نعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لنا دين الإسلام ، وقال الله سبحانه : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] . هذه أعظم نعمة من الله تعالى على هذه الأمة ، فقد أكمل لنا ديننا ، فلا نحتاج إلى دين آخر . اما ما يسمى الدين الإبراهيمي العالمي ، أي الديانة الإماراتية الإسرائيلية ، التي تم انتاجها في مراكز البحوث السياسية والدينية والاستخباراتية ، التي تروج لفكرة “التطبيع” نحن في غنى عنها . للدين الإسلامي قانون يسمى ” شريعة الإسلام ” ، وقد أتقن الله هذه القوانين وأكملها وجعلها تنظم جميع جوانب الحياة البشرية ، وعلينا فقط نفهمها بشكل صحيح . وقول الله صريح : ” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ” [آل عمران: 85]. لذلك يا محمد بن زايد ليس لنا دين غير الإسلام ، ولا نبي آخر إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وأرسله إلى الانسانية . وخلاف ذلك يعتبر ردة في الإسلام.
هذه المخططات ليست جديدة ، حيث تتكرر من حين لآخر ، بأشكال مختلفة تستهدف المنطقة تحت رايات مختلفة . في البداية استخدمت القوات الأنجلو سكسونية الفكر اليساري والقومي ، وقضت على الدولة الإسلامية العثمانية واحتلت أراضينا. ثم تبنت المفاهيم السياسية الإسلامية حتى الربيع العربي بعد ذلك شيطنها ، أو بالأحرى أسلمتهم . والآن ترفع راية الدين الجديد تحت اسم ” الديانة الإبراهيمية العالمية ” . الهدف ترويض شعوب منطقتنا بالرايات التصالحية الانسانية و بإلهام روحي تاريخي لتسهيل سيطرتهم النهائية و الاستيلاء على مواردهم وابتزازهم . وما الهجوم الذي تقوم به الإمارات والشيخ محمد بن زايد اليوم على ثوابت هذه الأمة العربية والإسلامية ومعتقداتها وأساليبها ، والترويج لادعاءات الردة في الدول الإسلامية يعتبر عملا ” مخزيا مخالفا للشريعة ” ويستفز مشاعر الامة العربية و الاسلامية . لن يكسبوا منه سوى الخزي و العار . نشاهد موقف بن زايد اثناء معركة سيف القدس و العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين كانت خجولة و مخزية و مذلة للإمارات قبل كل شيئ . أنظر الى سياق إدانة الإمارات للعدوان الإسرائيلي على غزة كان على النحو التالي : أكد بن زايد إدانته لـ “كل أشكال العنف والكراهية التي تتعارض مع القيم الإنسانية ” ، بينما لم يتحدث قط عما يحدث في قطاع غزة . في المستقبل القريب ، سيضع هذا الموقف الإمارات في موقف صعب . يرجع ذلك إلى تنامي المشاعر المؤيدة للفلسطينيين حول العالم ، بما في ذلك في دول الخليج ، إضافة إلى أن المنطقة تشهد تحولات متسارعة لصالح توسيع محور المقاومة في المنطقة . ثانياً ، الموقف الأمريكي الإسرائيلي غير مضمون مع نجاح و قرب كلا من الولايات المتحدة وإيران في التوصل إلى اتفاق نووي في المحادثات الجارية في فيينا ، و كذلك نشهد عدم قدرة الكيان الصهيوني على إخفاء حال الإرتباك والخوف والإنقسام الداخلي ، من صواريخ المقاومة الفلسطينية و ما كشفته الشاشات ووسائل الإعلام وهي ترصد كيف تمت قَرْع صافِرات الإنذار، والنزول قطعان الصهاينة إلى الملاجئ ، هذا يؤكد دور فرسان العرب الفلسطينيين الذين كشفوا زيف شعار ” الدين الإبراهيمي العالمي ” التي هي كلمة حق اراد بها الشيخ محمد بن زايد باطل . قبل ذلك صواريخ و قوة المقاومة أسقطت اتفاقيات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي . نتيجة هذه التطورات ، ستواجه الإمارات ضغوطاً من الداخل والخارج ، طالما بقيت دولة الإمارات ملتزمة بسياسة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي .
