الخميس , 19 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

كتب محسن النابتي: الاتحاد الأوروبي وهذا الحرص الفجئي على تونس

فجأة باتت تونس على كل ألسنة المسؤولين الاوروبيين بين محذر ومتضامن وحريص، فجأة وبدون مقدمات باتت على وشك الانهيار والاتحاد الأوروبي يريد نجدتها وحريص على عدم انهيارها.

طبعا تونس تعيش صعوبات اقتصادية هذا ليس جديد هي اصلا ثورة 17 ديسمبر 2010 كانت نتيجة وضع اقتصادي واجتماعي وفشل خيارات تنموية كانت الشراكة مع الاتحاد الأوروبي احد اسباب فشل هذه الخيارات، ثم كان عقد من العبث والفوضى والاتحاد الأوروبي شريك فيه،ازدادت الصعوبات مع كورونا وحرب أوكرانيا هذا اكيد، كل مؤشرات الأزمة الاقتصادية قائمة في تونس من تراجع الناتج القومي لتراجع الدينار وتفاقم المديونية وارتفاع معدل التضخم وارتفاع معدل البطالة …ولكن هل وصلنا الانهيار اكيد لا فالدولة لم تتخلف على سداد الديون ولم تعجز عن خلاص الأجور…
إذن هي أزمة اقتصادية هيكلية في ظل وضع دولي متأزم تحتاج معالجة آنية للحيلولة دون الوصول لمرحلة أكثر خطورة وتحتاج رؤية استراتيجية لإعادة البناء وتركيز مشروع وطني للنهوض .
إذن لماذا الآن وهنا تفكرنا الاتحاد الأوروبي، اكيد ان الخوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية ومن موجات هجرة غير نظامية سبب ولكن هل هو السبب الوحيد اكيد لا، هناك المسكوت عنه وهو الثمن السياسي فهذا التهويل هو جزء من الحرب النفسية وجزء من عملية اضعاف موقف تونس التفاوضي، فالاتحاد الأوروبي وفرنسا بدرجة أولى معنية بعدم المس من جوهر الخيارات الاقتصادية فكلنا نتذكر أنه بعد سقوط النظام في 2011 واثر تولي الراحل الباجي قايد السبسي رئاسة الحكومة حينها تعهد للمانحين بعدم المس من النظام الاقتصادي وهو ما التزمت به كل الحكومات التي جاءت بعده،وهو جوهر الاتفاق بين الأمريكان والإخوان ومجاميع ما عرف بالربيع العربي لاحقا و منذ 2008 أن لا مساس بالخيارات الليبرالية للاقتصاديات العربية فقط تغيير واجهة الأنظمة من أنظمة فردية إلى تعددية.
إذن الهدف هو بقاء تونس في نفس الخيارات يعني بالوضوح هم يقولون للرئيس لقد حسمت مسألة السلطة ونحن قبلنا الأمر لكن غير مسموح بتغيير طبيعة الاقتصاد وارتباطات تونس الخارجية يجب الحفاظ على نفس الخيارات والبقاء تحت المظلة الغربية زائد الرغبة في إدخال تونس نادي التطبيع خاصة بالنسبة لامريكا أساسا.
حسم موضوع السلطة فهل ستستعمل السلطة لاحداث التغيير العميق اقتصاديا بتفكيك شبكات الريع والتهريب والفساد وبناء الاقتصاد المنتج والعادل فئويا وجهويا وتحرير علاقات الدولة الخارجية من الهيمنة وانجاز التحول الاستراتيجي في بناء علاقات متوازنة ومتنوعة قائمة على المصالح المشتركة،وهذا جوهر معركة التحرر الوطني وهي أصعب معركة وأكثر ضراوة من معركة السلطة لان مشكلة الغرب ووكلائه في النهاية ليست في من يحكم وإنمامشكلتهم جوهر خيارات الحكم فلا يعنيهم كثيرا أن يكون النظام فردي أو تعددي،رئاسي ام برلماني وإنما هل يحفظ مصالحهم ومصالح وكلائهم ام لا؟
نحن الآن في المنعرج الحاسم هل سننجز المهمة الأصعب وهي التغيير الاقتصادي والاجتماعي لصالح الشعب ام سنبقى في مجرد تغيير في واجهة الحكم، والمرحلة القادمة ستشهد صراع ارادات قوي داخليا وخارجيا وعلينا حسم المعركة لصالح التغيير العميق اقتصاديا مثلما فرض التغيير سياسيا.
ملاحظة اخيرة حتى ولو قبل نظام الحكم بشروط الغرب فالاتحاد الأوروبي ليس فقط يريد بقاء تونس تحت وصايته وضمن خياراته وإنما يريدها أن تبقى في حالة استنزاف فلا يتركها تنهار ولا يسمح لها بتحقيق الإقلاع الاقتصادي يعني تبقى بين الحياة والموت مثل غيرها من الدول العربية التي أبدت ازماتها وبقيت في حالة نزيف مستمر.

شاهد أيضاً

كتب محسن النابتي: قراءة من زاوية أخرى في إغتيال السيد

إغتيال السيد هو خسارة كبيرة من حيث القوة المعنوية للحزب وللمــ ـقاومة عموما، الشهيد كان …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024