نعم ان من تابع مسيرة الجمهورية الاسلامية الايرانية على مدى 41 عاما، من تأسيس نظامها، عارف بحقيقتها، سوف لن يتفاجأ من نموّها السّريع، وتطوّرها المتلاحق ونجاحاتها المتواصلة، التي حققها أبناؤها الغيارى، العاملين لأجل عزة الإسلام الذي قامت ثورة شعبها من أجله، ولن يكون غائبا عن تقدّمها سوى من استهوته شياطين الاعلام، يعدما ضللته عن هذا المقام.
المتفاجئون من تطور إيران الإسلام، طابور المتهافتين ضدّها، القانعين بدعايات أعدائها، والقائمين على بهتانهم، لم يكلّفوا أنفسهم السعي لمعرفة حقيقتها، فوطّنوها على ما يجود به هؤلاء المغرضون عليهم، بشأنها من اخبار ومعلومات زائفة، وهو ظلم وحيف بحق دولة اسلامية، لم تتأخر يوما في القيام بواجبها، تجاه أمتها وقضاياها الملحة، وفي مقدّمتها قضية فلسطين، التي ترى في حلها بالقوة، أجدى وأصحّ الحلول، بلسما يداعب قلوب المؤمنين بمشروعها الى حين الفتح.
ايران الاسلامية تعمل في صمت، وتتقدم بخطى ثابتة نحو مصاف الدول الكبرى، ليس بعقلية الهيمنة والاستكبار، بما يؤفك ضدها، من سعي لاستعادة أمجاد امبراطوريتها الفارسية القديمة، فهي قد قامت أساسا على معاداة هذه العقلية المريضة وأصحابها، بل إنّها نجحت بفكر الاخوة الاسلامية الصادقة، والروابط الانسانية المحترمة للأخلاق والقيم الدينية، وايران التي عاشت الاستضعاف في بداية عهدها، تولي أهمّية للشعوب المستضعفة، كشعب البوسنة ومساعدتها له في محنته، حتى التي لم تكن اسلامية كفنزويلا، فأساس القيم وبناء مجتمعاتها، التعايش السّلمي المشترك فيما بينها، على الاحترام والتّعاون، وتجنب الإثم والعدوان.
ولولا الأولوية التي جعلها النظام الاسلامي الايراني، بتحقيق الاكتفاء الذاتي من صناعات بلاده العسكرية، للدفاع عن حظوظها ومصالحها، في وجه غطرسة واستكبار امريكا، وتهافت الكيان الصهيوني بنزعته العدوانية، لما أمكن لإيران أن تحقق شيئا من تقدم في شتى المحالات، ولاستبيحت اراضيها ومكتسباتها، لمن يملك القوة والقدرة عليها فيحرمها منها، وما يمنع امريكا وحلفاءها، والكيان الصهيوني وأعراب التحالف معهم، من شنّ عدوان عسكري ضدها، هو عامل تمكنها وقدرتها على الدفاع على مكتسباتها، بل والرّد عليه بحزم وقوة، وهذه أصبحت حقيقة في معادلة الصراع، بين مشروعين، الشرق الأوسط الذي تريده إيران وفيه دولة فلسطين كاملة الارض والشعب والطموح، وبين شرق أوسط جديد، لا وجود فيه لفلسطين ولا قيمة فيه سوى لدولة الكيان، تتحكم فيه بهواها.
أمام جملة هذه التحدّيات والطموحات، نظرت ايران ببصيرة قيادتها الحكيمة، فوجدت أنها مدفوعة ومستحثّة بعوامل أساسية لا يمكنها التغافل عنها، أهمّها عامل الزمن الذي يجب عليها مراعاته بمجاراة حركته السريعة لفائدتها، وما يستدعيه ذلك من وضع خطط ناجحة لتطوير صناعاتها المدنية والصحية والعسكرية، وكان لها ما أرادت، والاكتفاء العسكري الذي حققته، كان الانجاز الحيوي والكبير الذي كبح جماع اعدائها رهبة
لم يغب عن ايران المجال الجيو فضائي، وهو بما بلغته الدول الكبرى من كسب تقنياته، جعلها تحتكر خصوصياته ومزاياه لنفسها، على مستوى العلوم والمعارف الفضائية، وامكاناتها في الرّصد والاستكشاف الفضائي، والحصول على معلومات دقيقة، لما تخفيه باطن الارض من مدّخرات، اضافة الى مزايا اخرى كثيرة علمية مدنية وعسكرية.
واهتمام ايران بعدة مجالات تكنولوجية حيوية متطورة كان كبيرا، الى الحد الذي افضى بها بعد وضع البرامج والخطط العلمية، للوصول بواسطتها الى مستويات عالية من القدرة، تمكنها من منافسة الدول الكبرى التي سبقتها في تلك المجالات، ولم لا بهِمَّة رجالات علومها وخبرائها لتحقيق التفوّق عليها.
بعد نجاحات إيران في مجال صناعاتها العسكرية، وتحقيق اكتفاء قواتها العسكرية من تجهيزاتها وآلياتها المتعددة الوظائف، بحيث لم تعد بحاجة الى استيرادها من الخارج، دخلت ايران الاسلامية مجال الصناعات الدوائية، وتمكنت من توفير مئات العقاقير والعلاجات، كانت حكرا على الدول الغربية، لم تعد بحاجة الى استيرادها من الخارج، وتوفير مليارات الدولارات من العملة الصعبة، لتوجيهها الى مشاريع وبناءات تنموية أخرى.
ما اردت ان اخصه في هذا المقال من جديد، متعلق بالتطور الإيراني في مجال حيوي وحساس جدا، وهو مجال الاقمار الصناعية، علوما وتقنيات وصناعة، بقيت حكرا على دول معدودة على اصابع اليد الواحدة، زيادة على برنامجها الفضائي واعدادا وتنفيذا، وتطلع النظام الاسلامي الى مواكبة الدول الكبرى في هذا المجال، أدّى إلى تنفيذ برنامج واعد وطموح، بدء من بناء قاعدة الامام الخميني الجيو فضائية، وتجهيزها لتكون مفخرة التقدم العلمي والتقني الاسلامي الايراني.
فقد كشف وزير الاتصالات الايراني، عن مشروع كبير لإنتاج 18 قمرا صناعيا، حتي نهاية العام الايراني الجاري (20 مارس 2021)، بعيدا عن مجال الدعاية الجوفاء واعتمادا للمصادر الخبرية الموثقة، خلال الاجتماع العلني للمجلس الشورى الاسلامي، انه تم انتاج ثلاثة الاقمار الصناعية قبل سبع سنوات، وسبعة اخرى قبل ثلاث سنوات، ومن المتوقع ان يزداد حجم انتاج ايران التقني المحلي، ليبلغ 18 قمرا صناعيا حتى نهاية العام الجاري، واوضح الوزير انه تمت زيادة ميزانية الاتصالات وانتاج الاقمار الصناعية بنسبة 1.5 % خلال العام المنصرم، رغم كل المشاكل التي واجهتها البلاد (*).
ايران الاسلامية فاجأت العالم باسره، بسرعة تطورها ونموها، حيث ان هذا العالم لم يكن متوقعا صدور هذا الفعل الحسن منها، بحكم تصوره الكلاسيكي، أن المسلمين الذين عرفهم، لا يملكون الشجاعة، ولا الامكانيات، ولا القرارات السياسية، التي تفتح لهم ابواب الفعل والمنافسة، لذلك فانهم والحال تلك، ابعد ما يكونون عن مواكبة التقدم العلمي والتقني للدول الكبرى.
اما ثلة الايمان بعودة الاسلام فاعلا مؤثرا على الساحة العالمية، فإن عقيدتهم راسخة في ان قوما بعينهم – وهم قوم سلمان المحمدي – سيكون لهم القدرة الكاملة على المنافسة والتفوق ( لو تعلق الايمان بالثريا لناله رجال من فارس )، الوعد تحقق فمن شاء أبصر، ومن شاء بقي أعمى.
(*)https://nournews.ir/Ar/News/51514/ايران-بصدد-إنتاج-18-قمرا-صناعيا-محلي-الصنع-حتى-نهاية-العام-الجاري