نعلم أن خروج الإمارات من التحالف مع الصهاينة أمر صعب ، حيث يتطلب قرارًا سياسيًا شجاعًا . طبيعة التحالف (التطبيع) بين الإمارات وإسرائيل استراتيجي ، تؤكد السيدة سينزيا بيانكو ، الباحثة الإيطالية المتخصصة في شؤون الخليج والشرق الأوسط ، تحالفهم استراتيجي وليس تكتيكيا وهذا يعني أن عملية التطبيع لن تتأثر وستستمر على الرغم من المشاكل التي ستواجهها الإمارات العربية ، لكن من المحتمل أن يتم تعليق تنفيذ بعض المشاريع المشتركة لبعض الوقت فقط . ان هذا الوضع الجديد في المنطقة ، بعد معركة سيف القدس ، لن يسمح للإمارات أن تملي سياستها الإقليمية . حتى اتفاقيات إبراهيم لن تلعب دورًا مهماً في الصراع المستقبلي في الشرق الأوسط وقد يكون لها دور غير مباشر . أتفق مع بيانكو عندما قال إن هذه الاتفاقيات يمكن في أحسن الأحوال أن تلعب دورًا في العلاقات الاقتصادية والتحالفات المشتركة ضد إيران . تتابع السيدة سينزيا بيانكو : ” ليس هناك شك في أن كل من تركيا وإيران ستسعيان لتحقيق مكاسب سياسية من الأحداث في فلسطين وسوف تهاجمان خصومهما الإقليميين من خلال علاقاتهما مع إسرائيل” ، قالت لـ DW. يمكن لأردوغان ، وكذلك خامنئي ، الاستفادة من حقيقة أن المملكة العربية السعودية ، أهم دولة سنية في العالم العربي ، تمكنت من تحسين العلاقات مع إسرائيل . الآن … يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيؤذي الرياض و أبو ظبي ، الذين وافقوا على علاقات سلمية وعلاقات اقتصادية جيدة مع إسرائيل بعد عقود من المواقف المتجمدة والعدائية.
وهنا نذكر أنه لا توجد خلافات بين الديانات التوحيدية اليهودية والنصرانية والإسلام ، بأنها مرتبطة بالنبي إبراهيم عليه السلام . نحن نحترم جميع الأديان على اختلاف أنواعها ، ولكن ما يسمى بـ “الدين الإبراهيمي العالمي” الذي جاء يقترح مفهومًا جديدًا لحل النزاعات والصراعات السياسية في منطقتنا ، ولا سيما الصراع العربي الإسرائيلي ، وتمرير المشروع المشؤوم صفقة القرن و تقديم حل للصراع في الشرق الأوسط ، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، من منظور إسرائيلي أمريكي ، قائم على الاستشراق الأنجلو ساكسوني والنظرية ” التوراتية ” للعهد القديم مرفوض .
تتفق الكنائس المختلفة بالإجماع على مفهوم مركزية الكتاب المقدس “العهد القديم” ومرجعيته في عقيدة جميع الطوائف المسيحية واليهودية. هل يجب أن يلتزم ” الدين الإبراهيمي العالمي ” ، بما في ذلك الإسلام ، بهذه المرجعية؟ نترك الجواب لعلماء الفقه. نشير هنا فقط إلى أن المؤرخين يؤكدون أن العهد القديم، وهو جزء أساسي من الكتاب المقدس، يعاني من العديد من سوء الفهم في تفسير جغرافيا وتاريخ الشرق الأوسط ، القديم والحديث على حد سواء ، ويعرضه في طريقة مشوهة ، بناء على أسباب سياسية واجتماعية ولاهوتية. الكتاب المقدس ليس كتابًا بالمعنى التقليدي للكلمة، ولكنه مجموعة من الكتب المختلفة التي كتبها كتّاب مختلفون في أوقات وأماكن مختلفة ، بأساليب أدبية مختلفة وخلفيات تاريخية وفكرية ومدارس لاهوت مختلفة. علاوة على ذلك، فإن معظم أسفار الكتاب المقدس هي نتاج أكثر من كاتب واحد ، وأحيانًا أكثر من مدرسة لاهوت واحدة ، وقد تمت كتابتها على فترات ، أحيانًا على مدى عدة قرون (على سبيل المثال أسفارأشعيا بين القرنين الثاني والثامن قبل الميلاد) .
انطلاقاً من مركزية الكتاب المقدس ومرجعيته في الإيمان، جاءت هذه الشعارات الدينية الزائفة كغطاء لغزوهم الإمبريالي لمنطقتنا ، و تحسين صورتهم وتظليل الرأي العام العالمي. إذا عدنا للوراء قليلاً ، سنجد أن غزو العراق تم تحت الشعارات الدينية من قبل الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية، جورج بوش الابن ، الذي أعتكف في الكنيسة أثناء الغزو. قبل ذلك نجد الدعوة إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين تحت راية دينية يهودية ، حتى لو لم يكن المحتلون الصهاينة للأرض الفلسطينية متدينين حقًا. خاطب بن غوريون الميليشيات اليهودية قبل قيام دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية قائلاً: لا تتكلوا على الله في حربكم ضد العرب ، بل على سلاحكم . وأخيرًا ، رفع الرئيس الأمريكي ترامب الكتاب المقدس عند كنيسة القديس يوحنا ، بالقرب من البيت الأبيض ، لحشد المؤيدين . هكذا استخدم الغرب شعارات مختلفة وتنوعت بين علماني وديني ، المهم تخدم مصالحه. ضمن تلك الشعارات منها الآن “الدين الإبراهيمي العالمي