الجمعة , 22 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

لقاء القمة بين عالم يحط رحاله شرقا يجر اذيال المادية وعالم ارض النبوة تزخر بفلسفة الباطن والظاهر…بقلم د. عامر الربيعي*

لقاء القمة بين عالم يحط رحاله شرقا يجر اذيال المادية مثقلا بهموم فلسفة الانا. وعالم ارض النبوة , تزخر بفلسفة الباطن والظاهر ، تخط اسلوبا اخر للكدح القائم على التطلع.

 

ولنبدأ من لقاء السيد علي السيستاني ، والبابا فرنسيس ، على الرغم من ان الاثنان يعتبران ممثلان لمرجعية دينية ، الا ان المنهج و الاسلوب الذي يتحرك به كل منهما يختلف عن منهج واسلوب الاخر من حيث الاسس , والقواعد ، الدوافع والاهداف التي توصل الى التطلع المنشود.

– فالمرجعية الاولى تنتمي الى ارض النبوة.

– المرجعية الثانية تنتمي الى عال م المادية المثقل با لنا.

إشكاليات ما هي الدوافع التي تحرك بها البابا فرنسي س

ياترى ما هي الهموم التي كانت تؤرق البابا طارقا بها ارض الرافدين ، هل يريد ارتشاف جرعة ماء عذب من رافدين امتصها جشع الرأسمالية، هل طرقه ارض الشرق طلب للإحياء ، ام طلب للإجهاز عليه ؟ اما الإشكالية العميقة : الاعتراف الاجباري تحمله الابراهيمية , الذي تضمن اعتراف ضمني على ان محمد ص نبي وليس رجل حكيم كما تدعي الديانات الغير إسلامية؟

تعتبر الدورات الحضارية التي مرت على البشرية ذات خصوصية معينة تميزها عن غيرها ، فتترك اثارها على الطبيعة الفكرية والاجتماعية التي تتحرك بها هذه الدورة الحضارية واول مصاديقها هو الاعتقاد الذي يقود او يوجه البيئة الاجتماعية ، وفق المعتقد الذي يتحرك به العالم الغربي، بما فيه الفاتيكان الذي ينتمي لاحد المعتقدات المحركة للعالم الغربي, ما هي طبيعة الديانة الابراهيمية التي يتم تقديمها على انها بودقة جامعة للدين؟

وخاصة اذا ما ميزنا الدورة الحضارية في العصر الحديث على انها علمية، وانها تعتمد في مجالها الفكري والثقافي وفق فلسفة انتقائية، تحاول استنباط نظرياتها الفكرية والثقافية من منهج العودة الى السلف، وهو منهج دأبت مراكز الدراسات وهندسة السياسات على العودة اليه ، وتحاول ان تجعله قالبا لكل ما يعترض طريقها من قضايا تعتبرها عائقا يصعب تجاوزها، واكثر من عانى وخبر تداعيات منهج العودة للسلف، هو العالم الإسلامي.

لذلك فهي مجبرة على اعادة انتاج هذه القضايا المستعصية ولمرات عديدة، وفق منهج السلف، لكننا نراها دوما تخرج قضايا مترهلة تجر سرابيل المحدودية في قطبيها، سواء منه النظري، اوفي حال تطبيقها على المجتمع. لان الأولويات الماسكة بأقطاب هذه القضايا تنتمي لمفاهيم تريد الوصول لأهداف مغايرة .

هذه المحدودية ، او القصور في التكامل، تنبع من التناقض او نستطيع ان نسميه الانفصال في الجوهر والمنبع في منظومة المفاهيم والقيم التي تستقي منها الحركة المراد بها الوصول الى الهدف ، فيكون الانفصال النظري من حيث منبع المفهوم ومدى مطابقته للواقع، يتسع الانفصال عمليا عند تطبيق هذه المفاهيم في الكيان الاجتماعي الذي يخلف انكسارات مجتمعية متعددة الأوجه، وبالتأكيد من ضمنها قضايا الدين .

قضايا العودة للسلف، منهج يتبع من قبل العديد من مراكز الأبحاث , وخاصة تلك التي تتعلق بالشرق الأوسط وتحديدا شبه الجزيرة العربية ولعل تجربة العراق ضد داعش ,وسوريا ضد النصرة , تعتبر من اعنف صور الضغط من قبل منهجية العودة للسلف بعد تجربه القاعدة في أفغانستان ، التي كانت سلفية استقطابية ، توزعت على دول العالم.

