مرّ “قطوع” 15 ايّار في لبنان على خير لكن بنتائج لم ترقَ الى مستوى ما خطّط له المحور الأميركي-الإسرائيلي-السعودي، الذي بدأ باكرا في التّجهيز والتخطيط لمعركة قلب الأكثريّة النّيابية بغية إقصاء حزب الله وتسديد ضربة كبيرة لحليفه البرتقاليّ.. معركةٌ سُخّرت لها كل الأدوات وإعلام معادي في الداخل والخارج وأموال سعوديّة فاقت الخيال، والسّلاح المذهبي في وجه الحزب على نحو غير مسبوق وعُمّم شعار “الإحتلال الإيراني” عنوانا واحدا موحّدا لدى جميع الأحزاب والشخصيّات والتيارات المناهضة للمقاومة على مدى شهور، فيما كان السّفير السعودي لدى لبنان يصول ويجول بين المناطق اللبنانية ولم يجد حرجا في تدخلّه الفاقع بتفاصيل اللوائح الإنتخابية والشؤون الداخلية اللبنانية امام أعيُن المسؤولين اللبنانيين، والأمرُ نفسه انسحب على السفيرة الأميركية التي رُصد حراكها وتوجيهها وتجهيزها للمعركة الانتخابية باكرا جدا.. صحيح انّ المحور الأميركي-“الإسرائيلي” برأس حربته السعودية استطاع إدخال اقطاب من “ثورة 17 تشرين” وشخصيّات من المنظمات المحسوبة عليه الى البرلمان، الا انه لم يستطع تأمين فوز كاسح لرئيس حزب القوات اليميني سمير جعجع كما كان مخططا، ولتأتي المفاجأة في صمود التيّار الوطني الحرّ وحفاظه على كتلته التمثيليّة رغم الحرب الداخلية والخارجية الشرسة على عهد الرئيس ميشال عون.. لتؤول المحصّلة بالمعني الأوّل والرئيسي بهذه المعركة، وهو حزبُ الله، الى ضربة غير متوقّعة تلقاها الحلف المعادي، في حفاظه على كتلته رغم خسارة بعض الحلفاء المحسوبين عليه.. كتلةٌ ثبّتتها رافعة بيئة المقاومة رغم كل محاولات فصل وتأليب هذه البيئة على المقاومة.
إنتهت معركة ” كسر العضم” لتبدأ مرحلة يتوقّعها متابعون ومحلّلون سياسيون محفوفة بالمخاطر في لبنان، ولربما يؤشّر” تنبيه ” حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد غيرالمسبوق غداة صدور النتائج الأوليّة ” الى من يعنيهم الأمر” من الطارئين الجُدد الى البرلمان، ل”سخونة” مُرتقبة ستوسم هذه المرحلة، في تصويبه على قبول الحزب بهم اخصاما في البرلمان، لكنه توعّدهم”اذا ارتضوا ان يكونوا دروعا “اسرائيلية فيه”، في وقت عاد التهديد “الإسرائيلي” لإيران ليطفو على المشهد الإقليمي بوتيرة عالية السّقف، على وقع استمرار المناورات العسكرية “الإسرائيلية” الكبرى “مركبات النار”، والتي ستشهد مرحلتها الأخيرة محاكاة لهجوم جوّي على ايران، يشارك فيها سلاح الجوّ الأميركي الى جانب نظيره “الإسرائيلي”، وتضطلع فيها الطائرات الأميركية بمهمة تزويد المقاتلات “الإسرائيلية” بالوقود في طريقها الى اهدافها.
وفيما توقّف محللون عسكريون “اسرائيليون” امام ما اعتبروه “جدّية” تهديد وزير الحرب بيني غانتس حيال عزم قصف المنشآت النووية الإيرانية، والذي توجّه الى واشنطن في وقت متأخر من ليل اوّل امس دون انتظار الموعد المحدّد للزيارة، للتنسيق مع المسؤولين العسكريين الأميركيين، خصوصا وانّ قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا وصل الى “اسرائيل” في اوّل زيارة له منذ تولّيه مهامه للقاء رئيس الأركان افيف كوخافي، يُطرح السؤال ازاء “جدّية” ما يصوّب عليه بني غانتس وباقي المسؤولين الأمنيين “الإسرائيليين”، عن الضربة المزعومة لمنشآت ايران النووية بالشراكة مع واشنطن!.. وهي التي سعت منذ بداية العملية العسكرية الروسيّة في اوكرانيا الى محاولة “تبريد” جبهات المنطقة للتفرّغ لمقارعة روسيا، وسيّما انّ المواجهة بالوكالة هناك “ستزداد خطورة على واشنطن في المرحلة القادمة”- وفق ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” منذ ايام، عن مسؤولين اميركيين عسكريين كبار، تزامنا مع ما اعلنته مديرة اجهزة الإستخبارات الأميركية افريل هينز، وفيه تحذير “من مسار صعب على واشنطن ربطا بالمواجهة مع روسيا في اوكرانيا خلال الفترة القادمة يصعب التبؤء به، ويُحتمل ان يكون تصعيديّا بشكل كبير”- وفق اشارتها!
