الكيان الصهيوني يرى في حربه التي يشنها داخل الضفة الغربية على انها آخر الحروب (إذا ما نجحت في القضاء على المقاومة) لتصفية القضية الفلسطينية وتشريد وتهجير ما يمكن تهجيره من سكان الضفة الغربية وبالتالي يكون قد سيطر على كامل تراب فلسطين التاريخية وهو ما سعى اليه تدرجيا دون انقطاع منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967. والقيادة السياسية والعسكرية ضمن هذه الحكومة الفاشية ترى أن كل الظروف الموضوعية والذاتية مهيئة الان لمرحلة حسم هذا الملف وخاصة ضمن صمت النظام العربي الرسمي والاكتفاء بالتنديد الواهي وعدم اتخاذ اية خطوات عملية فعلية للتصدي لهذا المخطط. ليس هذا وحسب، بل أن هنالك دول عربية تتمنى ان تختفي المقاومة اليوم قبل غدا غير آبهة بالنتائج الكارثية على القضية الفلسطينية إذا ما تم ذلك وتعاونها مع الكيان الصهيوني بشكل مباشر أو غير مباشر لم يعد خافيا على أحد وخاصة في حرب الإبادة في غزة.
أضف الى ذلك وربما هذا الأهم هو وجود طرف فلسطيني (السلطة الفلسطينية) وأجهزة أمنها الدانتونية التي تسعى جنبا الى جنب في محاولة القضاء على المقاومة كما اتضح جليا في تصرفات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في شمال الضفة الغربية وبالتحديد في طولكرم وجنين. فالتنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والاحتلال لم تنقطع في يوما من الايام بالرغم من الادعاءات الكاذبة للسلطة على انها قطعت لفترة من الفترات.
والى جانب ذلك فقد تم تسليح أكثر مما يقرب من 70-100 مستوطن في الضفة الغربية واللذين ومنذ فترة يقومون بعمليات إرهابية ضد سكان القرى الفلسطينية وحرق المحاصيل ويقطعون الطرقات وكل هذا تحت حماية الجيش الإسرائيلي الذي لا يحرك ساكنا ليمنع حدوث هذه العمليات. وما يقوم به المستوطنون حاليا يشبه ما قامت به عصابات الارغون والهجانا وغيرها من المجموعات الإرهابية عام 1948 لاجبار السكان من الرحيل عن أراضيهم بالقوة. أضف الى ذلك عمليات مصادرة الأراضي المستمرة والتي كان أكبرها مؤخرا مصادرة ما يقرب من 13 كيلومتر مربع في غور الأردن لتشكيل القدس الكبرى التي ستصل حدودها الى البحر الميت وكذلك الاقتحامات المستمرة للجيش الإسرائيلي واستباحة كافة الأراضي حتى تلك التي نظريا تقع ضمن السيطرة الأمنية للسلطة.
كما ان المضايقات المستمرة للسلطة وعدم دفع أموال المقاصة ومصادرة بعضها تهدف الى إضعاف السلطة شيئا فشيئا الى ان تحين فرصة التخلي عنها كلية وتفكيكها والاستغناء عنها على طريق فرض حكم عسكري كما كان الحال قبل مجيء السلطة تحت سقف تفاهمات أوسلوا. قد يرى البعض أن هذا فيه شيئا من المبالغة غير مبررة، ولكن السؤال كيف يمكن للكيان الصهيوني ضم الضفة الغربية الذي هو في صلب المخطط الصهيوني إذا ما بقيت السلطة قائمة؟ إن من يرى ان هنالك مبالغة في هذا نجدد القول ان هؤلاء لا يدركون ماهية وطبيعة وجوهر الصراع مع العدو الصهيوني وأبعاده.
عندما يتحدث وزير خارجية العدو كاتس للعمل على إجلاء مؤقت للسكان من الضفة الغربية وعلى وجه التحديد من شمالها الى جانب تصريح وزير المالية عن خطة تهدف لمنع الضفة الغربية من ان تصبح جزء من دولة فلسطينية مستقلة تتضمن جلب مليون مستوطن جديد الى “يهودا والسامرة” هذا يعني ان مخطط ضم الضفة يجري على قدم وساق وبالتدريج. كما ان هنالك تصريح خطير مسرب من ان هنالك من سكان الضفة لهم مكان آخر للعيش فيه والمقصود هنا هو ما يقرب من 700000 شخص من حملة البطاقة الصفراء والحاملين للجوازات الأردنية وكذلك ما يقرب من 300000 من حملة جنسيات لدول اجنبية مما يعني أن هنالك نية مبيته للبدء في تهجير هذه الاعداد عندما تحين الفرصة المناسبة لذلك.
من الواضح ان هذا هو المخطط الذي يجري الان على أرض الواقع وهذا ما يفسر الهجمات المتتالية اليومية على المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية ومدنها وقراها والاعلان على ان الجيش يقوم بعمليات موسعة مستمرة لعدة أسابيع. هذا المخطط ليس قدر ومن الممكن إفشاله فيما لو تم التنسيق الكامل بين القوى الفاعلة على الأرض وتشكيل قيادة ميدانية موحدة تشمل كافة الأراضي في الضفة الغربية. الى جانب ذلك يجب العمل على إشراك قطاع كبير من شعبنا في مقاومة شعبية لهذا المخطط وهذا لن يتأتى الا عندما تدرك جميع الفئات ان المخطط لن يستثني أحدا فالجميع مهدد ومستهدف حتى السلطة الفلسطينية التي تعيش على كوكب آخر على ما يبدو. والمجابهة تستدعي أيضا العمل مع الدول العربية المجاورة وقواها الحية وخاصة الأردن التي أصبحت في عين العاصفة وهذا ما تشعر به القيادة السياسية كما يستدل من تصريحات وزير الخارجية الأردني مؤخرا مع التصريحات المتكررة للعدو الصهيوني أن الأردن هو الدولة الفلسطينية. وكذلك مصر بالرغم من التحفظات على النظام المصري فما زالت قضية تهجير سكان قطاع غزة الى سيناء المصرية ضمن المخطط الإسرائيلي وإن فشل لغاية الان من تنفيذ هذا المخطط نظرا لصمود شعبنا هناك ورفضه لترك أراضيه.