الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

منظومة الإخوان..ومناوراتها “الشرّيرة”!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

لا يختلف إثنان في تقدير هذه الأحداث وهذه الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد التونسية اليوم ليست من محض الصدفة ولكنها كانت نتيجة تراكمات من الاحباطات في تسيير دواليب الدولة و الحكومات المتعاقبة والفشل في إدارة الأزمات التي مرت بها البلاد في عهد العشريّة السّوداء ، لتكشف عن حصيلة أخرى لفشل حركة النهضة الإخوانية و من لفّ لفّها وسياساتها في البلاد و في إدارة الدولة التونسية ومحاولتهم جر البلاد في صراعات جانبية و الركوب على أحداثها..

لا يحتاج تشخيص الأزمات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية إلى كثير من التعمّق والبحث والتحليل، فجميع الأسباب باتت واضحة وصريحة، لكن المشكلة الرئيسية كانت ولا تزال في حلول تلك الأزمات التي خلّفتها العشريّة السّوداء .. مشكلتنا في تونس أنّ بناء الدولة طيلة السنوات العشر الماضية لم يكن في حالات عديدة غاية القوى السياسية أو الحزبية أو الاجتماعية، بقدر ما كان حاجة لبعضها للتسلّط و التعامل مع الدولة بعقلية الغنيمة، وبالتالي تم بناء منظومة “أنانية_ غنائمية” تستحوذ على كل شيء، في دولة لا تملك من يراقب ويحاسب في مؤسساتها ، وهذه كلها نتاج طبيعي أفرزتها وبلورتها وقادت إليها منظومات الفساد السلطوي التي لا تخضع لأي قانون، ولا تجد من يحاسبها أو يراقب أعمالها..مما جعل الدولة تبقى في دوامة من الفشل والشلل السياسي الحاد.. و بالتالي ؛ اليوم أم المعارك؛ محاسبة الفاسدين و تفكيك منظومة مافيا المال والسياسة التي تتحكم في مصير تونس هي الأولوية القصوى من أجل إنقاذ ما تبقى من الدولة..

مؤامرات بعض الأطراف السياسية على وطنهم أصبحت مكشوفة، لا تحتاج لدلائل وقرائن لإثبات محاولات زعزعة إستقرار الوطن ومحاولة إحداث شقاق لخدمة أطراف معيّنة تعمل وفق أجندة أجنبية مموّلة بمليارات الدولارات لإفشال المسار التصحيحي .. و سوف تظل المنظومة تعمل في الغرف المظلمة وتعقد صفقات علنية مع بعض الأطراف الداخلية و الخارجية ، ولكن يظل الرهان معقوداً على وعي الشّعب التونسي العظيم الذي يعرف أنّ الديمقراطية لا تنبت في أحضان الفساد وأنّ الدين ليس جسراً للحكم.. و التوّنسيّون المتشبّثون بالمسار التصحيحي وأهدافه، لا يحلمون إلاّ بطيّ هذه الصفحة التعيسة وتصحيح المسار، لأن الحديث عن إنقلاب و الخوف المبالغ فيه من قرارات رئيس الجمهورية مناورة للعودة إلى سدة الحكم و إفشال إرادة الأغلبية الساحقة من التونسيين الذين اسقطوا شرعيّة مزيّفة.. و حيلة حماية الديمقراطية المزعومة لم تنطل إلاّ على القطيع، و لا تدلّ إلاّ على عجز المنظومة السياسية و أذيالها ، ولطالما استعملت المناورات لتبرير الفشل و الإستبداد .. والشّعب التونسي أصبح يتابع ما يدور في البلاد و لن تنطلي عليه سياسة التكمبين و الترهدين وبات على دراية كافية بما يجول ببال المتلّونين و المتآمرين من سيناريوهات محبوكة في حدود مصالحها الضيقة، دون مراعاة حقيقية لمصالح البلاد وما تحتاجه كل مرحلة من خطط وتدابير تتماشى مع متطلبات المرحلة الإستثنائية.. إذ لابدّ على التونسيين الأحرار أن يدركوا حجم أخطبوط الفساد الجاثم على الدولة و أنّ الرئيس قيس سعيّد هو الفرصة الوحيدة لإنقاذ البلاد من الخطر الجاثم على الدولة و الكاتم لأنفاسها، و لن يتحقق ذلك، إلاّ بتطهير البلاد من القيود السّامة لهذا الاخطبوط و لن يكون ذلك، إلاّ بتطهير القضاء..

كعادتهم يسعى المُزايدون والانتهازيون والمنافقون السياسيون و المستنجدون بالخارج و هُواة الركوب على الأحداث و المتمعشون من منظومة الخراب و بعض القوى الأجنبية الإستعمارية إلى إجهاض كل عمل وطني عظيم فيه خير واستقرار وأمن وتطور وسلام لهذا الوطن من أجل ذاتهم وتحقيق مصالحهم و من أجل تشليك الدولة و من أجل طموحات مافيا الدولة العميقة التي تقف خلفهم من وراء الستار ، نحن بحاجة لتعرية حقيقة هؤلاء وأهدافهم وغاياتهم، والوقوف صفاً واحداً في محاربتهم بكل الأشكال القانونية و السلميّة والتصدي لخطرهم على الوطن والمجتمع، و تجفيف المستنقعات الموبوءة التي يتواجد وينشط من خلالها المنافقون والمزايدون والانتهازيون بكل ألوانهم ومواقفهم، والواجب يفرض الحذر منهم وتعريتهم بإستمرار حتى لا يظلّوا في تزييف الوعي والاستمرار في خداع الناس، ‏احذروا المتلونين في السياسية لأجل مصالحهم و مصالح مشغليهم و مموليهم من الداخل والخارج، و هم كائنات لا يعول عليها في بناء الأوطان ولا تصدقوهم لانهم سيبيعونكم عند اول مفترق طرق..هؤلاء سقطوا سياسيا و أخلاقيا و شعبيا..

