بقلم: #الناشط السياسي محمد البراهمي
تونس تودع سنة كانت صعبة على التونسيين لإستقبال سنة حبلى بالإكراهات أمام الطبقة السياسية ، وهي سنة إذا أردنا أن نصفها فمن الممكن القول بأنها من أثقل السنوات التي مرت بها البلاد..، وبانقضاء عام 2020 ستكون الشعوب قد ودعت عاما حبست فيه أنفاسها أكثر من مرة، بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والاضطرابات و الأزمة الوبائية التي هزت مختلف دول العالم، وعجزت معظم الحكومات عن احتوائها وتبديد مخاوف الناس من المستقبل المجهول..
اليوم وأكثر من أي وقت مضى، جميع مكونات المشهد السياسي التونسي مطالبة بجرعة اقوى من الوطنية والانحياز اكثر الى المصلحة الوطنية ونكران الذات والمصلحة الحزبية الضيقة وهي مطالبة ايضا بالاقتراب اكثر من بعضها وتفادي الصراعات المجانية التي يمكن ان تقسم الشارع التونسي مرة اخرى.. فالمصلحة الوطنية تقتضي من الجميع أن يدركوا جيدا أن مصلحة الوطن هي الأهم والتي ينبغي أن يحرص الكل على تغليبها دون سواها.. و تقتضي ضرورة التقاء الأطراف جميعا لإجراء حوار وطني شامل يتفق فيه الجميع على تغليب لغة العقل والمنطق وتقديم المصلحة الوطنية ،و إخراج الوطن من أزماته وتفادي وقوع أزمات وإشكالات تفتك بمصلحة الوطن وتضر بالمصلحة العامة.. خاصة وأن البلاد تمر بمنعطفات خطيرة، اليوم الحوار الوطني اصبح ضروري لتحقيق اكبر توافق ممكن حول مضمونه و أهدافه لحسم كل الخلافات دون اللجوء الى تصدير الازمات للشارع التونسي الذي يتأثر بشكل آلي بأي توتر في الساحة السياسية .. ويجب تفادي استغلال الاخطاء لتسجيل نقاط سياسية على الخصوم في اوقات حساسة يكون فيها البلد والدولة احوج ما يكون الى كلمة واحدة وموقف موحد .،
بعد مرور عشر سنوات عجاف على الثورة و لاتزال انتظارات الشعب كبيرة وليس لأحد الحق في ان يتجاهلها او ان يخيّبها، و التحدي الكبير هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، على غرار الوضع الوبائي و مخاطره التي مازالت قائمة.. و من أولويات الحكومة مكافحة الفساد و تحقيق تنمية متوازنة بين الجهات والحد من التفاوت الطبقي من خلال النهوض بالوضع الاجتماعى الذي يتطلب انتهاج سياسات تنموية عادلة ومتضامنة، خاصة وأن الجهات الداخلية ظلت تعاني لعقود من التأخر التنموي الذي مثل أحد أهم أسباب الشعور بانعدام العدالة والمساواة، و على الحكومة أن تعتمد سياسيات تشاركية تقوم على احترام المواطنين في الجهات واحترام حقوقهم في تنمية عادلة ومتضامنة.. و كذلك من بين القضايا التي يجب معالجتها هي قضية الفساد ووضع حد لهذه الظاهرة التي استشرت تقريبا في كل مكان ونخرت كل اركان الدولة وتقريبا في كل القطاعات..
سنة 2020 كانت صعبة جدا على تونس على غرار السنوات الماضية، ساهمت ازمة كورونا في التأثير عليها بشكل كبير و كذلك على الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية، في ظل الإنقسام السياسي اللعين والخلاف بين مكونات المشهد السياسي ، و أعتقد أن السنة الجديدة 2021 ستكون صعبة على تونس و ربما الأصعب نظرا لمخلفات كورونا و التراكمات التي افرزتها الحكومات المتعاقبة ، و نأمل ان تتحمل الحكومة و الطبقة السياسية مسؤولية إخراج تونس من أزماتها..
في قراءة للمشهد السياسي الحالي و أمام تصاعد وتيرة الخلافات والاتهامات المتبادلة بين الفاعلين السياسيين في تونس، ودخول أطراف خارجية على الخط لصب الزيت على النار والعمل على التفرقة بين مختلف مكونات المشهد السياسي واستغلال الخلافات الداخلية، أرى ضرورة عقد حوار وطني يضع حدا للتجاذبات والصراعات السياسية،و ضرورة وضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة، وتهدئة الأجواء للتغلب على الأزمة الراهنة، وحماية المسار الديمقراطي من القوى العابثة بوحدة الشعب والمصالح العليا للوطن ، و بالتالي الوضع الحالي يتطلب حلولا مشتركة، ومهما كانت الخلافات فلا بد من الخروج من هذه المحنة بأسرع وقت ، البلاد على صفيح ساخن جدا و في حاجة أكيدة للحوار الذي سيجمع بين أطراف سياسية مختلفة بهدف تقريب وجهات النظر بينها، و مهما كان محتواه والهدف من انعقاده.. لا خيار سوى الحوار الوطني لأنه لا يمكن لهذا الوضع ان يستمر.. و يبدو أن الحوار الوطني هو الفرصة الأخيرة قبل الإنهيار..!!
ويبقى السؤال مطروحا : هل الحوار الوطني هو الحل؟ و ماهي السيناريوهات المطروحة.. ؟
عموما: يبقى الأمل في العام الجديد 2021 قائما حتى تستطيع البشرية أن تستمر في الحياة، رغم كل الكوابيس التي خلفتها لها سنة 2020 رغم الأزمات والتحديات..
عاشت تونس و شعبها
تونس فوق الجميع