طرح بث التلفزيون الجزائري لتقرير عن مؤسسة الجيش عرض خلاله الصاروخ الباليستي “إسكندر” للمرة الأولى، تساؤلات عدة حول توقيت هذا الكشف والغرض منه، في ظل التوتر العسكري في الصحراء الغربية.
وقالت وزارة الدفاع الجزائرية في التقرير الذي أعدته بعنوان “إلا أرض الجزائر”، إن “الحدود الوطنية للجزائر خط أحمر، وسيادة الجزائر مبدأ مقدس”. وأضافت أن “جيشنا الوطني الشعبي سليل المجاهدين في كل شبر من هذه الأرض الغالية، سيدافع عنها وعن شعبها حامياً حدودها”، مؤكدة أن “الجيش مستعد وجاهز لضرب ودحر كل طامع، وكل باغ معتد، ودفاعاتنا صخرة عندها كل الأطماع تنكسر، وأمننا القومي لا يقتصر على حدودنا الجغرافية، بل يرتبط بحدودنا الأمنية التي تراعي التعامل مع مختلف التهديدات”.
وتابع التقرير أن الجيش سيقضي على مختلف التهديدات من مصدرها حيثما كان، مشدداً على أن برامج الإعداد القتالي تراعي الأوضاع والمتغيرات الجيوسياسية والإقليمية، وتطور منظومات التسلّح وإدارة العمليات العسكرية.
وتطرقت وزارة الدفاع الجزائرية إلى التدخل العسكري المغربي في الصحراء الغربية، مؤكدة أن القضية الصحراوية قضية عادلة، نصرتها ودعمتها الجزائر وستدعمها حاضراً ومستقبلاً، موضحة أنها “لن تدخر جهداً ولن تتوانى للحظة في الدفاع بكل قوة عن مبادئها”.
وورد خلال التقرير تصريح رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة الذي قال، “نعول على كل واحد وهو في منصبه، للدفاع عن الوطن ضد الإرهاب والمهربين”.
التوقيت يستهدف الوضع في الصحراء الغربية
وفي السياق، يرى الضابط السابق بالجيش الجزائري، أحمد كروش، أن “بث التلفزيون مقاطع من تدريبات الجيش ليس جديداً، فقد دأب على نقل مناورات القوات العسكرية، لكن في الحقيقة أن كل متابع للأحداث قد يربط ذلك بما يجري في المنطقة، خصوصاً بعد خرق المغرب وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية”. ويضيف، “المشاهد قديمة وجُمعت في هذا التقرير”.
أما بخصوص خطاب رئيس الأركان فاعتبر كروش أنه “موجه إلى الجنود والضباط، وهو خطاب عادي كلاسيكي توجيهي”. وقال إنه “من خلال الصور نجد أن الكلمة ربما ألقيت خلال تولي شنقريحة منصب قائد القوات البرية، بدليل غياب إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، إضافة إلى أنه كان يضع رتبة لواء وليس فريق، وعليه فالخطاب ليس جديداً، وبالتالي فكلمة قائد الأركان ليست موجهة إلى طرف إقليمي”.
“إسكندر” الروسي
إضافة إلى هذا، لفت انتباه المتابعين ظهور صاروخ “إسكندر” الباليستي الروسي الذي يبلغ مداه الأقصى 280 كيلومتراً، وقد أخذ حيزاً واسعاً من اهتمام الجزائريين.
وتتسلح الجزائر حالياً بنحو أربعة أنظمة من “إسكندر” الروسية الصنع، التي تهدف بشكل رئيس إلى تدمير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي للعدو، وكذلك المعدات العسكرية التي تقع ضمن نطاق الصواريخ، ولذلك يوصف بأنه أخطر سلاح روسي.
ويعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، حبيب بريك الله، أن “الأحداث الجارية بالقرب من الحدود الجزائرية لم تترك لمؤسسة الجيش أدنى شك في أن الدفاع عن الحدود أصبح من الأولويات القصوى، في حين أنه من أولى الأولويات التي توجب على الجيران احترام الحدود وضبط النفس وعدم التهور، لذلك وللمرة الأولى، كانت مشاهد المنظومة الدفاعية متمثلة في الصاروخ الباليستي “إسكندر” الذي يمتلكه الجيش الجزائري”. ويعتقد بريك الله أن “الجزائر تلمح إلى أن سيادتها وحدودها خط أحمر لا ينبغي لأي جهة أو قوة مهما كانت أن تتعداه”. وختم أن “التوتر الحاصل في الصحراء الغربية ليس محض صدفة”.
ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية، عبدالوهاب حفيان، أن “الغرض من بث التقرير يتعدى المغرب الذي يعلم تماماً مدى جاهزية الجزائر وقدراتها العسكرية، وعليه فهو رسالة إلى الأطراف التي أوعزت له بالتدخل العسكري لغرض فتح جبهة جديدة في المنطقة”، مشدداً على أنه “لا مجال للصدفة، وقد يكون رسالة تستهدف الجبهة الداخلية بقصد تطمينها وشحذ الهمم ودحض الدعاية والرفع من الشعور بالمسؤولية كل في مكانه، إزاء ما يهدد أمن البلاد، بكل ما يحمله مفهوم الأمن من مضامين”.
ويقول حفيان إن “هناك من يسعى إلى جعل المنطقة مركزاً لصناعة الفشل ولوأد أية محاولة لبناء المغرب وأفريقيا”، مستبعداً أن “يصل التصعيد في الصحراء الغربية إلى الجزائر، لأن موازين القوى تصنع الفارق، خصوصاً بعد ظهور الصاروخ الباليستي”.
الجيش الجزائري الأقوى في المنطقة
تشير بعض التقارير إلى أن الأسلحة الروسية جعلت الجيش الجزائري الأقوى في المنطقة، وقد تمكنت الجزائر بين عامي 2006 و2018 من توقيع العديد من العقود الرئيسة مع روسيا، حصلت بموجبها على 28 مقاتلة من طراز “سو- 30 إم كي أ”، و16 طائرة تدريب قتالية من طراز “ياك- 130″، وثلاثة أنظمة دفاع جوي من طراز “إس- 300 بي إم أو- 2″، و38 نظام صواريخ ومدفع “بانتسير-إس 1″، و 385 دبابة “تي- 90 إس”، وحوالى 300 “تيرميناتور”، و216 نظاماً صاروخياً مضاداً للدبابات “كورنيت”، وثمانية أنظمة أسلحة عالية الدقة “كراسنوبول”، وغواصتين من مشروع 636 “فارشافيانكا”.
كما اشترت 42 مروحية هجومية من طراز “مي-28 إن إيه” أو “الصياد الليلي”، وست طائرات نقل “مي- 26 تي 2”.
وإضافة إلى ذلك، تم توقيع اتفاقات لإرسال 32 مقاتلة من طراز “سو- 30 إم كي أ”، و14 مقاتلة من طراز “ميغ- 29 إم/ إم 2″، وتسلّمت في العام 2018 أنظمة قاذفة اللهب الثقيلة “توس- 1 أ”.
اندبندنت