ندرك ان المناطق الحدودية بين الدول بما فيها الدول المتشددة امنيا, يتم خلالها تهريب السلع خاصة ان كانت هناك فروقا في اسعار السلع بين الدول المتجاورة ولكن بكمية اقل (الحد من التهريب) وكذلك تهريب البشر سواء لأجل العمل المؤقت ام لأجل الاقامة الدائمة.
من حق أي دولة ان تفرض سيطرتها على المنافذ البرية والبحرية والجوية, خاصة ان كانت تلك المنافذ تشهد وبالعين المجردة تهريب السلع سواء تلك المنتجة محليا او المستورة من الخارج, تهريبها يقلل من عرضها بالسوق المحلي ما يسبب الى ارتفاع اسعارها وبالتالي يتحمل المواطن ذلك, اضافة الى اثقال كاهن الخزينة العامة في دعم بعض السلع المستورة, وبالتالي تذهب خيرات البلد الى البلدان المجاورة وبالأخص القرى الحدودية التي نجد سكانها يقومون بالاحتجاجات عندما تقوم السلطات المعنية بالحد من تهريب السلع, وتهريب السلع ليس محل ترحيب من سلطات الدول المنسابة اليها السلع لأنها تفقدها اموالا طائلا نتيجة تردي الضرائب الجمركية, لكنها تحاول ضبط عمليات التهريب بما لا يجعلها تقع في مواجهة مع سكان القرى الحدودية.
في ليبيا وفي غياب السلطة الفاعلة, كثرت عمليات التهريب للسلع وبالأخص النفط ومشتقاته الى دول الجوار, مالطا وتونس,ومصروغيرها,ولانه لا توجد حكومة مركزية قوية, فإن غالبية المناطق تشكلت بها تنظيمات مسلحة, ظاهرها الدفاع عن منطقتها في ظل الانفلات الامني , وباطنها القيام بعمليات التهريب.
وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة عماد الطرابلسي، ادلى بتصريحات قال فيها:” إن وزارة الداخلية سوف تبسط سيطرتها على كل منافذ الدولة ابتداءً بالقاطع الغربي والشمال الغربي من خلال أجهزتها الأمنية المختصة في إطار مكافحة التهريب عبر الحدود والمنافذ، كما ستتم إعادة هيكلة لمديريات الأمن حسب الرقعة الجغرافية والقوة البشرية وهي خطوة مهمة من أجل تقوية المؤسسة الأمنية وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين”, كلام جيد يصب في مصلحة الدولة والحد من تهريب السلع, الا ان بعض أهالي مدينة زوارة حيث المنفذ الحدودي (راس جدير) مع تونس اعتبروا أن تصريحات الوزير المذكور، بشأن تأمين المنافذ الحدودية، تطاولا ودعوة للحرب، مطالبين بسحبها والاعتذار عنها وعدم تكرارها. ليس ذلك فحسب بل تمادوا في مهاجمة الوزير بقولهم “إنهم لم ولن يسمحوا بالتطاول والدعوة للحرب ومحاولة استغلال منصبه واستعمال تلك التصريحات المغرضة والمبطنة لتحقيق … ومكاسب استراتيجية على حساب أمن المنطقة التي تنعم به منذ فترة “.
وبعد, ترى هل مثل هذه العنتريات تساعد السلطات في السيطرة على المنافذ الحدودية ومن ثم بسط سيطرتها على كامل تراب البلد؟ بالتأكيد عدم وجود سلطة مركزية قوية على مدى 12 عاما مضت هي التي جعلت بعض المدن تتصرف بما يحقق لها مصالحها الذاتية غير ابهة باستنزاف الموارد التي تخص كل الوطن.
ان اردنا بناء دولة عصرية تحفظ حقوق المواطن وتلبي حاجياته وتحد من اهدار الثروات وبالأخص تهريبها, فلا بد من الترفع عن كيل السباب والشتائم بحق المسؤولين واعطائهم الفرصة لكي يعملوا بأريحية بما يعود بالنفع على كل فئات الشعب بمختلف مناطقه واحداث مشاريع مستدامة تساهم في توفير الاحتياجات ويعم الرخاء وينهض الوطن.
ملاحظة: زوارة على سبيل المثال لا الحصر.