#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺮﻳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﻗﺐ ﺍﻟﻤﻘﻴﺖ ، ﻭﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ عن الأزمة الوبائية التي ألقت بظلالها على الوضع الإقتصادي و الإجتماعي، و إنما بسبب الأزمة السياسية و التجاذبات الضيقة مما ينبأ ﺑﺄﻥ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﺸﻮﺩﺓ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﻝ .
تحديات كورونا ليست صحية فحسب وانما هي أزمة سياسية بالأساس، و بالتالي قيمة وقدرات ومهارات قائد السفينة، تظهر عندما يواجه الأعاصير والأمواج العاتية، وينجح فى الإبحار بسفينته إلى بر الأمان، و يبدو أن حكومة الفخفاخ أمام تحديات لايحسد عليها ، فى ظل ان البلاد في أصعب فترات انهيارها فى مختلف المجالات، ووسط أزمة وبائية عالمية غير مسبوقة و غير متوقعة، و كذلك وسط أزمة سياسية و مكايدات و مؤامرات خبيثة في زمن الكورونا.. و في الحقيقة لا أحد يستطيع أن ينكر الصعوبات التي واجهتها الحكومة و لا أحد يريد ان يكون في مكان الفخفاخ في هذا الظرف الإستثنائي بين أزمة وبائية و ازمة إقتصادية و إجتماعية و سياسية معقدة ،
القيادة والزعامة ليست الجلوس أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحف، تتحدث عن شعارات شبيهة بالسراب، وترديد خطابات متشنجة، وتدعو للعيش والكرامة، دون تقديم حيثيات لهذه الدعوات، وإنما القيادة هى القدرة على اتخاذ قرارات خطيرة، ومواجهات حاسمة لأعتى المشاكل لحلها في ظل تراكمات خلفتها الحكومات المتعاقبة على غرار الأزمات الإقتصادية و الإجتماعية المتهاوية..
قد يكون المتفرج فارس ولكنه لا يدرك حجم الأزمة الوبائية التي عجزت امامها اقوى الدول و تحدياتها الخطيرة المتسارعة التي تواجه البلاد على جميع الأصعدة..
ﻣﻦ ﻧﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺁﻟﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ؟ ﻭﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﺳﺐ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺳﻨﺪﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻭﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻣﺠﺒﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺠﺎﺭﻱ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ وسط الكم الهائل من الأزمات..
في الحقيقة لست متفاءل و لست متشاءم و لكن متمني و متأمل من حكومة قوية تستطيع أن تواجه تحديات لايحسد عليها و هذا لن يكون إلا بالتوافق بين كل الأطياف السياسية و اخلقة الحياة السياسية بعيدا عن التجاذبات و المحاصصة و حطان العصا في العجلة و سياسة الجذب للوراء و تعطيل أداءها لتصفية حسابات سياسية ضيقة.. لخدمة اجندات داخلية و خارجية على حساب هذا الوطن المنكوب بنخبته المتأمرة عليه..
في ظل الأزمة الوبائية، بعض الأطراف تسعى جاهدة لنشر البلبلة وتشتيت جهود المؤسسات الوطنية لمحاولة شغلها عن مهامها الأساسية و هذا غير معقول وغير مقبول..