الأصول التي وقفت عليها هذه التنظيمات تنبع من منهج اتبعه بعض رجالات السلفية والوهابية المتطرفة في الإسلام، تعود الى ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، في الاطار العام الهدف من الحركة الوهابية، يتضح من خلال مسيرتها عبر التاريخ، منذ القرن السادي عشر الى يومنا هذا، كانت حركتها في المجتمع تتجه دوما الى زيادة الانفصال بين مجموع المسلمين من حلال تغذية هذا الانفصال بتحشيد المخزون البشري للامة الإسلامية وتفجيره فيها لتكريس التجزئة وخلق الجمود الكامل من خلال الدوران في هذا المحور فقط.

– انه منهج يتمتع بمكانيزمات انبات الجذور .

يبزغ اليوم ما يعرف بالإبراهيمية وعندما تطرح التساؤلات عن المغزى من اللجوء الى عمق التاريخ, واخراج نبي الله ابراهيم ,بعد عبور البشرية كل هذا الشوط من المتغيرات ، يكون الجواب: هو البحث عن مرتكز تتوحد فيه الاديان لنبذ الفرقة واغدقوا على اسم الدين الجديد اسم الدين الابراهيمي ؟

اذن نحن اليوم بحاجة ماسة الى دراسة النظرية الابراهيمية التي اغدقتها علينا مراكز الأبحاث والدراسا ت كنموذج لأنهاء العنف , ونقف عند نظرية نبي الله إبراهيم في الدين وما هو الدين الذي حمله هذا النبي سلام الله عليه , من القران الكريم منطلقين من خلال عاملين :

1- على اعتبار ان الدين الإسلامي خاتم الأديان , وكتابه القران الكريم اخر الكتب المنزلة, تشير اغلب النصوص القرآنية الى مفهوم الدين وأسماء الانبياء ومهامهم في حمل راية هذا الدين .

2- يتضح الاعتراف من قبل حملة الإبراهيمية، ان الإسلام دين ومن جاء بكلمة الله في الإسلام هو محمد وبالتالي فان محمد ص هو نبي مثله مثل إبراهيم وموسى وعيسى.

يقول محمد باقر الصدر في المدرسة القرآنية ]مع بروز النظريات الحديثة من خلال التفاعل بين انسان العالم الإسلامي, وانسان العالم الغربي بكل ما يملك من رصيد عظيم , ومن ثقافة متنوعة ونظريات متعددة في مختلف مجالات الحياة كان لا بد للإسلام ان يحدد موقفه من هذه النظريات [ اذن نحن اليوم امام نظرية وضعية تحاول جمع الدين الإلهي وجعله في قالب تطلق عليه اسم الديانات الابراهيمية, مع عدم وضوح للموقف من الجانب الإسلامي , و تأييد له من قبل البعض .

مبدئيا علينا ان نعلم:

1- ان الجهة التي تطلق هذا المفهوم، وتحاول التبشير به ، هو العالم الرأسمالي، واول من استخدمه هم صناع القرار ومهندسي لسياسة الخارجية الأمريكية ، وخاصة ما عرف بالسلام بين العرب واليهود وتسميته بالسلام الابراهيمي … و كيان الفاتيكان منذ نشوءه الى اليوم بشهد على الحروب التي قادها هذا العالم المدفوع دوما بروح المنافسة , بل باركت المؤسسة الدينية الكنسية بعض تلك الحروب, ابرزها الحروب الصليبية بمراحلها المختلفة .

2- والاهم ان لذكرى السنوية الثانية يتم التحضير لها في فرنسا من خلال مؤتمر سيعقد في باريس يوم 3/ 6/2022 , بدعم من حسين الصدر وجواد الخوئي وعلاء البهادلي وغيرهم من بريطانيا وألمانيا وباقي الدول الأوربية وهناك وفد أيضا من العراق.

