، تمشياً مع قبول واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

 

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء المغربي قد نفى هذه التقارير في البداية، حيث صرح بمعارضته للتطبيع، إلا أنه أعلن لاحقًا بأن مواقفه من التطبيع تتماشى مع مواقف حزبه الإسلامي، أي حزب العدالة والتنمية، وليس موقف الحكومة المغربية. وبناءً على ذلك، يبدو أنه تعرض لضغوط من قبل النظام الملكي، الذي يلعب دوراً رئيساً في مسائل السياسة الخارجية، لإصلاح موقفه.

 

ولذلك، يمكن اعتبار الهدف الأول المحتمل للإمارات في دعم السيادة المغاربية على الصحراء الغربية، هو محاولة للحصول على موافقة الرباط لتطبيع علاقاتها مع الکيان الصهيوني.

 

تدرك الإمارات جيداً أهمية الصحراء الغربية وسيادتها بالنسبة للرباط، وتعتزم الحصول على موافقة الرباط لتطبيع علاقاتها مع الکيان الصهيوني، من خلال دعم المغرب في هذا المجال.

 

من ناحية أخرى، فرض المغرب مؤخرًا ضريبةً بنسبة 90 في المائة على السلع المستوردة من تركيا. وهو ما يتعارض مع اتفاقية التجارة بين رباط وأنقرة لعام 2004، ويظهر استعداد الرباط لإعادة النظر في هذه الاتفاقية.

 

هذا في حين أن السعودية کانت قد دعت في السابق إلى مقاطعة البضائع التركية، ويواجه محور الرياض-أبو ظبي الآن أنقرة في معظم الملفات الإقليمية. وقد أتاح ذلك للإمارات فرصة الاقتراب أكثر من الرباط، ما جعل هذا البلد الذي أعلن الحياد في ملف قطر، وترك تحالف المعتدين على اليمن، أقرب إلى محور أبو ظبي-الرياض.

 

تعتزم الإمارات، بصفتها أكبر بلد عربي مستثمر في المغرب، استخدام مواردها المالية والقيام بدور سياسي في قضية الصحراء الغربية، لإبعاد الرباط عن محور الدوحة-أنقرة، وفي الوقت نفسه تشجيعها على تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني.

 

هذا في حين أن الرباط تتمتع بعلاقات اقتصادية وأمنية جيدة مع الدوحة، وتعدّ قطر من أكبر المستثمرين في المغرب، حيث زادت استثماراتها في المغرب مثل الإمارات في عام 2019.

 

ومع ذلك، فإن الخلاف بين أنقرة وباريس هو جزء آخر من المعادلة، والذي سيؤثر على قرار الرباط النهائي. فرنسا كواحدة من الحلفاء الرئيسيين للمغرب وأكبر شريك اقتصادي له، لها خلافات خطيرة مع أنقرة، مما أدى إلى انضمام الرياض وأبو ظبي إلى باريس أيضاً.

 

بشكل عام، يبدو أن أبو ظبي تنوي القيام بدور فاعل في قضية الصحراء الغربية، لإبعاد الرباط عن الدوحة وأنقرة، وتشجيعها على تطبيع العلاقات مع تل أبيب.

 

وبالنظر إلی الأهمية الكبيرة للصحراء الغربية بالنسبة للمغرب، وتنامي الخلافات بين الحلفاء الرئيسيين للرباط مع أنقرة من جهة، والعلاقات الإيجابية بين الدوحة والرباط والمعارضة الجادة للأحزاب الإسلامية والشعب المغربي لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني من جهة أخرى، فإن القرار النهائي للرباط سيکون صعبًا.

 

الوقت الإخباري

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023