بدأت مؤشرات الانهيار الشامل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي طالما حذرنا منها تتفاقم، وما الزيادات الأخيرة في الأسعار إلا مقدمة لما ينتظر الشعب من مآسي نتيجة خضوع منظومة الحكم للدوائر المالية الخارجية للحد الذي بدأ فيه الحديث عن إحداث “وكالة للتصرف في ديون تونس” بدعم من الحكومة الفرنسية على غرار الكومسيون المالي لسنة 1869 والذي كان مقدمة الاستعمار الفرنسي المباشر لبلادنا.
إن الزيادات في الأسعار والشروع في رفع الدعم والتهديد بتقليص الأجور وتسريح الموظفين والعمال كلها نتيجة حتمية لسيطرة النهج النيوليبرالي المتوحش، بالكامل، على البلاد، وما انجر عنه من خصخصة واسعة، وتحرير السوق وحركة رؤوس الأموال، وتركيز الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الأكثر ربحية، قطاعات البنى التحتية والعقارات والسياحة والبنوك، مما أغرق البلاد في المديونية والعجز المالي، ودمر المؤسسات الإنتاجية في الصناعة والقطاعات الحرفية، وفكك الإنتاج الريفي الفلاحي. هذا النهج الذي فرض تخلي الدولة عن دورها التنموي وأفقدها سيادتها الاقتصادية، وباتت الأوضاع تنذر بكارثة خاصة بعد أزمة جائحة كورونا.
إن التيار الشعبي الذي طالما حذر من هذا المآل يهمه في هذا الظرف التاريخي أن يؤكد للشعب التونسي عما يلي:
1– أن الزيادات الأخيرة في الأسعار ليست إلا مقدمة للسقوط الحر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وقريبا ستفقد منظومة الحكم السيطرة بالكامل عن الأوضاع نتيجة انهيار الدينار وارتفاع مستويات التضخم مما سيتسبب في تجويع السواد الأعظم من الشعب.
2– إن انهيار الوضع الاقتصادي ليس إلا نتيجة حتمية لحكم جماعة وظيفية باعت البلاد لشبكات المصالح ومافيا الكونترا في الداخل ولدوائر الهيمنة في الخارج مقابل الاستمرار في الحكم غير عابئة بالمخاطر المحدقة بالبلاد وأمنها القومي واستقرارها الاجتماعي.
3– إن الحل الناجح والناجع والآمن بيد الشعب التونسي دون غيره وندعو قواه الوطنية أحزابا ومنظمات ونخبا وطنية إلى تعبئة الشعب على هدف سياسي واضح ومحدد هو إنهاء المنظومة الحالية من خلال الخروج الشعبي العارم وفرض حكومة وطنية انتقالية تنفذ خطة اقتصادية واجتماعية قصيرة الامد لإنقاذ البلاد من الإفلاس والوصاية،كما نحذر من أن خيار ترك الأوضاع لمزيد التعفن لا يختلف عن محاولات المنظومة ورعاتها في الخارج من إعادة إنتاج نفسها تحت مسميات الحوار والتوافق وكلا الخيارين بمثابة إدامة للأزمة وتهديد شامل لاستقرار البلاد ووحدتها وأمنها القومي وهو ما يحتم دعوة الشعب إلى سرعة التحرك لوضع حد لمسار الانهيار والمنظومة القائمة عليه.
التيار الشعبي
الأمين العام
محمد زهير حمدي