لم تكن الهجمات الأميركية على عدد من المواقع العسكرية في العراق وسورية في اليومين الماضيين أعمالاً فجائية، بل هي استمرار لنهج أميركي هو في صميم وظيفتها كدولة استعمارية تحمي مصالحها وتنشر قواتها خارج حدودها للضغط على كلّ من يحاول الاعتراض على تواجدها هنا وهناك!
وقد تزامنت هذه الغارات الأميركية مع محادثات اللحظات الأخيرة للملف النووي الإيراني وانتخاب ابراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية الإيرانية، وتجدّد هجمات قطعان الصهاينة على الفلسطينيين في القدس وجوارها، في وقت ترتفع فيه أصوات الذين يشكلون حجر الزاوية في صناعة الرأي العام الأميركي من الكتاب والشخصيات المرموقة للمطالبة بوضع حدّ للانحياز الأميركي المجاني، وتمزيق دول الشرق الأوسط خاصة لمصلحة «إسرائيل» والتدخل في شؤون الدول واكتساب عداوات لا مبرّر لها!
ولعلّ الرئيس جو بايدن يخطئ عندما يتصوّر انّ الهجمات على قوى يُقال إنها محسوبة على إيران من شأنها أن «تُرعب» إيران وتجعلها أكثر تسامحاً في مفاوضات الملف النووي، وهي من الدول القليلة في العالم التي تقرّر سياساتها عبر قائدها ومؤسساتها الدستورية، وبالتأكيد سمع بايدن الرئيس الإيراني المنتخب عندما قال إنه لن يلتقي الرئيس بايدن ويصافحه سواء تمّ التوصل الى نتائج إيجابية بشأن الملف النووي او لم يتمّ. وانّ الصواريخ الإيرانية البعيدة المدى ليست على طاولة الملف النووي، لا بل على الولايات المتحدة هي التي يجب عليها تقديم التنازلات وتعليق عقوباتها كاملة واحترام تعهداتها السابقة.
وسيدرك الأميركيون انّ غاراتهم الجوية في اليومين الماضيين مرشحة للتعاظم لأنّ الردّ عليها (ربما بدأ) ولن يخيف أحداً، لا بل هي محطة من المحطات الساخنة التي تسبق الانسحاب الأميركي من العراق وسورية من ضمن حرب استنزاف على الولايات المتحدة وان تتحمّل عواقبها مع إمكانية تصاعد الغارات والصواريخ المضادة وعلى نحو ما كان يجري في أفغانستان، وما استهداف «حقل العمر» النفطي والغازي الذي تسيطر عليه القوات الأميركية في سورية شرق مدينة دير الزور من قبل فصائل الحشد الشعبي سوى نموذج لهذا السيناريو الأخطر الذي يجعل القوات الأميركية في العراق وسورية في مصيدة رجال لا يريدون إلا الاستشهاد، وتحدثت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن استهداف القاعدة العسكرية لقوات الاحتلال الأميركية في حقل العمر النفطي بالقذائف الصاروخية، وتأتي الضربات في مرحلة حساسة وتتهم واشنطن فصائل عراقية مرتبطة بإيران بشنّ هجمات على منشآت عراقية تأوي عناصر أميركيين في وقت تتواصل فيه الجهود لإعادة تفعيل الاتفاق النووي مع طهران. وندّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالغارات الأميركية معتبراً إياها انتهاكاً سافراً لسيادة العراق الذي يرفض ان يكون ساحة لتصفية الحسابات .
ومن الصعب جداً ان تفهم الولايات المتحدة اي نوع يكون هؤلاء المقاتلين.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي
(البناء)