هشاشة الديمقراطية في السنوات الماضية وعثراتها المتكررة من جانب ، ومحاولات تطويعها وتسخيرها لخدمة أهداف ومآرب تستهدف أصلَها وبقاءَها وتطبيقَيها الحقيقي من جانب آخر، حرمت بلداً مثل تونس ورغم إمكانياتها الهائلة وذكاء شعبها العظيم، من بناء مؤسساته الدستورية بناء تكامليا أكثر تطورا ونضجا، وأضاعت فيه هيبة القانون وسيادة النظام لصالح الترهل في مؤسسات الدولة وتفشي المحسوبية والتحريض على كل أنواع الفساد، وأخفقت في صهر مكوناته البشرية حول وحدة وطنية حقيقية، فبعد سنوات طوال قضتها تونس تحت حكم نظام ذو حزب واحد، ثار عليه الشعب التونسي مُطالباً بالحرية و الكرامة وامتلك إرادته وسلك الطريق وتمسّك به و أطاح بالنظام الأسبق ، و حتى بعد تغيير النظام إلى “برلمان سياسي متعدد الأحزاب” قامت هذه النخبة ومعها النظام الهجين بالتدخل والتلاعب بإرادة الشعب من خلال الوصاية البيروقراطية و التعامل مع الدولة بمنطق الغنيمة والولاءات وحاولت دائما أن تفرض نفسها على الشعب لتكون رأيه وإرادته التي لا يرغب،

أمام جشع الإخوان وتعنّتهم، ومحاولات اختطاف الدولة وسلطاتها، لم يجد الرئيس قيس سعيد حلا سوى تفعيل الفصل 80 من الدستور التونسى، وهو ما يمنحه الحق فى اتخاذ إجراءات وتدابير استثنائية لآجال محدودة، بغرض دفع أو التصدى لمخاطر وأزمات تهدد الدولة ونظامها، فى المقابل سعت جماعة الإخوان وحلفاؤها وداعموها من الداخل والخارج إلى استهداف هذه الإجراءات المستجيبة للشارع، والمدعومة منه.. ان اجراءات رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 25 جويلية 2021 ، و القرارات في 22 سبتمبر 2021 خطوة هامة في اتّجاه إنقاذ البلاد من منظومة التدمير الممنهج للدولة وتجذير خيار القطع مع عشريّة الخراب والدمار والفساد والافساد ومع خيارات حكومات لم تكن سوى واجهة لحكم بارونات المافيا بقيادة حركة النهضة وحلفائها ، وتم بذلك تجنب الأسوأ وتفادي الوقوع في حالة إنهيار للدولة و قطع الطريق أمام كل أنواع المغامرات التي يصعب التكهن بعواقبها على مصير مسار انتقال ديمقراطي معقّد ومتعثّر لكنه نجح في كل مرة في تفادي الانهيار والانقياد نحو المجهول بأعجوبة.. وحتى تدخل البلاد في مرحلة جديدة يتم خلالها استخلاص الدروس من سلبيات المراحل الفارطة، لابدّ من الإسراع بإتجاه إتّباع خارطة طريق تضمن عدم عودتنا إلى الوراء ، و تطهير البلاد و تطهير القضاء ، و إتخاذ قرارات جديدة تتبنى فلسفة الحكم في المرحلة الإستثنائية تُأسس إلى الجمهورية الثالثة المنشودة على قيم الجمهورية والمواطنة الحقيقية والعدالة الإجتماعية وجميع مقومات دولة القانون وضمان وحدة الدولة وتجنب أشكال الحكم الهجينة أو الأنماط التي أكدت التجارب السابقة فشلها.. و أن تعمل الحكومة على الإستجابة السريعة للحاجيات التنموية والمعيشية الملحة للمواطنين في مختلف المجالات والجهات والقطاعات الاستراتيجية وذلك لإرجاع أجواء الثقة في المستقبل لدى التونسيات والتونسيين الذين انتشرت بينهم مشاعر الحيرة والخوف على أنفسهم وعلى بلادهم..، فتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد والتخلص من العقبات السياسية والقانونية التي تتميز بالكثير من السلبية وتمثل ضغوطات رهيبة على فئات كثيرة من المجتمع التونسي برسم خارطة طريق واضحة المعالم نحو دولة كل التونسيين و رسم سياسة خارجية تتمتع بالاستقلالية والتأثير و ضرورة فرض هيبة الدولة من خلال تطبيق القانون على الجميع دون استثناء على مافيا الفساد و الفاسدين ، و طبعا هذه الرؤية لا تقبل بها منظومة تونس القديمة كما عارضتها وبشدة القوى الدولية الخارجية التي لا ترغب بتونس جديدة .. مناورات و تضييقات و مؤامرات و صراعات هائلة ولكن الرئيس يريد تحقيق الإنتصار للتونسيين بسنده ومدده وسلاحه الوحيد، الشّعب التونسي العظيم.. !!

أعداء هذا الشعب وهذه الأمة قد إتّحدوا ومستعدون للقيام بأي ألاعيب مهما بلغت قذارتها، لكن هذا الشعب الذي هب واقفا لن يسمح بمرور خططهم وألاعيبهم ولن يسمح للحياة أن تدب فيما تربو إليه نفوسهم الإرهابية، هذا الشعب لم يستسلم ولن يستسلم…

الولاء لله أولاً و ثم للوطن و المجد لتونس و السيادة للشّعب..

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024