حان وقت التفكير العلني، وحان وقت وضع النقاط على الحروف، السياسة مصالح، والتحالفات تبنى على المصالح،
تعتقد الدول المطبعة وتؤمن أن مصلحتها في التطبيع مع الكيان الصهيوني، على الرغم من رفض شعوبها الحرة لمثل هذا التطبيع، إلا من فئة مستفيدة ومقربة من النظام، وعلينا نحن الفلسطينيون أن ننظر إلى أين تكون مصلحتنا وأن نتوجه نحوها، مصلحتنا تكون في التحالف مع من يدعم مشروعنا الوطني.
إذا صدق نتنياهو، فإن الوضع لن يقف عند الإمارات والبحرين، وأن هناك ست دول أخرى تسير نحو التطبيع، لا أريد التكهن بمن ستكون تلك الدول، ولكن الوقت كفيل لإسقاط الأقنعة واحد تلو الآخر.
ولدت الجامعة العربية من رحم الدول الإستعمارية ، وخلقت لخدمة المشروع الصهيوني، ومن يتابع مواقفها منذ تأسيسها عام 1945 يجد أنها سلبية وأنها كانت دائماً تهدف إلى فرقة العرب وتغذية إنقسامهم، هذا الدور الذي خلقت له، وهذا الدور الذي لعبته وتلعبه، وكان آخرها رفضها مشروع القرار المقترح من قبل فلسطين بإدانة التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، ورفض طلب فلسطين بقمة طارئة تحت هذا العنوان، والمواقف العربية المخزية ضد إقتراح فلسطين مشروع قرار إدانة التطبيع الإماراتي، حيث خذلنا الجميع دون استثناء ودون حياء. أستغرب كيف أننا لم نصل إلى هذه النتيجة إلا مؤخراً.
في ظل هذه المعطيات، الخذلان العربي المقيت في اجتماع الجامعة العربية الأخير، والتطبيع الوقح مع الكيان من قبل دولتين، وتفريغ الجامعة العربية من مضمونها ومحتواها المفروض لها، تستوجب منا نحن الفلسطينيون ألا نثق بأحد من أخواننا العرب، مهما كانت مواقفهم العلنية وتصريحاتهم، هذا لا يعني ان نشكك بأي دولة عربية وبأنها مرشحة نحو أن تسير على نهج الدول المطبعة، ولكن علينا الحذر، وأخذ جميع الإحتمالات بنظر الإعتبار ، ووضع جميع السيناريوهات، لكي لا نتفاجأ ولا نسمح لأحد بأن يقطع بنا الحبل في البئر.
علينا أن نعيد حساباتنا وأن نعمل جردة حساب صادقة ، علينا ألا نخسر أي طرف علاقتنا معه جيدة طالما أنه لم يخذلنا ، وعلينا أن ننظر إلى الأطراف المدافعة عن قضيتنا بدون أن يكون لها مصلحة وبدون أن يكون هناك شروط وبدون تشكيل أي ضغط علينا، وأن نعيد أو نوثق أو نعزز علاقاتنا مع مثل تلك الأطراف.
علينا أن ننظر إلى الدول الإسلامية كماليزيا وأندونيسا وتركيا وإيران وغيرها من الدول الداعمة، وعلينا أن نعيد تشكيل تحالفاتنا بما يضمن لنا الدعم المادي والمعنوي والسياسي دون شروط.
إيران دولة مقاومة، وداعمة للقضية الفلسطينية ، إيران دولة قوية عسكرياً، وكنا على علاقات جيدة معها زمن الشهيد عرفات، مأخذنا على إيران حسب تقديراتي هي أنها داعمة لحماس في زمن الإنقسام، وفي تقديري أن دعمها لحماس نابع من منطلق عقائدي أيديولوجي، ولكن يفترض أن زمن الإنقسام قد ولّى إلى غير رجعة بإذن الله، فنحن في طريق الوحدة التي لا مفر منها ولا خيار آخر لدينا إلا أن نتوحد لنكون قادرين على مواجهة المؤامرة الكبرى التي تستهدف كل فلسطيني وتستهدف مشروعنا الوطني وتصفية قضيتنا.
لا أعتقد أن حماس والجهاد الإسلامي أقدموا على الوحدة دون مباركة من إيران، فلا بد من أن إيران أعطتهم الضوء الأخضر لذلك لسبب بسيط، وهو أن بوصلة إيران هي فلسطين، والقضية الفلسطينية على رأس أولوياتها، ولا يمكن لإيران أن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، بل أن إيران تتحدث عن تحرير فلسطين، كل فلسطين، لذلك عندما أدركت إيران أن السبيل الوحيد في مواجهة الخطر الأمريكي الصهيوني هو وحدة الفلسطينيين، فإنها لن تتوانى عن دعم تلك الوحدة.
وإنطلاقاً مما سبق، ما المانع أن تقوم إيران بدعم فلسطين من خلال الشرعية الفلسطينية بدلاً من تقديم الدعم لحماس مباشرة، لا أقول أن تتوقف عن دعم حماس، بل يجب أن تستمر في تقديم كل الدعم العسكري واللوجستي والسياسي لها كفصيل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وكجزء من المكون الفلسطيني الأساسي ولكن في ظل وتحت راية الشرعية الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس.
حان الوقت لأن ننطلق بإتجاه من يدعمنا ويدعم حقوقنا دون شروط ولا نصائح كاذبة ولا ضغوطات، وعلينا أن نضع أيدينا بأيدي إيران الإسلامية الفارسية وأن ننهض من جديد، بتحالفات رادعة لتغول وتوغل الكيان الصهيوني نحو مزيداً من الإستيلاء على الأرض، فليس من شهامتنا الإستسلام، بل التصدي والتحدي والصمود أمام كل من يقف أمام نهوضنا . لقد كان إجتماع الفصائل نقطة تحول في عزيمتنا، وأثبتنا للعالم عكس ما كان يراهن عليه البعض، من أننا لن نتفق ولن نتوحد، أعلنّا خطاب القرار الفلسطيني المستقل، خطاب التحدي والصمود والمواجهة والوحدة الوطنية، لنسير في خطة إستراتيجية شاملة متكاملة ، يكون الأساس فيها تبني جميع أشكال المقاومة المشروعة للحفاظ على كينونتنا وحقوقنا المشروعة في بناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين والنازحين والمبعدين وتحرير أسرانا.