يعيش قطاع غزة في معاناة بسبب سياسة الإغلاق والحصارالإسرائيلي منذ زمن بعيد، والتي أصبحت أكثر تشدداً منذ عام 2000، وتزايدت مع بناء الجدار الفاصل عام 2002، وساءت الأحوال الاقتصادية في غزة، حيث استمرت سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والبحري والبري الخاص بالقطاع.
منذ عام 2007م يوجد انقسام فلسطيني، حيث توجد سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة، وذلك بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ووجود أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية.
أثر هذا الانقسام على البنية المجتمعية الفلسطينية، حيث أدى إلى صراع وعدم الاستقرار، وانقسام سياسي وجغرافي ما بين “قطاع غزة، والضفة الغربية”، كما أثر على الواقع الفلسطيني في علاقاته العربية والدولية، إلى جانب ما خلفه الانقسام من أثارٍ اقتصادية، من حيث ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع معدلات النمو، وأثر بشكل سلبي على قطاع غزة، حيث أضر بالحياة الاجتماعية والقيم والمبادئ والعادات والتقاليد التي حكمت المجتمع الفلسطيني على مدار أعوام، وأثر سلباً على”الصحة والتعليم والإسكان، والمؤسسة الاقتصادية والمنظمات الأهلية.
صرحت مصادرإعلامية بأن السفير القطري محمد العمادي سيزور قطاع غزة يوم 23/11/2022 لإعلان موعد صرف المنحة القطرية.
وأكد السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة على أن اللجنة وبالتعاون مع صندوق قطر للتنمية، ستبدأ عملية صرف دفعة شهر 11 نوفمبر من المساعدات النقدية للأسر الفقيرة في قطاع غزة بدءاً من يوم الأربعاء الموافق 23/11/2022م، موضحاً أن المساعدات النقدية ستقدم لنحو 100 ألف أسرة من الأسر المستورة والمتعففة في محافظات القطاع، بواقع 100 دولار لكل عائلة.
وبين أن عملية التوزيع ستتم من خلال الأمم المتحدة وعبر مراكز التوزيع التي حددتها في محافظات قطاع غزة، والبالغ عددها أكثر من 300 مركز ومحل تجاري.
وأصبحت المنحة القطرية 100 دولار مصدر دخل مهم ومساعد للأسر الغزية الفقيرة، لاسيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يحياه شعبنا نتيجة الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة.
ويأمل السكان المحليون في غزة أن تجلب هذه الزيارة التمكين الاقتصادي للمنطقة وأن تحافظ على تأشيرات العمل.
تعتبر قطر من الدول الداعمة لقطاع غزة، حيث احتضنت العديد من قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني في حقبة ستينيات القرن الماضي، وتعتبر من أولى الدول العربية التي تم فيها افتتاح مكتب لمنظمة التحرير، الذي تحول إلى سفارة بعد إعلان قيام دولة فلسطين في مؤتمر الجزائر عام 1988.
وشهد عام 2009 مواقف قطرية متقدمة على صعيد القضية الفلسطينية، حيث تعتبر قطر أول من سارعت للدعوة لعقد قمة عربية طارئة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأعلنت خلال القمة إسهامها بمبلغ 250 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع.
وفي عام 2012 قام الشيخ حمد بن خليفة يزيارة قطاع غزة، وزيادة المنحة إلى 407 مليون دولار.
ومن أهم المشاريع التي حصلت على التمويل القطري إعادة تأهيل شارع صلاح الدين الممتد من شمال إلى جنوب القطاع، وشارع الرشيد والبحر، وشارع الكرامة، ومدينة الشيخ حمد السكنية، ومستشفى الشيخ حمد بن خليفة للأطراف الصناعية.
وفي عام 2014 تعهدت دولة قطر بتقديم مليار دولار لجهود إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي، حتى بلغت مساهمات قطر حوالي 20.136.941 مليون دولار عام 2015.
وتم انشاء لجنة تحت مسمى لجنة إعادة اعمار غزة، وأرسلت دولة قطر سفيرها الخاص، السيد محمد العمادي، للإشراف على تنفيذ المشاريع. بعد ذلك توالت المنح القطرية السنوية الصغيرة مثل منحة دعم كهرباء غزة، ومنحة حرب عام 2014، ومنحة مكافأة موظفي غزة، ومنحة الإغاثة الإنسانية العاجلة.
وخصصت قطر في 6 مايو 2019 مبلغ 480 مليون دولار تقدم للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة على شكل منح وقروض للسلطة الفلسطينية، ويخصص منها مبلغ 180 مليون دولار لتقديم الدعم الإغاثي والإنساني العاجل، ودعم خدمات الكهرباء في قطاع غزة.
تسعى قطر إلى تعزيز مكانتها في المنطقة في ظل خصومة سياسية مع جيرانها، وتستخدم قطر القوة الناعمة، فضلاً عن قوتها المادية بفضل احتياطياتها من الغاز. كما ترى قطر أن العلاقة الجيدة مع الأطراف المتناقضة يجعل منها دولة محورية في التدخل الإيجابي.
يعتبر البعض أن دور قطر عربياً قومياً يهدف الى مساندة الفلسطينيين وإعادة الاعمار في قطاع غزة، والبعض الآخر يعتبره دوراً مشبوهاً، يخدم السياسة الأمريكية في المقام الأول، ويعمل على زيادة الانقسام.
وعلى الرغم من الدعم القطري لقطاع غزة إلا أنه لم يُحقق نتيجة ملموسة، وذلك بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة، والانقسام الفلسطيني، لأن عملية إعمار غزة تحتاج إلى الإستقرار الأمني والسياسي.
ولكي تقوم قطر بدور فاعل فيجب ألا يقتصر هذا الدور على التمويل والمساعدات المادية فقط، ولكن يجب أن تقوم بدور هام في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وإصلاح النظام الاقتصادي الفلسطيني، بما يعزز استقلاليته عن الاقتصاد الإسرائيلي، وإعادة هيكلته على أسس تنموية، من خلال اصلاح البنية التحتية، وتجهيز الخدمات الصحية الأولية التي تعتبر حق لكل فلسطيني، وإعادة فتح المصانع المغلقة لتشغيل آلاف العاطلين عن العمل، والعمل على بناء برنامج علاجي تنموي تشارك به كافة المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني بكافة أشكالها والنخب المجتمعية، من أجل معالجة الخلل الذي ضرب العلاقات الاجتماعية والنسيج الاجتماعي بفعل الانقسام، وأن تقوم قطر باستغلال العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في الضغط على الاحتلال لفك حصار غزة.
* باحثة سياسية