أدى الرئيس الإيراني الجديد، والرئيس السابق للسلطة القضائية البالغ 60 عاما، المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى اليوم الخميس، في بداية ولاية من أربعة أعوام سيكون خلالها أمام تحديات تحسين وضع الاقتصاد الخاضع لعقوبات أمريكية والمتأثر بتبعات الأزمة الصحية.
وسيكون رئيسي أمام ملفات خارجية شائكة أبرزها التوترات مع الغرب ومفاوضات إحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي الذي انسحبت واشنطن أحاديا منه قبل ثلاثة أعوام.
وفاز رئيسي في انتخابات حزيران/يونيو، ويخلف المعتدل حسن روحاني الذي طبعت عهده (2013-2021) سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز ثمارها إبرام الاتفاق النووي عام 2015 في فيينا، ما أتاح رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية.
وفي خطاب بعد تنصيبه الثلاثاء الماضي من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ركز رئيسي على أولوية الوضع الاقتصادي. وقال “نسعى بالطبع الى رفع الحظر الجائر، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب”، مضيفا “لا نرى أن الوضع الاقتصادي للشعب ملائم، بسبب عدائية الأعداء وأيضا بسبب المشكلات والثغرات في داخل البلاد”.
ودخلت إيران في أزمة اقتصادية ومعيشية حادة مذ قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا من الاتفاق النووي المبرم بين إيران وست قوى كبرى، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران ضمن سياسة “ضغوط قصوى” اعتمدها حيالها على مدى أعوام.
وأدي رئيسي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) في مراسم بدأت عند الخامسة بعد ظهر اليوم بالتوقيت المحلي (12:30 ت غ).
وحسب وسائل إعلام محلية سيطرح الرئيس على المجلس الذي يهيمن عليه المحافظون في اليوم نفسه أسماء مرشحيه للمناصب الحكومية لدراسة منحهم الثقة، من دون أن ينتظر مهلة الأسبوعين التي تتيحها له القوانين.
وحضرت شخصيات عدة لحضور أداء اليمين، مثل الرئيس العراقي برهم صالح ورؤساء برلمانات دول مثل سوريا وأوزبكستان وطاجيكستان وأخرى إفريقية.
كما حضر الى طهران الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا الذي يتولى مهمة التسهيل في المفاوضات النووية في فيينا. وهو التقى الأربعاء وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، ويتوقع أن يمثل الاتحاد القاري في حفل أداء اليمين، وفق وسائل إعلام محلية.
ويتولى رئيسي منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع بها واشنطن عقوباتها في مقابل عودة إيران لالتزام تعهدات نووية تراجعت عنها بعد الانسحاب.
كما يأتي العهد الرئاسي الجديد في ظل توتر متجدد على خلفية توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل اتهامات لإيران باستهداف ناقلة نفط يشغّلها رجل أعمال إسرائيلي في بحر العرب الأسبوع الماضي، وهو ما نفته طهران بشدة.
“تحديات عدة”
بدأ رئيسي نشاطه في مقر الرئاسة اعتبارا من أمس الأربعاء، فترأس اجتماعا لمسؤولين معنيين بمكافحة كوفيد-19، إضافة الى اجتماع لوزراء في حكومة الرئيس المنتهية ولايته، وفق ما أفاد الموقع الالكتروني للرئاسة.
وتصدرت صورة رئيسي خلال حفل التنصيب الى جانب خامنئي، الصفحات الأولى للصحف الإيرانية الصادرة الأربعاء، ترافقها تحليلات عن مهماته الجديدة.
ورأت صحيفة “كيهان” المحسوبة على المحافظين المتشددين، أن رئيسي سيكون خلال ولايته على رأس السلطة التنفيذية، أمام “تحديات عدة بسبب العدد المرتفع من المشكلات” التي تواجهها البلاد، ومنها “نسبة تضخم غير مسبوقة”، “الأسعار الخيالية للسكن”، و”الفساد”.
من جهتها، أبدت صحيفة “شرق” الإصلاحية أملها في ان “تترك الألاعيب السياسية (الداخلية) مكانها الى تنافسات ثقافية سليمة”، وأن يتم في الحكومة الجديدة الاستماع الى “أصوات متنوعة”.
ويتوقع أن يؤدي تولي رئيسي للرئاسة الى تعزيز إمساك التيار المحافظ بهيئات الحكم في الجمهورية الإسلامية، بعد الفوز العريض الذي حققه في الانتخابات التشريعية التي أجريت في شباط/فبراير 2020، وشهدت استبعاد آلاف المرشحين من المعتدلين والإصلاحيين.
ونال رئيسي نحو 62 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي بعد استبعاد ترشيحات شخصيات بارزة، وشهدت نسبة مشاركة (48,8 بالمئة) هي الأدنى في استحقاق رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
وحضت صحيفة “جوان” المحافظة الحكومة المقبلة على “وضع مشاريع محددة موضع التنفيذ من أجل حل المشكلات الطارئة وذات الأولوية” وطي صفحة “جزء كبير من مشاغل الشعب في الوقت الراهن”، خصوصا في مجالات المياه والكهرباء والتلقيح المضاد لفيروس كورونا.
وشهدت مناطق في جنوب غرب إيران احتجاجات الشهر الماضي على خلفية شح المياه، بينما سجلت انقطاعات للكهرباء في مدن كبرى منذ أسابيع.
وتعد إيران أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بجائحة كوفيد-19، وسجلت رسميا أكثر من 92 ألف وفاة من أصل أكثر من أربعة ملايين إصابة، بينما تمضي حملة التلقيح دون السرعة المأمولة.
فرانس24/ أ ف ب