“أنتِ جميلة كوطنٍ مُحرّر، وأنا متعَب كوطنٍ محتَل”.
الراحل مريد البرغوثي متكلما عن رضوى عاشور
تعيش القضية الفلسطينية وضعية استثنائية منذ أعوام ويمكن توصيفها على أنها مرحلة خطيرة وكارثية وتعكس حالة الضعف التي تعاني منها الدول العربية بعد حركات احتجاج الشارع أثناء ثورات الربيع العربي وتزايد موجات التطبيع من الأنظمة الرسمية وتراجع الدور الإقليمي لهذه الدول واهتمامها بمشاكلها الداخلية.
لقد تم تعويم المطالب الفلسطينية في الدولة المستقلة والاستيلاء على أجزاء كبيرة من القدس وتهويدها وضم الكثير من المباني والأراضي الى نفوذ الكيان المحتل وتم التلاعب بالحقوق في الأرض والعودة والسيادة والإبقاء فقط على التنسيق الأمني وإمكانية المساعدة الاقتصادية لما تبقى من سكان في المدن والقرى المشتتة.
أما النضال الوطني في سبيل استعادة ما تم التفويت فيه فيشد تراجع كبير بعد نهاية الانتفاضة المدنية والسلمية التي يقودها الشباب والنسوة والطلبة والنشطاء الحقوقيين وتقلصت أعمال المقاومة عن طريق الكفاح المسلح بعد دخول القوى الممانعة في نوع الهدنة الاجبارية وفسح المجال أمام العملية السياسية وتنظيم الانتخابات.
لقد تأثرت مجرى الأحداث داخل الضفة الغربية وقطاع غزة من الحصار المضروب على السكان العزل ومن تخلي العرب عن القضية وعزوفهم عن تقديم المساعدات وانعكست الصراعات بين المحاور الإقليمية في لغة ومواقف الفصائل والأحزاب والقوى المناهضة للاستيطان وأصبحت الكثير من الزعامات مدرجة في خانة الاعتدال وتم عزل التيار الوطني المناضل ضمن نطاق وتجريم كل عمل معادي للقوى الاستعمارية المحتلة.
لقد دخلت المقاومة الثقافية في مرحلة شك، اذ يقول مريد البرغوثي: “أتعبتنا القدس، أعني أتعبت كل البشر، لا أعرف مدينة على كوكب الأرض أتعبت أهل الأرض كالقدس، مدينة ترفض أن تكون أرضا. وكيف تكون والمقدس يتكدس فيها، وعليها، وحولها، طبقة فوق أخرى وعلى امتداد كل العصور؟ ربما كانت أرضا قبل إلمام الناس بشكل دنياهم وقبل أن تصلنا أخبار الله، وقبل أن تطأها صنادل الأنبياء ذات السيور الجلد وخطى اليقين، ربما كانت أرضا يوما ما، لكنها، بكل هذا المقدس، أصبحت – للأسف الشديد – قطعة من السماوات”. فمتى تستيقظ حركة المقاومة من سباته وتعود القضية الفلسطينية تتصدر الأحداث وتكون محور اهتمام الكل؟
* كاتب فلسفي