لمن لا يعرف المعنى الدقيق للقتل الميداني فهو ما جسدته اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في ظهر يوم الثلاثاء الثامن من شباط في وضح النهار في مدينة نابلس بحق ثلاثة شباب فلسطينيين من ابطال كتائب الاقصى حراس المشروع الوطني الفلسطيني الذين نذروا انفسهم من اجل حماية وتجسيد هذا المشروع ورفع الظلم والجبروت الصهيوني العنصري عن شعبهم وقد نالوا الشهادة كما تمنوا ولكنها لم تكن شهادة كما ارادوا لها ان تكون بهذه الوسيلة غن طريق الغدر الذي شاهده العالم اجمع وعلى ايدي جبناء من قوات الاحتلال الصهيوني الذين وصلوا الى المكان بسيارتين احداهعما مدنية والاخرى سيارة اجرة وافرغوا طلقات بنادقهم في جسد السيارة التي كانت تقلهم ومنه الى اجساد الابطال الطاهرة بداخلها فتحولت الى اشلاء .
اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وكما صار يعرف العالم اجمع هي دولة فصل عنصري وجرائم ضد الانسانية وهو ما اكدت عليه معظم المنظمات الوازنة والمختصة في مجال حقوق الانسان مثل هيومن رايتس ووتش وبيتسيلم اللتين مهدتا الطريق لولادة تقرير منظمة العفو الدولية (امنستي) في الاول من هذا الشهر وذلك بعد بحث وتقصي من قبل هذه الاخيرة استمر لفترة أربع سنوات وتوصلت هذه المنظمة العريقة الى استنتاج غير قابل للشك بان اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تمارس الهيمنة والجريمة ضد الانسانية وبقية كل مكونات نظام الانارتهايد /التمييز العنصري غير الانساني، بحسب تفسير القانون الدولي للابارتهايد وذلك بحق كل الفلسطينيين وليس فقط من هم تحت احتلالها المباشر وانما ايضا سكان المخيمات من ضحايا التهجير القسري الذي تم على ايدي العصابات الصهيونية في حرب النكبة سنة 1948.
وهنا نحن لسنا بصدد اعادة ما جاء في التقرير المكون من حوالي 274 صفحة كونه اخذ حقه في الانتشار واسمع حتى من به صمم في كل ارجاء المعمورة باستثناء الصم والبكم وعميان البصيرة من مقترفي جريمة الفصل العنصري والجرائم ضد الانسانية من الصهاينة وحلفائهم الذين اقترفوا جريمة الشراكة في كل ما ورد في التقرير وذلك بمجرد رفضهم للتقرير او التغاضي عن ما ورد فيه حماية للمجرم ودون اي اعتبار للضحايا الفلسطينيين وعذاباتهم وكانهم شعب فائض على وجه الارض خصوصا وان نظام الابرتهايد الذي تمارسه اسرائيل بحق الفسطينيين هو عمل مجُرَم ومُحَرَم دوليا ولمن لا يعرف معنى الابارتهايد فليتابع فقط ما تمارسه اسرائيل بحق الفلسطينيين.
ما حدث في نابلس من قتل ميداني لا يجب ان يتوقف عند حدود الاضراب العام ليوم واحد والشجب والشكوى لغير الله خصوصا وان الذي حدث ليس مجرد جريمة عابرة حصلت لاول مرة وانما هي تجسيد لطبيعة صهيونية تمارسها دولة الاحتلال بهدف تركيع وتطويع الفلسطينيين وفرض نظام الاحتلال الابارتهايدي عليهم بكل ما فيه من قسوة وعداء للانسانية والسبب في كل ذلك هو غياب العدالة والمسائلة الدولية لهذا الكيان المارق .
ما شاهدته وقرأته عبر وسائل السوشيال ميديا حول الجريمة النكراء التي نحن بصددها لم يفاجئني ليس لكونه فقط مُكوِن من مكونات الابارتهايد الصهيوني بحق الفلسطينيين ولكن لاني كنت قد شاهدته شخصيا بام عيني ابان الانتفاضة الثانية في شارع بيتونيا في رام الله حيث اوقفت قوات الاحتلال سيارة مدنية فلسطينية صغيرة وبها ثلاث اشخاص ثم انهالوا على السيارة بالرصاص من ثلاث جهات تماما كما حصل في نابلس وهو ما حصل ويحصل ايضا في كل الاعدامات الميدانية التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق العزل من الفلسطينيين ومن نقطة الصفر في معظم الاحيان ، هذا السلوك الصهيوني غير الانساني بنظري لن يتوقف طالما بقي الوضع على ما هو عليه محليا بالسكوت على الامر الواقع والتعايش معه خصوصا وان هكذا وضع هو اصلا يعتبر شاذ كونه تحت الاحتلال .
الوضع القائم والاستسلام له واستمراره وللاسف يبعث برسائل خاطئة لكل العالم وكانه وضع طبيعي مقبول من كلا الطرفين المجرم والضحية كونه وضع هاديء لا يعكر صفوه سوى اطلاق نار من جانب واحد وهو المحتل خصوصا وان ما حدث في نابلس ظَهَر وكأنه مجرد حدث عابر من قبل هذا المتل كونه لم يثر اي ردة فعل مماثلة من قبل الضحايا كما يفترض قانون الطبيعة “لكل فعل رد فعل ” وبالتالي فانه من غير المتوقع لهذا الفعل وغيره و بالرغم من بشاعته ان يثير اية ردود فعل من قبل الاخرين وهو ما سيشجع اسرائيل على التمادي في جرائمها
اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ، بسياستها وممارساتها وعنجهيتها وطبيعتها العنصرية التي لم تعد خافية على احد وبفضل ثورة تكنولوجيا التواصل من المفروض ان تجعل من اسرائيل ليس عارا فقط وانما مسؤولية استراتيجية على كل الدول التي تعترف بها وتساندها وتحديدا الديمقراطيات الغربية الحليفة لاسرائيل والتي اعتقد جازما بانه اصبح لزاما على هذه الدول ان تحمي ديمقراطياتها من سوس الديمقراطية الصهيونية الذي يشق طريقه يوما بعد اخر الى عظم كل الديمقراطيات التي تتحالف مع اسرائيل وهي تمدها بكل ما تحتاجه من شبكات دخان لتغطي به على كل ما تقترفه دولة الاحتلال من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بحق الفلسطينيين.
في وسط كل هذا الظلم والظلام العالمي ياتي تقرير منظمة العفو الدولية (امنستي) ليشعل فتيل حق لصالح الضحايا الفلسطينيين ولكن هذا الفتيل سرعان ما سيخفت وينطفيء من جراء العاصفة الصهيونية التي هبت بجنون في وجهه بعد ان اسقط هذا التقرير بالبراهين والشهادات كل اوراق التوت عن عورة الصهيونية كحركة جرائم عنصرية ، الا وهذه الا كبيرة اذا هبت عاصفة حق من قبل الضحايا الفلسطينيين في وجه عاصفة الباطل الصهيوني بعد ان ثبت وبدون ادنى شك وفي ظل استمرار هكذا احتلال احلالي عنصري بان الضحايا ان استسلموا سيموتوا وان قاموموا سيموتوا وعلى الضحايا ان تقرر ماذا هي فاعلة الاستسلام او المقاومة.