ووسط تواتر تسريبات امنيّة “اسرائيلية” اجمعت على توقُّع عمليّات فدائيّة مرتقبة قد تكون اخطر من سابقاتها على “اسرائيل”، والتأكيد على “مرحلة ساخنة جدا” مُنتظرة، انقسم الاعلام العبري بين من رجّح ان تكون القدس السّبب في اندلاع مواجهة عسكرية –ستستتبع حكما حربا اقليميّة، وبين من ذهب من المحلّلين والخبراء العسكريين وجنرالات سابقين، الى توقّع ان يشعل التنقيب عن النفط والغاز بين لبنان و”اسرائيل”، الحرب مع حزب الله، ” والتي باتت قريبة جدا”- بحسب ترجيح الكولونيل “الإسرائيلي” في الإحتياط والباحث في المعهد الأورشليمي للشؤون العامّة والسياسية جاك نيربا.
وعلى خلفيّة تلقُّف “اسرائيل” للرسالة الناريّة التي حملت تهديد السيّد نصرالله إزاء ملفّ التنقيب عن النّفط والغاز، لفتت معلومات صحافيّة لبنانية الى انّ لبنان قد يكون على موعد مع تطوّرات متسارعة تتعلّق بهذا الملفّ خلال هذا الصّيف. واستنادا الى ما أسمته” مصدر اقليمي حليف”، فإنّ قيادة حزب الله أبلغت “من يعنيهم الأمر” في المنطقة، جدّية ما طرحه السيّد في رسالته التحذيرية لإسرائيل بخصوص التنقيب عن النّفط والغاز، وأرفقها بمهلة مُحدّدة للتنفيذ سواء نجح التفاوض بشأنه او فشل.. المصدر الذي شدّد على ضرورة التوقّف عند الرسائل بالغة الدّلالات التي تضمّنها الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي التابع للمقاومة في لبنان، وفيه “بعض من الخفاء المقصود” من منظومات وأسلحة تُعرض للمرّة الأولى، لفت الى تقصُّد عرض لقطات سريعة لراجمة صواريخ تشبه الى حدّ بعيد تلك المخصّصة لإطلاق صاروخ كروز البحري والذي يمكنها اصابة اهداف ضمن مدى اقصى 1000 كيلومتر!.. وبالتالي وصلت الرسالة: حزبُ الله سيُنفّذ معادلة الرّدع البحرية بغاية السهولة، وحذارِ ان تُخطئ تل ابيب في حساباتها!
وفي حين تتوقع مصادر صحفية لبنانية ان يكون ملفّ التنقيب عن النفط والغاز سببا لاندلاع مواجهة عسكرية بين “اسرائيل” وحزب الله خلال شهور الصّيف بعدما انتهى قطوع الانتخابات النيابية وما افرزته من نتائج.. تواترت تسريبات تقارير روسيّة- نقلا عن خبراء عسكريين روس، تضمّنت مؤشّرات مفاجآت “من العيار الثقيل” يُرجّح ان تحملها العمليات العسكرية الروسيّة في اوكرانيا صوب اهداف جديدة لربما تتعلّق بإحدى دُوَل “الناتو”، وتلميحا الى قرار حتمي روسي حدّده الرئيس فلاديمير بوتين، بالثّأر من المسؤولين “الأجانب” عن استهداف الطّراد “موسكفا”، وعن مصرع الجنرالات الرّوس في بداية العملية الروسيّة.. ” ولربما يتضمّن القرار توجيه ضربات لمراكز صنع القرار في كييف، وأماكن محدّدة حيث يوجد مستشارون رفيعو المستوى من البنتاغون- وفق ترجيح الخبير العسكري في هيئة الأركان العامّة الروسيّة ميخائيل خوداريونوك!
المصدر: شبكة الثبات الاعلامية