مؤامرة جديدة استهدفت النظام الإسلامي في إيران، وهي بالتأكيد ليست الأخيرة – وإن كانت كغيرها محاولات يائسة- وطالما أن هناك تحالفا شيطانيا، تقوده أمريكا والمنظومة الصهيونية الغربية العالمية، من أجل الإساءة لإيران، وزعزعة أمنها من الداخل، تحت أيّ ذريعة، واقتناصا لأي فرصة، تلوح لأعداء الإسلام المحمّدي الأصيل، ممثلا في هذا النظام العتيد، الذي قام بعد ثورة إسلامية عارمة، لم يسبق لها أن حصلت من قبلُ، بذلك الزخم الشعبي الكبير، والقيمة القيادية العلمائية، والتي أرست على نظام إسلامي، قام باختيار شعبي قياسي، مقارنة بديمقراطيات الدول الأخرى، استطاع أن يثبت جدارته في قيادة إيران.
هذه المرّة أسفرت المؤامرة عن وجهها القبيح – ولا أعتقد أن مسلما مؤمنا بما جاء به النبي من أحكام تمحورت بالأساس حول مكارم الأخلاق – في استهداف المقدّسات الإسلامية، وتحديدا استهداف القرآن الكريم والمسجد في رشت بالحرق(1)، وحجاب المرأة ولباس عفّتها ومظهرها الخارجي بالشارع بالتمرّد عليه واعلان الخروج عنه، وهو ما يشجع الغرب ومنظمة العفو الدولية على التمرّد على قوانينه الإسلامية، وطبيعي أن يستنكر كل مسلم هذه الأعمال الإجرامية، التي عبّرت بوضوح عن خروج مقترفيها عن الدين وبكلّ وقاحة، إعتدادا بالقوى الخارجية التي تقف وراء تحريك الحمقى والمغفلين داخل ايران، وفي ظنّهم أنهم قد أحسنوا صنعا.
وإزاء ما حصل في عدد من المناطق الإيرانية، خصوصا بعد تسرّب عناصر اجرامية الى داخل إيران على الحدود مع كردستان العراق والحدود الأفغانية، تحركت القوى الأمنية بحكمة بالغة، ملتزمة بتوخي أقصى درجات التعاطي السلمي مع الإحتجاجات، ولم تتدخل إلا عندما بدأت أعمال التخريب والقتل، الذي استهدف عددا من أفرادها، وتبيّن من اعترافات المقبوض عليهم أنهم دخلوا إلى إيران من أجل تأجيج الإضطرابات،
إزاء هذه التطوّرات الجديدة لم يكتفي الشعب الإيراني بمظاهرات التنديد بها يوم الجمعة الفارط، بل خرجت جماهيره يوم الأحد بأعداد مليونية، لتعبّر من جديد عن ولائها التام والمطلق بهذا النظام، واعتزازها بكونها حاضنته التي يستمدّ منها شرعيته في الحكم، ومعلنة بوضوح استعدادها للدفاع عنه بكل ما أوتيت من قوة، فلا مجال للإستفراد بالنظام الإسلامي، ومكونه الشعبي العريض والكبير موجود، وهذه حقيقة يحاول أعداء إيران تجاهلها، وفي اعتقادهم أن الشعب الإيراني الوفي لمبادئه كالشعوب التي باعت مبادئها من أجل دنيا رخيصة.
ما يزعج الغرب وعلى رأسه أمريكا – دون أن نغفل عن الصهيونية العالمية التي تدير هذا الصراع عبر حكومات متصهينة – هذه النجاحات التي حققها نظام ولاية الفقيه مع شعبه، في مختلف المجالات العلمية والثقافية والصناعية والخدماتية والإجتماعية، وقد بلغت مستويات أصبحت إيران تنافس الدول المتقدّمة في هذه المجالات، واستمرار هذا النتائج الباهرة، ستقلب عليه أوضاعه في السيطرة والهيمنة على العالم، خصوصا وأن من الشعارات التي دعا اليها الإمام الخميني (رض) اسقاط الإستكبار العالمي، وكنس الصهيونية من أرض فلسطين، وهذان الهدفان المزعجان لأمريكا والغرب، هما أساس التباين السياسي بينهم وبينها.
