لم تنقطع الهجمات الدعائية المغرضة على إيران منذ أن عبّرت بلسان قادتها الفصيح أن ثورة الشعب الإيراني وخياره في الحكم، كانا ولا يزالان في خدمة الإسلام المحمّدي الأصيل، وتوظيف مبادئه من أجل عزة أهله، ونيل حقوقهم المسلوبة، وكان منتظرا أن يقوم أعداء منهج العزة لله ورسوله وللمؤمنين، بما في وسعهم عمله من أجل عزل إيران صوتا وصورة عن محيطها الإسلامي، فاستعانوا بكل فاسق وخبيث دولا عميلة لأمريكا والغرب، ودعاة علمانية، ومتطرّفين أدعياء دين، ليشوّهوا سمعتها الناصعة بالحق والصّدق، ولما كانت الهجمات مكثفة من عدّة مصادر، فقد وقع في أسر بهتانها عديد الناس، اعتقادا منهم بأنها تمثّل واقع إيران ما بعد الثورة الإسلامية.
بما أننا نقف اليوم على عتبة استحقاق شعبي هامّ، تمثّل في استعداد الشعب الإيراني غدا، لخوض دورة جديدة من الإنتخابات الرئاسية لبلاده، يجدر بنا أن نذكّر أن النظام الاسلامي يعتبر رائدا في هذه الاستحقاقات المتنوعة حيث لا يمرّ عام دون اجراء انتخاب ما سواء محلّيا كانتخابات المجالس البلدية، أو وطنيا كانتخابات مجلس الشورى، ومجلس صيانة الدستور، ومجلس خبراء القيادة، وانتخاب رئيس الجمهورية، ويبدو المشهد السياسي واضحا هنا معبّرا على أن الشعب الايراني شريك فعال في صناعة القرار السياسي تخطيطا وتنفيذا، بل لقد كان قال كلمته بعد انتصار الثورة الإسلامية – وخلاصه من نظام شاهنشاهي عميل للغرب ومستبد بحقوقه- فاختار نظامه الإسلامي بنسبة أذهلت أعداءه بلغت 98.2%.
يخوض إذا الشعب الإيراني الدّورة الثالثة عشرة من الإنتخابات الرئاسية 18/6/2021، وهو يعيش تحت تسلّط أمريكا، وعقوباتها الظالمة بحقه، تحفّزه إرادته التي لا تقهر، في أداء هذا الإستحقاق على أكمل وجه، ليعطي من خلاله درسا في الحرية والديمقراطية لأدعيائها، ومروّجي أنماطها الكاذبة خداعا، وليس هذا هو الدّرس الأوّل الذي يقدّمه الشعب الإيراني ونظامه الإسلامي للغرب والعالم، فقد سبقت منه دروس وعِبَرٌ، استخلصها كل حرّ وأبيٍّ على هذه البسيطة، وخرج بمفاد منها أن لهذا النظام الإسلامي حاضنة شعب، يستحيل على أعدائه تفتيت جمعها حوله مهما عملوا من مؤامرات ومعارضات ضدّه.
طرافة الانتخابات الرئاسية الايرانية أنها حبلى بالمفاجآت والجديد في كل يوم، ففيما اقصى مجلس صيانة الدستور – المخوّل له النظر في مطالب ترشحات المتقدمين للفوز بمقعد الرئاسة – كل من اسحاق جهانقيري ومحمود أحمدي نجاد وعلي لاريجاني، ليبقى في السباق سبعة مترشّحين هم السيد ابراهيم رئيسي/ محسن رضائي/ سعيد جليلي/ علي رضا زاكاني/ وأمير حسين قاضي زادة هاشمي (التيار المحافظ) محسن مهر علي زادة /عبد النّاصر همّتي(التيار الاصلاحي) بدأت قبل أيام مناظرات المترشحين على الفضائيات لتعكس أجواء التنافس الشديدة التي رسمتها، ظهرت تقاليد انفردت بها الإنتخابات الرئاسية الإيرانية تمثلت في انسحابات المرشحين لفائدة من يعتقدونه الأكفأ والأكثر حظا بالفوز.
ففيما حسم الاصلاحيون أمرهم، بإعلان 12 حزبا إصلاحيا دعمهم لعبد النّاصر همّتي، أعلن محسن مهر علي زادة انسحابه لفائدة همّتي، وكان هذا الأخير أعلن انه مستعد للقاء الرئيس الامريكي بايدن والملك سلمان، في تحدّ صريح لمنهج الثورة في شيطنة الادارة الامريكية، وإدانة النظام السعودي على جرائمه الارهابية في المنطقة.
