ما حصل في الحرب الأخيرة بين ارمينيا و آذربيجان هو تحول استراتيجي كبير لا يؤثر فقط على القوقاز بل يؤسس لموازين قوى دولية جديدة.
في خلفية المشهد يجب الإشارة أولا أن باشينيان الرئيس الارمني وصل إلى السلطة بعد ثورة ملونة ممولة من مؤسسة جورج سورس وبمتابعة وتنظيم من ال CIA و MI6.
خلال فترة حكمه قطع تقريبا كل العلاقات مع روسيا، اوقف التنسيق الأمني والسياسي والعسكري, السفارة الأميركية في يريفان عاصمة ارمينيا تحوي 2000 موظف ورجل امن. بعد اندلاع المعارك ولمدة شهر لم يطلب باشينيان دعم روسيا، مما أدى إلى خسائر فادحة أدت الى مقتل الآلاف من الجنود الارمن. باشينيان كان قد أطاح بالضباط الأرمن الذين خاضوا الحروب المنتصرة السابقة بسبب قربهم من موسكو.
الشعب الأرمني فهم ما حصل له, الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا التي توجه إليهم باشينيان لم يستطيعوا انقاذه., والحشود حطمت مكتبه ومكاتب سوروس في يريفان.
القوات الروسية التي دخلت للفصل بين القوات أصبحت في داخل ناغورني، وعلى الحدود بين البلدين المتصارعين وهي تسيطر على الطريق الذي يصل آذربيجان ونخجوان وبالتالي تركيا، وهي إذا تتحكم بالحركة بين هذه الدول والمناطق.
ما حصل يشبه ما حصل مع جورجيا وأوكرانيا. كلما تحرك عملاء إميركا والغرب لازعاج روسيا خسروا جزءا من سبادتهم أو من أراضيهم.
في جورجيا خسرت إقليمي اوسيتا وابخازيا.. اوكرانيا خسرت جزيرة القرم. ارمينيا التابعة لجورج سوروس أصبحت تحت الحماية والوصاية الروسية، آذربيجان وجدت نفسها مع قوات روسية تحدد لها ادوارها كما أدوار تركيا.
لقد أصبح من الواضح أن تكتيكات بوتين تحول التحدي إلى فرصة حيث يضرب في الوقت والمكان الملائم له، ويحول المنافسين إلى شركاء مكرهين. هكذا حول اوردوغان إلى شريك مكره في سوريا وكذلك في ليبيا اقفل الطريق عليه ولم يترك له الطريق خالية والآن في ارمينيا و آذربيجان .
الأطلسي لم يفعل شيئا لباشينيان ولا الولايات المتحدة ولا فرنسا. 2000موظف في السفارة الأميركية في يريفان كانوا متفرجين يرسلون التقارير عن الخسائر الأرمنية دون أن يستطيعوا فعل أي شيء.
هل يذكركم هذا بأي شيء؟
نعم هذا يذكرنا بالسفارة الأميركية في لبنان ، كبيرة جدا وموظفوها بالمئات، لكم أن تتصوروا وضعهم في حال حصول اشتباك ما في المنطقة، كذلك اتباع الولايات المتحدة والمنظمات غير الحكومية، كما تلاشت وتحطمت قدراتها في ارمينيا ستتحطم كذلك في لبنان.
الغرب بشكل عام يغرب نفوذه. والولايات المتحدة تلملم جراحاتها في غرب آسيا وفي الداخل الامريكي. ثم ما زال هناك من يتنطح في لبنان لمهمات غير قادر على تحقيقها، بانتظار أن يلقى مصير باشينيان المختبئ اليوم في عاصمة بلاده يريفان تمهيدا لكي تهربه إحدى أجهزة الاستخبارات الغربية من بلاده قبل أن يسحلوه في الشوارع.