اعلان الديانة الإبراهيمية من مدينة اور في بابل من العراق , بمباركة البابا الذي تجاوز كيان الدولة العراقية , وان دستوريا في العراق يعتبر دين الدولة الإسلام ,كما ان الدين الاسلامي دين الاكثرية من أبناء الشعب العراقي ، ولهم كتابهم )القران الكريم( هذا الكتاب المقدس الذي يزخر بالعديد من الآيات التي تلقي الضوء على بدايات نشوء الدين واسمه، وبدايات الخليقة، والعديد من النصوص القرآنية التي تتناول نبي الله ابراهيم ، وحياته واولاده ، فبالتالي فان ابراهيم عليه السلام نبي لا يختلف عن غيره من الانبياء ، يعبد الله ، وبعث في مهمة ارشاد البشرية لا تخلوا من البحث والتفكر آنذاك الى عبادة الله الواحد الاحد ، ونبذ الاصنام على اختلاف تنوعاتها .

إشكالية :

– لماذا البحث في أوراق السلف، والعودة للوراء دوما عند التعثر؟ لماذا لا يتطلعون الى المستقبل وفي أي زاوية من الدين يكمن التطلع؟ بدل من تجميعه تحت اسم الابراهيمية، هذا اذا ما علمنا ان الدين الإسلامي لا يكتفي فقط بطرح الدين نظريا، وانما يطرحه عمليا وتطبيقا من خلال اصل الولاية، هل اغفل مدعي الابراهيمية هذا الأصل؟ لماذا؟

يقول الله سبحانه وتعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

] يا اهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده افلا تعقلون[ ال عمران 65 الخطوط العريضة التي توضح الأساس الذي كان ينطلق منه نبي الله إبراهيم عليه السلام , بعد الدعوة الى عبادة الله الواحد ونبذ الالهة المزيفة, يكمن في:

– الدين الذي يدين به إبراهيم

– علاقة إبراهيم بمحور بناء مكة ]بيت الله[

القاعدة العقائدية التوحيدية التي ينطلق منها إبراهيم عليه السلام ، وتبين الدين الذي يعتنقه إبراهيم، مشار اليه وبوضوح في القران الكريم , ولا مكان للبس والجدال فيه , والذي يقف وجها لوجه امام ما يعرف بالدين الابراهيمي, وخير ما نصبغ به كلامنا من ادلة , هو كلام الله , كما في النصوص القرآنية التالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

إِنَّ ٱلدِِّينَ عِندَ ٱللََِّّ ٱإ لإِ إسلَٰمَُ ۗ وَمَا ٱ إختلَفََ ٱلذَِّينَ أوُتوُاإ ٱ إلكِتَٰبََ إلِاَّ مِنۢ ب إعَ دِ مَا جَآءَهمُُ ٱ إلعِ إلمُ بَ إغيۢ ا ب إيَنَهُ إم ۗ وَمَن ي إكَفُ إر بِـأَيَٰتَِ ٱللََِّّ فإَِنَّ

ٱللَََّّ سَرِيعُ ٱ إلحِسَابِ

بسم الله الرحمن الرحيم

]ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما وما كان من المشركين[ ال عمران 64

وعلى لسان إبراهيم بعد بناء الكعبة:

بسم الله الرحمن الرحيم

]ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك ارنا مناسكنا وتب علينا إنك انت التواب الرحيم[

البقرة اية 128

]اذ قال له ربه أسلم قال اسلمت لرب العالمين[ البقرة 131

]ام كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالو نعبد إلهك واله ابائك إبراهيم وإسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون[ البقرة 133

استطرادا على ما تحمله النصوص القرآنية من معلومات حول الدين الإلهي , وان اسم الدين عند الله الإسلام, وأشارة معظم الأنبياء الى ضرورة اتباع دين الله , فموسى عليه السلام يشير اليه وفق النص القرآني :

بسم الله الرحمن الرحيم

]ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين[ الاعراف 126

اما نبي الله عيسى عليه السلام يشير الى الدين الإلهي وفق النص القرآني التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

]ان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم] 51[ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله قال الحواريون نحن أنصار الله امنا بالله واشهد بانا مسلمون ] 52[

– فاين يتم وضع موضوع الديانة الابراهيمية وفق مفهومنا لها في ضوء ما توفر لنا من معلومات زودتنا بها النصوص القرآنية، إذا كان الدين عند الله الاسلام؟

– هل المراد ان يتم تحميل نبي الله ابراهيم على انه الذات التي ينبثق عنها الدين بدلا عن الله سبحانه وتعالى ، لذلك سميت بالديانة الابراهيمية؟