من جانب آخر أرى أن التصريحات الأخيرة للنائب عن ائتلاف الكرامة، زهير مخلوف والتي تحدث فيها عن سحب الشرعية من رئيس الجمهورية قيس سعيد ، ويبدو انه لا يعلم أن الديمقراطية بمعناها القديم والحديث تعني حكم الشعب، بالشعب ولأجل الشعب، ما معناه أن الشعب هو مصدر كل السلطات، ولا سلطة تعلو فوق سلطته، و مايثير الدهشة و الإستغراب أن مخلوف كان يدعم كل ما يقوله قيس سعيد خلال حملته الانتخابية، لكنه أصبح اليوم يعارضه ويهدد بسحب الشرعية منه، و أرى ان كل ما قاله قيس سعيد بخصوص ما يحدث على الساحة السياسية هو حقيقة يرددها جزء كبير من الشعب و وسائل الإعلام و لا يمكن ان ننكر ما وصل إليه المشهد السياسي المتعفن و المناخ المشحون باﻟﻤﻬﺎﺗﺮﺍﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻣﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺠﺪﺍﻻﺕ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻭ ﺍﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺰﻣﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻃﻦ في عقول بعض الساسة ، مما تفتح الباب على مصراعيه ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍلإﻧﻘﺴﺎﻣﺎﺕ ﻭ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﻭ ﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﻋﻘﺪ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻣﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺤﻞ ، ﻧﺎﺗﺠﻬﺎ ﻋﺪﺍﻭﺍﺕ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭ ﺃﺣﻘﺎﺩ ﺗﻄﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺄﺳﻮﺍﺭ ﻋﺰﻟﺔ ﻛﺌﻴﺒﺔ ﺗﻤﻨﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﺣﺘﻰ ﺑﻨﺼﻒ ﺧﻄﻮﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﻭ ﺍﺻﻼﺡ ﺍﻟﺤﺎﻝ ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻫﺮﻭﻟﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ، ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭ ﺍﻷﻧﺤﻄﺎﻁ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ في زمن مختلف تماما عن سابقيه بكل المقاييس أمام أزمة تهدد البشرية جمعاء.. أقل ما يقال عنه بأنه نفاق سياسي، فإن لم تستحوا فأفعلوا ما شئتم!!
امام هذه التطورات السياسية المتسارعة المسؤولية تلقى على الرئيس قيس سعيد للتدارك، سواء فيما يتعلق بحسن إدارة الأزمة بحسب صلاحياته الممكنة أو فيما يتعلق برفع أوجه التوتر مع بقية السلطات، لأنه ببساطة رئيس الدولة، وهو الرئيس الوحيد في البلاد كما يؤكد.. و يجب أن تكون المبادرة من رئيس الجمهورية لتجاوز كل مظاهر التوتر مع بقية السلطات، بغض النظر عن مسؤولية كل طرف في هذا التوتر وفي أسبابه وفي دوافعه، باعتبار أن هذه اللحظة هي لحظة وحدة وطنية مقدسة تستدعي الترفع عن كل الحسابات السياسية الضيقة و يرتقوا إلى تغير جديد و بعقول جديدة تعيد الى الشعب الثقة و وضع برنامج وطني تسخر له كل القدرات والجهود والامكانيات متكاتفة لتنفيذه أمام خطر يهدد الأمن القومي الصحي للبلاد. .
رئيس الدولة الذي يلزمه الدستور بالحفاظ على وحدة التونسيين يجب أن يبادر لإظهار رجال الدولة متحدين ومتضامنين غير متخاصمين، لتكن الآن هدنة ومبادرات حسن نوايا واضحة، لنتجاوز معا هذه الأزمة بأخف الأضرار..
رغم التحديات و قساوة الأزمة الوبائية و تداعياتها إلا انها كشفت الأقنعة بين رجالات الدولة وبين النفوس المريضة و بين الطيب و الخبيث، هؤلاء الأقلية التي تسعى لعرقلة ديمقراطيتنا بالثورة المضادة المتطفلة وبالتالي الشعب الواعي ليس غبي لينخرط في هذه المتاهات التي تأخذ البلاد إلى مالا يحمد عقباه و سيكون بالمرصاد لكل من تخول له نفسه الإنحراف بمسار البلاد و إستقرارها.. و كما قال الفخفاخ التاريخ سيذكر ما سنفعله في السنوات الخمس القادمة…و “الي يحب يدخل بين الحكومة والشعب التونسي لازمه يقوم بكري”
سيدي رئيس الحكومة لا يزال الطريق أمامكم طويل و محفوف بالأزمات و المكايدات السياسية و لا يزال أمامكم الكثير لتنجزوه لهذا الشعب و للوطن و ليس بالوقت المناسب لتقييم ادائكم الآن، تونس أمانة.. أخدم والشعب معاك..