ما فتئت دولة الامارات المتحدة تسعى بشتى الطرق لتثبيت موطئ قدم لها والتمدّد إقليميا ودوليا والبحث عن أدوار فاعلة في محيطها تتجاوز ربّما حجمها الطبيعي وثقلها السياسي، وبدلا من ترسيخ علاقات ثنائية مع عديد الأطراف وفق المعايير والمواثيق الدولية، راحت تنحت لها خط سير مخالف تماما ولا يتماشى وأواصر الروابط التاريخية والحضارية التي تجمعها مع دول المنطقة العربية والاسلامية، وهو ما خلّف ريبة وامتعاضا ورفضا شعبيا للتدخلات الاماراتية ولأدوارها التخريبية ودورها في دعم “الثورة المضادة” خصوصا في دول المغرب العربي، التي بات الحضور الاماراتي فيها غير مرحّب به، مثلما هو الحال في عديد البلدان العربية، ودول القرن الأفريقي.
وقد أطلق مسؤولون وقادة وسياسيون في عدد من الدول المغاربية اتهامات متواصلة للامارات بالتدخل السافر في شؤونها الداخلية، الذي ينبئ عن مؤامرات غايتها زعزعة أمنها واستقرارها، ومن بينها الاتهامات الليبية لأبو ظبي بإشعال فتيل الاقتتال الداخلي، من خلال تزويد فصائل متمردة على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً بالأسلحة والأموال والمقاتلين (المرتزقة)، وذات الاتهامات خرجت من المغرب، وتونس، والجزائر.
وقد نقلت صحيفة “ذا ليبيا أوبزيرفر” عن مصدر سوداني، قوله أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان يزود قوات خليفة حفتر بالأسلحة والذخيرة، ضمن صفقة تمولها دولة الإمارات، وفقاً لصحيفة “القدس العربي”.
واتهم المصدر البرهان باستخدام المؤسسة العسكرية السودانية بهدف إنتاج كميات كبيرة من المعدات العسكرية، وإرسالها إلى خليفة حفتر لكسب الثروة من وراء ذلك.
وأشار المصدر إن البرهان، ونائبه محمد حمداني يتنافسان من أجل الحصول على أموال إماراتية، مؤكداً إن “الأول أرسل أسلحة فيما أرسل الأخير المرتزقة” حد قوله.
وكشفت الصحيفة إن عبدالفتاح البرهان أرسل 3 طائرات شحن عسكرية محملة بالأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية إلى شرق ليبيا، في شهر جوان الفائت، ضمن صفقة تمولها دولة الإمارات.
وبحسب المصدر فإن” كلا القائدان يستغلان نفوذهما بين القبائل لتكون لهما اليد العليا، بعد أن وعدت الإمارات بضخ مئات ملايين الدولارات لدعم حفتر”.
وتسبب التدخل الإماراتي بإطالة أمد الحرب في ليبيا التي تحاول جاهدة أن تصل إلى مرحلة استقرار سياسي منذ نحو 10 سنوات.
إلى ذلك، هاجم رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، دولة الإمارات “تلميحاً” دون ذكرها علناً، متهما إياها بمحاولة التدخل في شؤون المغرب الداخلية وقرارته السيادية.
وقال العثماني، في “ملتقى الصحراء” الذي نظمته شبيبة حزبه، على مواقع التواصل الافتراضي، أن هناك دولا تحسد المغرب على نجاحاته، وتحاول أن تتدخل في ملفاته، وتشوش عليه وتهاجم قياداته، إلا أن المغاربة وقفوا بالمرصاد لها.
وأشار العثماني إلى الأزمة التي اندلعت قبل بضعة أسابيع بين المغرب والإمارات، وما تخللها من هجوم لقيادات، ووسائل إعلام إماراتية على بلاده، قائلاً إن “هناك حملات ظالمة ممولة من الخارج حاولت أن تشوه المغرب”.
وكانت وسائل إعلام إماراتية قد اتهمت من خلال حملات متكررة، الحكومة المغربية ورئيسها بالفشل في مواجهة أزمة كورونا، وعدم توفير احتياجات المواطنين، بلغت حد اعتبار البلاد مقبلة على مجاعة، إلا أن رواد المواقع المغاربة ردوا على تلك الحملات، وفقاً لصحيفة “القدس العربي”.
وسبق لمسؤولين وأحزاب تونسية اتهام الإمارات في مناسبات عديدة بالسعي إلى تعطيل المسار الديمقراطي في تونس، ووصفوا دور أبوظبي بـ”التخريبي” والمؤثر سلباً على البلد، وذات الاتهامات التونسية صدرت من سياسيين جزائريين.
وكان رئيس مجلس الشورى في حركة النهضة التونسية، قد كشف، عن محاولة الإمارات إغراء الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بعرض مالي كبير مقابل إقصاء الحركة من السلطة، والحياة السياسية، ووضع حد للتجربة الديمقراطية.