فالإسلام لم يسمى بالمحم دية، ولم تسمى المسيحية بالعيسوية او اليهودية بالموسية.…

-اين سيتم وضع الديانات الوضعية الاخرى امام الابراهيمية هل ستكون الى جانبها ام ضدها؟

اما علاقة نبي الله إبراهيم عليه السلام بمحور مكة ما بني على اثره من مناسك اعتبرت احد اركان الإسلام ، وهي الحج ، تبين النصوص القرآنية ان هناك مهمة انيطت بإبراهيم، وهاجر وإسماعيل. حيث يعتبر الحج في المنظومة الفكرية الإسلامية علاقة بين تعاليم وحلقة وصل بين عالم الغيب والواقع، وهي فريضة فرضت من الله سبحانه وتعالى ’’ المثل الأعلى المطلق ’’ امتثال الانسان لأوامر الله ونقل هذه المفاهيم الى حركة على الأرض بأمر من السماء وتفعيل لمفاهيم السماء السامية بطريقة عملية والتخلي عن مشاغل الحياة الدنيا المادية والترفع عليها بمكانة تليق بإنسانية الانسان بحيث يمارس الانسان دوره كخليفة الله من خلال تفعيل مراسم الحج على الأرض.

يقول محمد الغروي في كتابه الطريق الى الله واصفا الحج والمعاني التي يحملها ’ ’ الحج صورة صغيرة عن تاريخ الانسان، ودور الأنبياء والمناضلين في سبيل تحرير بني جلدتهم من العبودية والذل والهوان ’’ حيث يضيف إذا تأملت مناسك الحج وفرائضه وجدتها مسرحية هادفة لها خصائصها ومواصفاتها التالية:

واضعها: الله رب العالمين

ابطالها: ادم، إبراهيم، هاجر، ابليس، إسماعيل لغتها: الاعمال والحركات

صعيدها: الحرم، المطاف , المسعى , عرفات ’ المشعر , منى

معالمها: الكعبة ,الصفا، المروة , الليل , النهار , غروب الشمس , زوال الشمس , طلوع الشمس , الجمرات , الفداء, الحلق ,التقصير

وَلِلََِّّ ا إلمَ إشرِقُ وَا إلمَ إغرِبُ ۚ فأَ إيَنَمَا توَُلُّوا فثَمََّ وَ إجهُ اللََِّّ ۚ إِنَّ اللَََّّ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

نستكشف من كتابه ’’ الطريق الى الله ’’ انه يحاول ان يرسم الطريق للإنسان المحرك للتاريخ الذي ينشئ النظام الصالح عن طريق علاقته بتعاليم الغيب وتطبيقها في الواقع لأنه يرى ان النظام الفاسد في الحياة الاجتماعية المحكوم بسلطات مادية تابعة لمثل تكرارية حكمت التاريخ وهي كثيرة ومتعددة قد مارست دورها في حرف وازاغة الانسان عن مسيرته

العادلة، ومسخه عن حقيقته الطاهرة فالظلم والبهتان غيرها من الرذائل التي تفسخ المجتمع وتغير وجهه مساره تناقض الحقيقة التي خلقت لأجلها الحياة .

بناء بيت الله الكعبة المشرفة، من قبل إبراهيم وإسماعيل: بسم الله الرحمن الرحيم

]وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم[

بسم الله الرحمن الرحيم

ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ] 96[ فيه آيات بينات ومقام إبراهيم ومن دخله كان امنا ولله على الناس حج البيت من استطاع سبيلا…[ ال عمران 97

اذن المحاور التي تمسها الديانة الابراهيمية ليس فقط دين جديد مضاد لدين الله سبحانه وتعالى الإسلام ، وانما تمس أيضا اتجاه القبلة التي يحج اليها الناس باستخدام اسم نبي الله إبراهيم كأداة استقطاب، يراد نقلها الى اور، ومحاولة افراغ الأرث الحضاري الذي جاء به الإسلام بعد الوجود الثاني ، على اعتبار ان إبراهيم هو النبي الثاني بعد -نوح- والبدا من بوصلة ذات اتجاه اخر. وقد سبق البابا في زيارة اور وإعلان قدسيتها من قبل ما يعرف ب فرقد القزويني.

