عندما تعلن الامارات عن تموضع قوات “العمالقة” التابعة لها والتي استدعيت بأمر من البيت الأبيض والسعودية لمنع تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية في محافظة شبوة ومأرب فإن هذا يعني ببساطة ان مشروعها قد هزم ومنيت قوات “العمالقة” من تنفيذ المخطط التي كان مرسوما لها ولكنها لا تريد ان تعترف بهزيمتها وعدم قدرتها على التصدي لأصحاب الأرض وهذه هي طبيعة اية قوات غازية عنما تمنى بالفشل. وثانيا هذا يعني وربما الأهم ان الضربة التي تلقتها الامارات في عمق أراضيها من قبل الصواريخ والمسيرات التي ضربت مناطق حساسة واستراتيجية التي أطلقها الجيش اليمني واللجان الشعبية قد أوصلت رسالة واضحة للقيادة السياسية في الامارات ان بلدكم التي كنتم تتغنون به من حيث الاستقرار والأمان العوامل الأساسية لجلب الاستثمارات وجعلها مركز لتقديم الخدمات الى المنطقة من قبل الشركات الأجنبية ومركز لتهريب وغسيل الأموال …الخ قد انتهى او قارب على الانتهاء لما اقترفته ايديكم من مجازر في اليمن. وهذا التهديد التي أطلقه الجيش اليمني واللجان الشعبية قد بدأ بالفعل يأخذ تداعيات بوقف/ تأجيل فعاليات اكسبو 2020 في دبي. الامارات لا تستطيع ان تتحمل انهيار دورها الذي رسمته او رسم لها في المنطقة وهي تدرك تماما الان ان انخراطها في المستنقع اليمني سينعكس سلبا على اقتصادها والاستثمارات الأجنبية والشركات الأجنبية بها. ليس هذا وفقط بل أيضا سينعكس على السياحة الوافدة اليها من الخارج.
ويجدر القول على ان الجيش اليمني واللجان الشعبية قد تجنبت سابقا ضرب العمق الامارات واكتفت بضرب العمق السعودي اما وقد تغولت الامارات من جديد في عدوانها على اليمن أصبحت تدرك ان هذا التغول سيكلفها غاليا بدك أراضيها وما يتبعه من هروب للاستثمارات والشركات الأجنبية وهبوط في اقتصادها.
ربما آن الأوان للقيادة السياسية للإمارات ان تدرك جيدا ان طموحاتها السياسية وتدخلها غير المبرر لا بل والسافر والذي لا يقتصر على دول المنطقة، بل يتعداها الى دول خارج المنطقة لن يجلب لها الا الخراب وأنها مهما حاولت ان تعلو إقليميا او دوليا وذلك باستخدام الأموال التي تحصلها من بيع النفط فإنها لن ترقى عن كونها أداة للمشروع الصهيو-امريكي في المنطقة وأنها تشكل البقرة الحلوب لهذا المشروع وليس أكثر من هذا.
الكيان الصهيوني لم يترك فرصة ضرب الامارات من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية ان تمر بدون محاولة استغلالها في تكبيل القيادة السياسية الإماراتية بشكل أكبر في ماهية ونوعية التطبيع حيث قام بعرض خدماته على تقديم الدعم اللوجيستي والأمني والعسكري والاستخباري لدول الخليج فيما إذا قامت البقية في التطبيع مع الكيان وعمقت في علاقاتها معه والوصول الى إقامة حلف عسكري وأمني ضد إيران وهذا هو الدور الرئيس لهذا الكيان وخاصة مع الانسحابات الجزئية للقوات الامريكية من المنطقة والتركيز على العداء لروسيا والصين. أمريكا تشجع إقامة مثل هذا الحلف وسعت الى تشكيله منذ سنوات والذي أطلق عليه البعض حلف “الناتو” العربي، ولكنه الان حلف الناتو الشرق اوسطي تتحكم إسرائيل بمفاصله الأساسية.
الكيان الصهيوني لن يستطيع ان يحمي دول الخليج هذا على افتراض بعيد المدى فيما إذا ما حصل الحرب على ايران لان ايران لديها القدرة على الرد والرد المؤلم لما تمتلكه من إمكانيات. وما يجب ان تدركه هذه الدول ان الكيان الصهيوني الذي لم يستطع حسم المعركة مع قطاع غزة المحاصر برا وجوا وبحرا والمراقب بكل الأجهزة الاليكترونية 24/7 كما يقال والذي فشلت منظوماته الدفاعية في اسقاط غالبية الصواريخ التي أطلقت من غزة ولا نريد ذكر تجربته المريرة عام 2006 في عدوانه على لبنان فما بالك إذا فعلا ما قامت الحرب في الخليج. ما هو الاجدى لهذه الدول ان تتعرض الى إمكانية تدميرها إذا ما دفعها الكيان الصهيوني الى تشكيل جبهة للحرب على إيران ام التفاهم مع الجارة ايران للحفاظ على امن الخليج بما يضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدوله وإبقاء خطوط نقل مصادر الطاقة من بترول وغاز التي تشكل مصدرا أساسيا مفتوحة وآمنة ؟ الاستقرار والامن والسلام لا يتم ولن يتم عبر إقامة حلف مع العدو الصهيوني الذي عينه على المقدرات المادية لدول الخليج واعتبارها ابقار حلوب لبيع أسلحته ومنظوماته الصاروخية اثبتت فشلها في اكثر من مناسبة وجلب استثمارات خليجية الى اقتصاده المتهالك أصلا او تبني السياسة الامريكية تجاه ايران وغيرها من الدول في المنطقة والسعي الى زعزعة الاستقرار والامن لدول عربية والقيام اما بعدوان وتدخل عسكري مباشر كما هو في اليمن او غير مباشر كما هو الحال في سوريا وليبيا والعراق والجزائر خدمة للاستراتيجية الصهيو-أمريكية في المنطقة.
كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني