الجمعة , 22 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

أمريكا تستهدف أحرار العالم!!…بقلم د. محمد سيد أحمد  

تعد الولايات المتحدة الأمريكية الوريث الشرعي للقوى الاستعمارية القديمة التي كانت تتزعمها إنكلترا وفرنسا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك التاريخ تقدمت الولايات المتحدة لتفرض سيطرتها وهيمنتها على العالم، لكنها ظلت مكبلة وغير قادرة على السيطرة الكاملة على العالم مدة تزيد على أربعة عقود كاملة، حيث كان هناك قطب آخر في العالم يمنعها من فرض هيمنتها وسيطرتها وهو الاتحاد السوفييتي الذي دارت بينه وبين الولايات المتحدة حرباً باردة انتهت مع نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن العشرين بانهيار وتفكيك الاتحاد السوفييتي، وانفراد الولايات المتحدة بالساحة الدولية كقطب أوحد يفرض سيطرته وهيمنته على العالم، ويقوم بالبلطجة والعربدة على كل من يحاول السير على نهج وطني مستقل بعيداً عن السياسات التي ترسمها له سواء اقتصادياً أو سياسياً أو حتى ثقافياً.
وخلال العقود الثلاثة الماضية التي أصبحت فيها الولايات المتحدة قطباً أوحد على الساحة الدولية حدث العديد من الكوارث للعديد من الدول سواء في منطقتنا العربية أو العالم، حيث استهدفت بعض الدول التي رفضت الخضوع لهذه السيطرة والهيمنة الاستعمارية الجديدة، ولن نذهب بعيداً، فمع مطلع التسعينيات انطلقت حرب الخليج بعد إيعاز الولايات المتحدة لصدام حسين بغزو الكويت وتحركت أمريكا لتتزعم القوات الدولية لتحريرها تحت مسمى «عاصفة الصحراء» وبعدها احتلت هي معظم بلدان الخليج وليس الكويت فقط عن طريق إقامة قواعد عسكرية في هذه البلدان بذريعة حمايتها وبذلك استطاعت أن تسيطر على المنطقة الأكثر غنى في العالم وتهيمن على مصادر الطاقة وتستنزف ثرواتها وخيراتها.
ومع مطلع الألفية الثالثة بدأت الولايات المتحدة مرحلة جديدة من السيطرة والهيمنة حيث دبرت ونفذت أحداث 11 أيلول 2001 كذريعة لغزو أفغانستان ثم العراق بحجة (مكافحة الإرهاب)، وخلال هاتين الحربين تكبدت الولايات المتحدة خسائر كبيرة ما جعلها تتخلى عن هذا النوع من الحروب التقليدية وتتجه لنوع جديد من أجل فرض سيطرتها وهيمنتها وتحقيق مصالحها وأطماعها الاستعمارية فظهر مصطلح «الجيل الرابع للحروب» حيث تقوم برعاية بعض التنظيمات الإرهابية وتنشرها حول العالم وتمدها بالإمكانات والخلايا الخفية وتنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الاقتصادية وخطوط المواصلات لإضعاف هذه الدول أمام الرأي العام الداخلي، وأبرز هذه التنظيمات تنظيم «القاعدة» وأهم الآليات المستخدمة في الجيل الرابع للحروب هي وسائل الإعلام التقليدي والجديد ومنظمات المجتمع المدني والعمليات الاستخباراتية والنفوذ الأمريكي في أي بلد لخدمة المصالح الأمريكية.
وبعد اختراع الجيل الرابع للحروب ظهرت الثورات الملونة التي تطبق من خلالها الولايات المتحدة حربها الجديدة للسيطرة والهيمنة على الدول المناوئة للسياسات الغربية الاستعمارية.. ومنها الثورة الوردية في جورجيا، والثورة البرتقالية في أوكرانيا، وثورة التوليب في قيرغيزيا، وثورة الزعفران في بورما، والثورة القرمزية في التبت، وهناك أدلة دامغة على أن هذه الثورات جميعها تدار بوساطة بعض المؤسسات الأمريكية مثل مؤسسة سوروس.
وفي إطار الجيل الرابع للحروب وكشكل أكثر تطوراً من أشكال الثورات الملونة جاء «الربيع العربي» المزعوم الذي طبقت من خلاله أساليب جديدة ومتطورة كاستخدام الفبركات الإعلامية بشكل مكثف عبر الإعلام التقليدي والجديد المتمثل في الـ«سوشيال ميديا» التي سيطرت وهيمنت على العقل الجمعي حول العالم، كما تم استخدام الطائفية والمذهبية والعرقية لإشعال الفتن بين مكونات المجتمع الواحد، وتطوير أداء التنظيمات الإرهابية لتخوض الحرب بالوكالة وبشكل مباشر في مواجهة الجيوش النظامية داخل مجتمعاتنا المستهدفة.. وبالقطع أثبتت الأيام أن هذه الثورات المزعومة تقف خلفها الولايات المتحدة بهدف تحقيق مشروعها التقسيمي والتفتيتي للمنطقة العربية.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة تستهدف إلى جانب الدول بعض الرموز السياسية، كاستهداف نيكولاس مادورو الرئيس الفنزويلي الذي يقف في الخندق نفسه المعادي للسياسات الاستعمارية الأمريكية امتداداً للراحل هوغو شافيز، وكما خططت الولايات المتحدة للانقلاب على شافيز في 2002 خططت للانقلاب على مادورو في 2019، ولم يشأ عام 2019 أن يغادرنا قبل أن نشهد استهدافاً أمريكياً جديداً لأحد الأحرار في هذا العالم وهو الرئيس البوليفي إيفو موراليس الذي وقف في وجه السياسات الأمريكية الاستعمارية وكان داعماً للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فنظمت ضده انقلاباً عبر مجموعة من الاحتجاجات أجبرته على إعلان استقالته.. هذه بعض النماذج للاستهداف الأمريكي لأحرار العالم، فهل نقف أمامها مكتوفي الأيدي، يا أحرار العالم اتحدوا.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

*كاتب من مصر

 

شاهد أيضاً

من يحكم من إسرائيل / أمريكا ؟…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

السردية السائدة في الصحافة الرسمية الغربية بما يخص العلاقة بين نتنياهو وكيانه وإدارة الرئيس بايدن …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024