فلنقف عند مسرح صحراء اور في جنوب العراق، هذه الصحراء التي تناثرت بين حباتها حضارات قديمة، تسحبها كل يوم رياح العراق لتعطي درسا لكل من يحط الرحال بين ظهرانيها, فتكثر امام عينه السراب , تحت حراره اشعة شمسها الساطعة ظهيرة حر العراق اللاهب، على خشبة مسرح اور استوعب العديد من اللاعبين، وقفوا الى جانب البابا, وحتى بعضهم قيادات دينية ، ما هي النظرية التي استخلصوها من الدين الابراهيمي هؤلاء ؟ هل وقوفهم هذا كان عن عمد ام عن جهل؟

لكن واقع العراق يدمى له الجبين , كيف لم يخجلوا منك يا عراق , الم يروا جراحك التي تنزف, ساحة عراقية تعاني من الاجهاض لكل عمليات التنمية ، ومعرضة للتقسيم ، وتتقاسم اطماع الدول الكبرى والصغرى ثروات العراق ، وفساد حكومي ينخر مفاصل الدولة ولا نبالغ ان نقول بأجمعها، لكن يدق الحنين قلب بابا الفاتيكان بأور ، معلنا دينا عالميا ابراهيميا ، بعد الصفعة الدموية التي صفعتها داعش الوهابية باسم الاسلام للعراق ، وكان لسان حال البابا وهو يبارك دماء الابرياء من ابناء وطني الذين سقطوا تباعا ، داستهم فلسفة العودة الى السلف بلا رحمة فيبكيهم دون رحمة ، فيوزع ارضهم ومستقبلهم للعالم , وبيديه حل ، يطالب به العراقيون بالهدوء من ضجيج لا دخل لهم به ، والاستماع الى ضجيج من نوع اخر ضجيج كله صلاة وترانيم ومزامير.

متناسيا بابا الفاتيكان ان من منهج العودة للسلف الذي اعلنته الوهابية، أهدر دماء المسلمين الشيعة والمسيح والايزيديين من ابناء العراق، فيا ترى ما هية نوعيه منهج العودة للسلف الابراهيمية، واين؟ في الجنوب في بابل، بين المسلمين الشيعة .

خط الالتفاف الديني، الذي دخل للعراق تحت عباءة البابا، متناسيا كل اجهاضات الدولة العراقية، والتقصير الدولي واجنداته تجاه العراق، وتداعيات ميزان القوى العالمي عليه , فوفق المفاهيم الجيوسياسية والجيواقتصادية , يعتبر العراق من العوامل الأساسية المؤسسة لاي ميزان قوى عالمي , أهميته للقوى الثلاثية الغربية سواء منها الصاعدة والقابلة للأفول , سواء الميزان الأمريكي ومعه المعسكر الرأسمالي والاوربي , او الروسي باعتباره ميزان قوى غربي ايضا حامل عوامل التوحد الاوراسية حاملا منهجا مغايرا . او الميزان الصيني باعتباره القوة الاقتصادية الأقوى والاكبر في العالم هذا من جانب. كما يعتبر العراق مهما أيضا الى الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تعتبر من القوى الغرب اسيوية الصاعدة كقطب يلعب دورا مهما في ميزان القوى وخاصة في اسيا .

من المستخلصات وفق هذه المفاهيم التي يحملها موازين القوى العالمي بالمجمل، يوجد تقارب صيني روسي إيراني، يقابله تفرد في القرار من قبل الولايات المتحدة بالمقارنة مع حلفائها في الجهة الأخرى من موازين القوى العالمي، وهي بمعنى اخر تميل الى الانعزال عن ساحة الأقطاب العالمية الأخرى بطريقة ايجابية .

ولا ننسى التذكير بميزان القوى الداخلي العراقي، وامتداداته الإقليمية والدولية، وتشعباته في العملية السياسية العراقية .

اذن من خلال تلك العوامل المحركة للسياسات الدولية، فما هي التداعيات التي ستؤثر على حركة البابا وحركة اتجاه الديانة الابراهيمية

– الفرضيات التي قد تكون من القضايا التي تغذي الدين الابراهيمي وتوجهه:

– موازين القوى العالمي , وصراع الولايات المتحدة مع كل من روسيا , وخلق نقطة جمود لها في أوكرانيا والصين محاولة تفعيل نقطة جمود لها في تايوان .

– الصراع العربي الإسلامي – والكيان الإسرائيلي .

– داخليا في العراق : وتوتر بعض القيادات في العملية السياسية العراقية , التي يعول عليها في تأزيم الأوضاع , بالإضافة الى شيوع منذ فترة النظام الأسبق ما يعرف بالمرجعية العربية الذي يغذى من دول المحور الأمريكي , ضد ما يطلقون عليه بالمرجعية الفارسية والمقصود بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

– منهجية التطبيع مع الكيان الصهيوني التي تحاول خلق نقاط تستطيع عن طريقها تجميد حركة الثورة الإيرانية, والمفاهيم التي تنطلق منها .

– واهمها بالطبع من سيكون خليفة للبابا فرنسيس , وما هي توجهاته.

اذن من خلال ما تقدم , هل تعتبر الديانة الابراهيمية , نقطة بداية تطلع , ام نقطة بداية جمود , فعندما تلتفت الى الوراء , وتقف عند ما موجود لدى السلف , فتعتبر النقطة بداية لجمود جديد, لكن اذا كانت نقطة تطلع , فلاي هدف تريد الوصول

, هذا اذا ما علمنا ان الدين الذي بشر به الأنبياء هو الإسلام, لأنه دين الله , فما الهدف من الدين الابراهيمي , وهل سيحتفظ بنفس المنزلة , لمفهوم التطلع الذي يحمله الإسلام , من الوصول الى دولة العدل الإلهي , المقرونة بظهور الامام المهدي , الامام الثاني عشر , من نسل محمد ص نبي الإسلام ؟

من الروائع التي أشار لها محمد باقر الصدر في كتابه المدرسة القرآنية , في تشبيهه حلقات الكدح عند الانسان في الكون وما يصاحبه من عناء, من انه سير الى الله سبحانه وتعالى , ووضع فرق بين الكدح والعناء في السير المسؤول نحو الهدف والمرافق للوعي بالمطلق , وبين الكدح والعناء في السير نحو الهدف , يكون فيه التقدم غير مسؤول , ولا يصاحبه الوعي بالمطلق , وانما الوعي بالهدف المراد الوصول اليه , متشبث بمثل تكرارية , واعتبر الصدر ان كلا السير هو نحو الله , وان السائر سيجد الله في نهاية الطريق , وحتى ذلك الذي سار نحو هدف مزيف , واكتشف في نهاية المطاف زيف وسراب هدفه , فماذا سيجد ؟ من المؤكد سيجد الله جل في علاه فيوفيه حسابه.

وحتى المؤلفات التي طرحتها مراكز الدراسات تلك , ما عرف باسم نهاية التاريخ , او صدام الحضارات , او القاعدة في أفغانستان و او داعش في العراق والشام , او الوهابية في السعودية … هي أداة لتجميد حركة التطلع , مع ازدياد الوعي , وكل نقاط الجمود تلك بحواضنها الجغرافية ومهندسيها الاساسين حاولت إيقاف الانسان من التزود من التغييرات الكمية والنوعية , عند فشل أي من نقاط الجمود تلك في وصولها الى الهدف , فتلجأ الى تعطيل حركة الوعي بجره الى طلاسم التاريخ , وحرف سير الانسان في الطريق الى الله , ومعرفة دين الله

• وهذا ما يفسر , تحديد شعوب العالم الإسلامي من انها اما امام خيار الانفتاح والتطلع بمفهومه الغربي , وفتح أبوابها على مصراعيها امام الصدمات الثقافية والأخلاقية, والتبعية المالية, او تبقى تتلاقفها نقاط جمود العودة للسلف , لتوقف حركتها , حتى الموقف من ايران ,يعتبر أيضا من نقاط جمود حركة الأمة , ومنعها من التزود من المفاهيم التي تبثق مفهوم التطلع الذي تحمله الثورة الإسلامية الإيرانية , القائم على مدرسة محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.

* دكتور عامر الربيعي رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس

شاهد أيضاً

توحيد الأحكام مقدمة تأليف الأمّة الإسلامية…بقلم محمد الرصافي المقداد

من أسباب تخلّف هذه الأمة اعتمادها على طريقة التبعيّة للموروث، دون اعتبار لأحكام دينها وما …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024