حماقة الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ومن لفّ لفّهما من أعداء النظام الإسلامي، والحاقدين عليه من عملائهم من الأنظمة العربية، ظهرت من خلال وسائل إعلامهم مهوّلة ومضخّمة الأحداث، استكمالا لحلقات التحريض وتأجيج الأوضاع في الشارع الإيراني، فلم يعد خاف تأييد تلك الأنظمة والقوى لأعمال الشغب والتخريب داخل إيران، وهي مواقف دلّت عن فساد سياسي، عُرِفت به هذه الدّول في تبعيّتها العمياء للغرب، الذي لا يريد خيرا لمن اعتبره مخالفا له، ويحملُ عقيدة راسخة في محاربة الإستكبار والصهيونية، وتوضيحا لأعمال الشغب والفوضى فقد تركّزت على حرق مسجد (في مدينة رشت شماليّ البلاد، معتبرة أن ذلك “من المؤشرات الواضحة على اندساس عناصر منظمة بين المحتجين”، مع الإشارة إلى أن مزاراً دينياً في مدينة همدان أيضاً تعرّض للاعتداء، فضلاً عن “الاعتداء” على العلم الإيراني ومحجبات وسيارات إسعاف. واتهمت الوكالة قنوات “بي بي سي” الفارسية ومنصات إعلامية تابعة للمعارضة الإيرانية في الخارج بتحريض الشارع الإيراني.(2)
لقد أصبح من الضروري القول اليوم، أن الحرب التي تشنها أمريكا والغرب والصهيونية على النظام الإسلامي في إيران، هي حرب على الإسلام المحمّدي، فلا أحد من الدّول الإسلامية غير إيران، يحمل مشاغل وهموم المسلمين، ويسعى إلى حلّها بكل صدق وجدّ، وبقية الدول الاسلامية بلا قوانين اسلامية ولا حتى المظهر الاسلامي الذي تركته نساؤهم إلى التفسّخ وتقليد الغرب في انحلاله الأخلاقي، إيران وحدها اليوم تحمل مسؤولية وعبئ إثبات نجاعة الإسلام، وقدرته على قيادة المجتمعات إلى الأمن والعدل والخير، من شاء فليلتحق بالركب، ومن قصُرَ عن اللحاق به، فلا يكوننّ مع المحاربين لإيران، فيرتدّ عليه موقفه بالخسران، وخسارة أعداء إيران ستكون مدوّية قريبا، فلا تستعجلوا على أنفسكم أيها المعادون.
وما يدعوني إلى استهجان مواقف أعداء إيران، ووصفها بالحماقات المتتالية، هي النتائج السلبية السابقة والمخيّبة لآمالهم، فقد جرّت امريكا الحرب بالوكالة ضدّها عبر صدّام، وجرّبت عمليات اغتيال الشخصيات الاسلامية، وجرّبت التحريض عليها من طرف أنظمة قامت فجأة بقطع العلاقات معها، وجرّبت مختلف أنواع العقوبات الإقتصادية فلم تفلح في واحدة منها، وكانت النتيجة الفشل تلو الفشل، والخيبة تلو الخيبة، والإنتكاسة تلو الإنتكاسة، وفي المقابل، أظهرت إيران قوة ووعيا ونضجا في التعامل مع أعدائها، فتقيم الحجج والبراهين التي تدين أعمالهم الاجرامية المنافية لأبسط قوانين حقوق الانسان واحترام خيارات الشعوب والدّول، قناعتي في أن هذا العالم يقوده شياطين إنس كفروا بأنعم الله سيضيقهم الله (لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)(3)
لقد وصلنا اليوم الى مرحلة كسر العظم المتآمر من داخل إيران، حتى لا يستقوي الغرب بمن باعوا أنفسهم للشيطان، والمرحلة بحاجة إلى عمليات مفصلية لتحييد الفاسدين وكل من ظهر حقده على النظام الاسلامي، فليتحمل تبعات ذلك، خصوصا من تورطوا في أعمال الشغب والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وارتكاب جرائم القتل والحرق والتعذيب، الضرب على أيدي هؤلاء من أوكد الواجبات، وننتظر تفاصيل ستنشرها وزارة الداخلية الإيرانية لتعرية المؤامرة.
المصادر
1 – الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني تمتد إلى 20 مدينة إيرانية وسط اشتباكات مع الشرطة
https://www-alaraby-co-uk.cdn.ampproject.org/v/s/www.alaraby.co.uk/politics16641808941523
2 – إيران قوانين الحجاب الإلزامي رقابة على حياة المرأة
3 – سورة النّحل الآية 112