(بعد ساعات من إعلان محسن مهر علي زاده انسحابه، أصدر 210 نواب في البرلمان بيانا دعوا فيه مرشحي قوى الثورة، إلى الانسحاب من الانتخابات لصالح المرشح، إبراهيم رئيسي. وهي دعوة للمرشحين المحافظين الأربعة، سعيد جليلي، ومحسن رضائي، وعلي رضا زاكاني، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، للانسحاب، كي لا تنقسم أصوات الناخبين بينهم، وهو ما قد يصب لصالح المرشح عبد الناصر همتي).(1) أعلن سعيد جليلي وعلي رضا زاكاني، انسحابهما من سباق الرئاسة، لفائدة السيد ابراهيم رئيسي، مما يرفع حظوظ ترشحه، ليكون الأقرب لنيل الفوز فيها، منذ الجولة الأولى إذا ركّز تيار الثورة المحافظ على شخص ابراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية، وقبلها كان مشرفا على إدارة مقام الإمام الرضا.(2)
وفيما اطنبت وسائل الاعلام السعودية في سد سمومها بشأن إيران وما يتعلق بها، لم تتخلّف هذه المرّة عن التعبير عن هواجس وهميّة(3)، كان حريّ بها، أن تسأل عن حالها التعيس تحت نظام، لم يعرف شعبه شكلا من أشكال الإنتخاب، وهذا ما قصده الامام السيد علي خامنئي بكتابته على صفحته بتويتر: (بعض الدول التي تديرها حكومات قبلية في القرن 21 لم تر شعوبها حتى الآن صندوق اقتراع، بل لا تدرك الفرق بين صندوق الاقتراع وصندوق الفاكهة، وهي تطلق تلفزيوناتها لتقول إن الانتخابات في إيران ليست ديمقراطية.)
هذا وستجري يوم غد الجمعة 18 حزيران /يونيو انتخابات رئاسة الجمهورية الـ 13 وانتخابات المجالس الاسلامية البلدية والقروية الـ 6 والانتخابات التكميلية البرلمانية والانتخابات التكميلية لمجلس خبراء القيادة، وقد خصصت الحكومة 66 الفا و 800 مركز اقتراع لانتخابات رئاسة الجمهورية و 75 الفا و 15 مركز اقتراع لانتخابات المجالس البلدية والقروية.(4)
العالم يحبس أنفاسه يوم غد، ويتمنى المتمنون من أعداء الثورة الاسلامية في الخراج والدّاخل لو يتخلّصون من هاجسها الذي طالما أرّق نومهم وأقض مضاجعهم، كالكيان الصهيوني، الذي أصبح يعدّ ما بقي له من عمر في وجود هذا النظام الإسلامي الذي أعلن منذ أيام انتصار ثورته الأولى بأنى الصهيونية غدّة سرطانية يجب أن تزول من أرض فلسطين، ولم يكن ذلك مجرد كلام أو تعبير بدون فعل، والسّاحة كلها تشهد ما قدمه النظام الإسلامي لفلسطين، حركات مقاومة وشعب أبيّ، أمريكا والدعاة الى زيفها يأملون في فوز الاصلاحيين، ليعطلوا ما أمكنهم مسيرة الثورة والاستحقاقات الاسلامية، لكن هل يرضى المحافظون على مبادئ الإمام الخميني بذلك، وقد قدّموا مهجهم في سبيل الحفاظ عليها واستمرارها، إنّه صراع الحق ضد الباطل ولا تسمية أخرى قد يتخذها المصلحون، بينما هم خلاف ذلك واقعا ومحمد خاتمي، ذكرى لفترة رئاسة خسرت فيها إيران زمن وقف برنامجها النووي بلا فائدة تجنى.
علي أيّة حال أيّا كان الفائز – وتمنّي المتمنّين من أعداء الثورة الإسلامية لن يغير شيئا – فإنه محكوم بدستور محكم، وبمجالس حكم قوية، وشعب قدّم فلذات أبنائه شهداء أجِلّاء لحماية مشروعه الاسلامي، مستعد لتقديم المزيد منهم طوعا، فلا خوف على إيران اليوم، وقد أصبحت رقما صعب التجاوز مهما كان إسم المرشح الفائز.
المصادر
1 – مرشح للرئاسة الإيرانية يعلن انسحابه من الانتخابات
https://arabic.rt.com/world/1242336
2 – https://ar.wikipedia.org/wiki إبراهيم رئيسي
3 – ما تبعات فوز مرشح المرشد في الانتخابات الإيرانية القادمة؟
https://www.skynewsarabia.com/world/1444626
4 –ايران…انتهاء فترة الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات
https://www.alalamtv.net/news/5654828