الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

 كتبت دانييلا قرعان: عندما يتم استغلال الدراما للإساءة للقضية الفلسطينية

عندما يكون العمل لا علاقة له بالفن تحدث المصيبة، وعندما يكون العمل فيه استغلال لقضية عالية الرمزية كالقضية الفلسطينية هنا المصيبة الأكبر، وعنما يشوه العمل إنجاز وتجربة الأسرى الفلسطينيين بالخصوص وفيه مؤشرات لا يستفاد منها إلا الاحتلال هنا أيضا مصيبة عظمى، وعندما يكون العمل مرفوض جملة وتفصيلا من كافة الجهات والشعوب ولا يستند إلا الى الأكاذيب التي حولته الى أداة تخدم الاحتلال الإسرائيلي هنا مصيبة يجب العمل على وقفها بشكل صارم.

فيلم أميرة ليس هو العمل الدرامي الأول الذي أساء للقضية الفلسطينية بشكل عام وقضية الاسرى الفلسطينيين بشكل خاص، وإنما هنالك الكثير من الاعمال الدرامية التي سبقت هذا الفيلم قد أساءت بشكل مباشر أو غير مباشر للقضية الفلسطينية وهي القضية العربية الأولى وهي محور واهتمام العرب والعالم أجمع. لكن لم تكن هنالك صدود شعبية ورقابية وحكومية للكثير من الاعمال التي خدمت الاحتلال الإسرائيلي، ومن المعروف أن الاحتلال يتفوق ليس عسكريا وإنما إعلاميا على العرب، فهو يعتمد بشكل كبير على الحرب الإعلامية بكافة منصات مواقع التواصل الاجتماعي وبذلك هو يروج لنفسه ويدعم موقفه عن طريق الاعلام والاعمال الدرامية والفنية سواء كانت مسلسلات بعدد لا بأس به من الحلقات التي لا تمت بالواقع بأي صله وإنما جاءت لخدمة أهدافهم ومزاعمهم، وكذلك الأفلام القصيرة التي تجني ثمار أهدافهم بشكل مباشر.
في المقابل بعض الاعمال الدرامية وأذكر منها مسلسل “التغريبة الفلسطينية ” في عام 2004 ويعتبر من أهم الاعمال وأفضل معالجة درامية التي تناولت القضية الفلسطينية بكل جزيئاتها وهو مسلسل دراما تاريخي، ويعد واحدا من أشهر ما انتجته الدراما العربية في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية حتى وإن جاءت بعض حلقاته تخدم العمل الفني لكن بالمجمل سلط الضوء على القضية الفلسطينية بشكل ناجح وممتاز، بحيث يلقي المسلسل الضوء على القضية الفلسطينية من خلال قصة أسرة ريفية فلسطينية في الثلاثينات من القرن الماضي، مرورا بالعديد من الاحداث الهامة حتى نكسة يونيو عام 1967، وكيفية صمود أفراد الاسرة على الرغم ما واجهوه من اخطار الحرب، وهو حال العديد من الاسر الفلسطينية سابقا وحاليا ولاحقا.
يروي المسلسل والذي أعتبره أهم ما جاء بالدراما العربية الذي يخدم قضيتنا الأولى القضية الفلسطينية، قصة أسرة فلسطينية فقيرة تكافح من أجل البقاء في ظل الاحتلال البريطاني ثم خلال الثورة الفلسطينية، وفي خيم اللجوء بعد النكبة، حيث تلخص الأحداث التي مرت بها هذه الأسرة حقبة تاريخية هامة في حياة الفلسطينيين امتدت ما بين ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي. تكمن أهمية العمل وعبقريته أنه لم يلخص فقط تاريخ تلك المرحلة، بل استعرض كذلك الحياة الاجتماعية الفلسطينية بأطيافها وطبقاتها المختلفة، إذ تميز بتنوع شخصياته، فضم الفلاح والعامل والشاعر والمثقف والثائر والإقطاعي وحتى الخائن لوطنه. الأداء المخضرم لممثلي العمل، والذي استطاع أن يمس شغاف قلوب المتابعين، ساهم إلى حد كبير في إنجاحه.
وهنالك العديد من المسلسلات اذكر منها ” عائد الى حيفا، أنا القدس في عام 2015، الاجتياح في عام 2004، الاغراب، الروح في عام 2014، مسلسل الفدائي الجزء الأول في عام 2015، ومسلسل الفدائي الجزء الثاني في عام 2016، حيث تناول الجزء الأول والثاني من مسلسل الفدائي قضيتي الاسرى في السجون الإسرائيلية والتهويد التي تتعرض له الضفة الغربية “.
لذلك هنالك جانبان للعمل الدرامي جانب مشرق وجانب مظلم، فالجانب المشرق يتناول ليس فقط القضية الفلسطينية وانما بعض القضايا المهمة التي تهم الشارع العربي والقضايا العربية بسرد حقيقي وممتع وأقرب للواقع، ويطرح فكرة تجذب المشاهد بطريقة ذكية وتتبلور على هذه الفكرة أحداث مهمة يجني ثمارها جميع طاقم العمل وتعالج بعض القضايا الشائكة. لكن عندما نتحدث عن عمل درامي يخدم أم القضايا العربية القضية الفلسطينية فيجب عليه أن يكون بمقدار وحجم هذه القضية التي أصبحت عالمية، وان يكون احداث العمل احداث حقيقية تلامس الوجع الفلسطيني والعربي. أما الجانب المظلم للعمل الدرامي كمسلسل اميرة وغيره يتناول القضية باتجاه معكوس يخدم مصالح الاحتلال أكثر ما يخدم القضية الفلسطينية، وهو بعيد كل البعد عن الواقع الحقيقي الفلسطيني وواقع الاسرى الفلسطينية في سجون الاحتلال. والكثير من المسلسلات وخصوصا في رمضان تحتوي على الكثير من المغالطات التاريخية والسياسية وصلت الى حد المساس بجوهر الرواية القومية العربية عن هذا الصراع، الذي شكل وما زال جوهر دفاع الامة عن ذاتها ووجودها، وهذه المغالطات تضرب حصانة المشروع القومي وتدخل في خانة التشكيك بحيث تُستغل من الطرف الآخر، معتبراً أن تقديم الرواية المضادة والتجريح في الرواية القومية يعدّ خدمة للعدو وتسويقاً لافتراءاته وأكاذيبه، وهو ما لا يقبله أي عربي حر. ليس فقط فيلم اميره الذي خدم الاحتلال بشكل كبير، فقد سبقه او تزامن معه مسلسل ” أم هارون ” و ” محمد علي ورد ” حيث تعرض لاتهامات تتعلق بالترويج للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني والإساءة لشائح في المجتمع الكويتي والمجتمع العربي، ويشوه الحقائق التاريخية.
الحديث في هذا الموضوع يطل كثيرا لكن عندما يتم توظيف الاعمال الدراما لخدمة القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، نكون بذلك لقنا الاحتلال الصهيوني درسا وحربا يجعله يراجع خطوة ويفشل في نشر سياساته التي تخدم المشروع الصهيوني.

شاهد أيضاً

الطبقة السياسية الفلسطينية كعائق أمام استنهاض الحالة الوطنية…بقلم إبراهيم أبراش

يأخذ عليَّ بعض الأصدقاء تزايد كتاباتي في الفترة الأخيرة عن الوضع الفلسطيني الداخلي وانتقادي لقيادة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024