الكيان الصهيوني وأجهزة مخابراته وعلى رأسها الموساد لن يكف عن محاولات التخريب في الداخل الايراني. ولقد تمكن في بعض الحالات من ارتكاب بعض عمليات في المنشآت النووية وعمليات إغتيال وخاصة للعلماء المتخصصين في الفيزياء والبرنامج النووي الايراني والهدف من وراء ذلك هو محاولة قتل المعرفة العلمية والتكنولوجية وتراكمها وفي هذا الاطار لن تنجح هذه المحاولات البائسة بالمطلق فالمعرفة تورث من جيل الى آخر ومن عالم الى عالم آخر وهذا ما تثبته الحقائق والوقائع على الارض يوما بعد يوم.
ويكفي ان نرى ان إيران وبرغم الحصار الخانق والحرب الاقتصادية التي شنت عليها من قبل الامبريالية العالمية وعلى رأسها الامبريالية الامريكية وأذنابها وأدواتها في المنطقة منذ الثورة عام 1979 استطاعت ان تتقدم وتتطور وعلى جميع الاصعدة. وهذا ما يشهد لها اعدائها وسواء شاء البعض أم ابى فإنها أصبحت قوة إقليمية لا يستهان بها على الاطلاق. وحتى الصحافة العبرية وبعض رجالات الامن القومي في الكيان الصهيوني يشهدون بأن القوة الاقليمية هي إيران وليس “اسرائيل” التي تحاول بعض الانظمة المستبدة الخليجية الاحتماء بها والارتماء في احضانها الى درجة مقززة ومثيرة للاستغراب حتى للصهاينة أنفسهم كما هو الحال مع الامارات. هذه الدول والامارات والممالك الكرتونية لا تستطيع ان تنتج رصاصة واحدة وتستورد “المعرفة” ومظاهر “الحضارة” والروح جاهلية كما قال الشاعر وستبقى تدور في فلك العبودية لأمريكا والكيان الصهيوني وتدفع الجزية من أموال البترودولار لحمايتها.
الحرب بين إيران والأذرع الامنية للكيان الصهيوني وعلى رأسها الموساد هي حرب مفتوحة ومستمرة ولا احد ينكر ان في هذه الحرب هنالك اصطفافات في المنطقة والعالم ولسنا في وارد مناقشة هذا الموضوع هنا. ولكن من المعيب والمشين والمدان ان يصطف طرف فلسطيني الى ما يسمى “بالمعارضة الايرانية” في الخارج المعروفة بإرتباطاتها بأجهزة الاستخبارات الغربية وعلى رأسها المخابرات المركزية الامريكية والمخابرات الفرنسية ولا نستبعد ايضا الموساد الاسرائيلي في مجال تمرير المعلومات والتعاون اللوجيستي من الداخل الايراني. فقد تناقلت وسائل إعلام فلسطينية عاملة في رام الله وهي “صحيفة دنيا الوطن” في عددها الصادر 27 يوليو من ان السيد عزام الاحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عبر عن “تضامنه مع الشعب الايراني ومقاومته الوطنية وعلى رأسها مريم رجوي” وهي التي تترأس حركة مجاهدي خلق التي باعت نفسها لأجهزة الاستخبارات الغربية بعد الثورة الايرانية مع انها كحركة شاركت في الثورة عام 1979.
وبحسب الصحيفة قال الاحمد” ونحن نفتخر في فلسطين بعلاقات الصداقة والاخوة التي تربطنا مع المقاومة الايرانية منذ عقود تزيد عن نصف قرن. هذه العلاقة النضالية الاخوية نناضل معا من أجل قهر الظلم وأعمال البطش والتخلف سواء انتم في داخل إيران من اجل نيل حريتكم …”.
وبعيدا عن السياسة يحق لنا أن نتساءل من نصب السيد عزام الاحمد ان يتحدث بإسم الشعب الفلسطيني والقول ” نحن في فلسطين” وكأن شعبنا يقف مع هذه الحركة الضالعة في الخيانة والمستقوية بالاجنبي على بلدها وشعبها؟ لو قال نحن في حركة فتح هذا شأنه أما ان يلف كل الشعب الفلسطيني بهكذا تصريح مشين فهذا غير مقبول ومدان بكل المقاييس. إذا وصل الحقد الدفين الذي يكنه عزام الاحمد الى المقاومة الفلسطينية وخاصة لحركة حماس التي لا تنكر ان إيران قدمت لهم السلاح والتدريب والخبرات العسكرية والتصنيع العسكري لان يصطف الى المعسكر المعادي لإيران والمقاومة بشكل عام فهذا قمة الغباء السياسي وتصرف صبياني وإنفعالي لا يليق بعضو لجنة مركزية لحركة فتح.
والغريب انه بينما يصرح السيد عزام هذه التصريحات ويعلن اصطفافه علانية مع المحور المعادي لإيران نجد ان السيد عباس زكي قد زار إيران وتصريحاته بعيدة كل البعد عن السيد عزام. والسيد عباس زكي هو ايضا عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح فكيف نفسر هذه المواقف المتضاربة ؟ هل من احد يرشدنا نحن البسطاء فهذه التصريحات والمشاركة في المؤتمر السنوي لحركة مجاهدي خلق الايرانية لا تأتي من فراغ او عن جهالة او استعباطا من أكبر فصيل عامل على الساحة الفلسطينية والمهيمن على السلطة ومنظمة التحرير المهمشة والاغلب ان هذه الخطوة تأتي ضمن ترتيب الاوضاع في المنطقة والتي لم تعد خافية على أحد.
* كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني