أخبار عاجلة

ماهو الطلب السياحي؟…بقلم د. فتحي بوليفه*

تعد السياحة من أكثر الأنشطة الاقتصادية اعتمادًا على الخارج و تأثرا بعدم استقرار الظروف الاقتصادية والسياسية في العالم، خاصة في بلدان العالم النامي التي يكون فيها النشاط السياحي أكثر هشاشة و رهين الطلب السياحي في البلدان الغنية و وكالات الأسفار العالمية. فماهو الفرق بين الطلب السياحي و حرفاء السياحة؟ و كيف نقيس الطلب السياحي في بلد الاستقبال؟

1- الفرق بين الطلب السياحي و حرفاء السياحة

يعد تحديد البلد المضيف لعوامل وخصائص الطلب السياحي الذي لا يتحكم فيه – على عكس تداعياته – أمرًا مهمًا للغاية من أجل ملاءمة عرضه السياحي وصيغه مع هذا الطلب، حيث يدفعه إلى إثرائها وتنويعها.

يحدث في بعض الدراسات السياحية الخلط بين مفهومي الطلب السياحي Offre touristique و حرفاء السياحة Clientèle لذلك يجب التمييز بين هذين المفهومين. الأول يحدد “رغبة المستهلك أو حاجته للسفر والقيام بالسياحة التي يعبر عنها في بلده أو مدينة إقامته من خلال تكييف معادلة سياحية تتناسب مع رغبته وميزانيته“، والثاني يشير إلى “الحرفاء الذين تستهلك المنتج السياحي، في إطار صيغة معينة، في البلد أو المدينة المضيفة“.

تتكون حرفاء السياحة من الحرفاء المحليين (السياح الداخليين) والحرفاء الأجانب غير المقيمين (السياح الأجانب) الذين يصعب قياس تدفقهم على بلد الاستقبال. لا تتوافق إحصائيات دخول السياح الأجانب دائمًا مع إحصائيات وصولهم إلى الفنادق. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكننا اعتبار كل من يقيم في فندق كسائح، لأن سبب هذه الإقامة قد يكون غير سياحي (عمل، تجارة، بحث أكاديمي…). لهذه الأسباب وغيرها، يظل إحصاء تدفق حرفاء السياحة غير دقيق نسبيًا.

حسب الديوان الوطني للسياحة التونسية ONTT، يتم قياس تدفق السياح الأجانب عند الحدود، بتسجيل الزائر على أنه “دخول” Entrée، و في الفندق يتم تسجيله كـ “وصول” Arrivée ويتم قياس الوقت الذي يقضيه في الفندق بـ “الليلة“Nuitée.

2- التركز المجالي للطلب السياحي 

يتوزع الطلب السياحي بصفة متباينة بين مختلف بلدان العالم و بين مختلف المناطق السياحية بالبلاد التونسية. فماهي مظاهر ذلك التباين؟

ملاحظة: يقاس الطلب السياحي في الفنادق بعدد السياح الوافدين و بعدد الليالي المقضاة بالنزل، لكننا في هذا الدرس سنقيسه بعدد الليالي المقضاة لأنها تعكس أفضل مردودية النشاط السياحي.

1.2- التركز المجالي للطلب السياحي في العالم

على مستوى العالم يتركز الطلب السياحي بأوروبا و أمريكا الشمالية، حيث يستقطبان 90 ℅ من إجمالي ذلك الطلب. كذلك يتركز هذا الطلب داخل هاتين المنطقتين أي استهلاك الخدمة السياحية داخل بلد المنشإ أو في بلد ينتمي لنفس القارة. خارج هاتين القارتين يبقى استقطاب السياح في بعض البلدان السياحية في العالم ثانويا. فمثلا في البلاد التونسية يمثل السياح الأوروبيون 88 ℅ من مجموع السياح الذين يزورونها، خاصة من فرنسا و ألمانيا و أيطاليا. في السنوات الأخيرة بدأت تبرز منافسة شديدة لهاتين المنطقتين في جنوب و جنوب شرقي آسيا خاصة من الصين التي احتلت سنة 2017 المرتبة الرابعة عالميا في استقطاب 59.3 مليون سائح.

المصدر: المنظمة العالمية للسياحة

توزع عدد السياح في البلدان الخمسة الأولى سياحيا في العالم سنة 2017

العدد البلد المرتبة
88.9 فرنسا 1
82.2 إسبانيا 2
72.9 الولايات المتحدة الأمريكية 3
59.3 الصين 4
57.8 إيطاليا 5

المصدر: المنظمة العالمية للسياحة

2.2- التركز المجالي للطلب السياحي في البلاد التوسية

في البلاد التونسية يتركز الطلب السياحي في المناطق السياحية الساحلية، حيث تستأثر منطقتي نابل-الحمامات و ياسمين الحمامات بـ 26.9 ℅ من الليالي المقضاة بالنزل التونسية، تليها منطقة جربة-جرجيس بـ 23.9 ℅ ثم منطقة سوسة 18.8 ℅ من تلك الليالي سنة 2012. يعني ذلك هذه المناطق الثلاث تستقطب لوحدها 69.6 ℅ من مجموع الليالي المقضاة بالنزل التونسية. في المقابل لم يتجاوز نصيب المنطقة السياحية طبرقة-عين دراهم 1.2 ℅ و نصيب المنطقة السياحية قفصة-توزر 1 ℅ من تلك الليالي. ، رغم أهمية العرض السياحي المتوفر بهاتين المنطقتين. 

تكتسي دراسة الطلب السياحي في بلد الانطلاق و في بلد الاستقبال أهمية كبرى في تطوير النشاط السياحي و الرفع من مردوديته الاقتصادية، حيث تمكن هذه الدراسة من تحديد الأسواق التي قد تحتاج لاستقطاب سياحها المحتملين و ذلك من خلال الحملات الدعائية و ربطها برحلات جوية. كما تمكن تلك الدراسة أيضا من العمل على ملاءمة العرض السياحي لذلك الطلب و العمل على الحد من موسميته و تذبذبه بتنويع المنتوجات السياحية التي تتلاءم مع رغبات سياح كل الأسواق السياحية. 

*  أستاذ باحث في الجغرافيا بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة، جامعة سوسة

fathyboulifa@gmail.com

شاهد أيضاً

إلى متى ستتواصل مهزلة تحيل TLS والقنصلية العامة لفرنسا على التونسيين في السطو عن أموالهم للحصول على “الفيزا”؟

د.فتحي بوليفه: أستاذ-باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة كنت أسمع دوما عن تذمر المواطنين التونسيين …