دعوة رئيس الدولة الوهمية للأمناء العاميين من الفصائل لاجتماع طارئ لمناقشة الأوضاع ومواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية لن تكون مخرجاته أفضل من جميع الاجتماعات التي تمت على مدى سنوات سابقة. فالأخطار تم تشخيصها وليست خافية على أحد وتم اتخاذ جملة من القرارات التي أجمعت عليها كل الفصائل الفلسطينية تلك المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية -التي همش دورها ودور مؤسساتها وحلت السلطة مكانها- الى جانب التنظيمات التي تعمل من خارجها والمقصود حماس والجهاد على وجه التحديد وتم أخذ مجموعة من القرارات في اجتماع الأمناء العاميين للفصائل الفلسطينية الذي عقد في بيروت أيلول 2022 هذا عدا عن القرارات التي اتخذت في اللجنة المركزية والتنفيذية …الخ.
العيب ليس بالقرارات التي حددت ما يجب عمله العيب والخلل يكمن في إصرار السلطة الفلسطينية ورئيسها على عدم تنفيذ هذه القرارات التي اقرت منذ سنوات فلم يتوقف التنسيق الأمني على الأرض ولم يتم سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني ولم يتم التقدم الى محكمة الجنايات الدولية و و و وبقيت السلطة وزبانيتها تماطل وتجد الاعذار والتبريرات الى ان وصلت الى ان تكون سلطة بعيدة كل البعد عن شعبها وتطلعاته ومكتفية بالعيش والتأقلم مع الاحتلال لما يوفره من اريحية وحياة رغيدة لها ولزبانيتها ولعائلاتهم مكتفية بين الحين والأخر بإدانة ما يقوم به الكيان الصهيوني من ممارسات على الأرض وكأن ما يقوم به هذا الاحتلال إنما يقوم به في دولة أخرى واراضي خارج أراضي فلسطين المحتلة وتطالب “المجتمع الدولي” المسؤول عن زرع هذا الكيان السرطاني في المنطقة ان يأتي لحماية الشعب الفلسطيني وارسال قوات دولية ربما للوقوع تحت انتداب مما يعفي السلطة من اية مسؤولية “لمقاومة الاحتلال” حتى لفظيا ولتتفرغ لتكديس مزيدا من الأموال.
في الفترة الأخيرة وربما في محاولة لتبيض الوجه وتقليل النقمة الشعبية على السلطة قامت بالإعلان عن بعض الإجراءات نقول الإعلان بقصد (التنفيذ معدوم) ومنها “ان تفاهمات العقبة وشرم الشيخ مع الاحتلال لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة” الى جانب ان السلطة ستوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل كاملة وإنها سترفع قضية ضد بريطانيا وامريكا بما يخص وعد بلفور والمطالبة بالتعويضات وتقنين العلاقة مع الإدارة الامريكية. وهذا كله لامتصاص النقمة الشعبية فلم يعد أحد لا من البعيد او القريب يعير أي اهتمام لما تقوله السلطة الفاقدة الشرعية منذ سنوات أو يصدق ما تقوله. تعلن عن وقف التنسيق الأمني بينما قامت باعتقال بعض المقاومين المتوجهين الى جنين من نابلس لمؤازرة المقاومين للدفاع عن المخيم فكما يقول المثل “اسمع كلامك اصدقك أشوف أعمالك استغرب”.
لو كانت السلطة فعلا تريد التراجع عن كل هذا الاستئثار والتسلط والهيمنة على القرار الفلسطيني ووقف التغول على شعبنا والاستمرار في عمليات النهب من قبل القطط السمان اللذين استبدلوا الزنوبا بأحذية تفوق اثمانها ربما معاش موظف بالشهر حتى لا نقول أكثر ما عليها الا ان تفتح الجرار وتخرج محاضر الاجتماعات السابقة وتزيل الغبار المتكدس على الاوراق وتنفذ قرارات الاجماع الوطني وليس دعوة الأمناء العامين ليكونوا شهود زور مرة أخرى فقد بلغ السيل الزبى.
وما فعله مجموعة من الشباب في جنين اللذين قاموا برمي الحجارة على مركز المقاطعة هناك الا تعبيرا عن غضب الشارع الفلسطيني تجاه السلطة التي اتخذت موقف المتفرج لما يدور في مخيم جنين ولن نبالغ إذا ما قلنا وبكل شفافية ان البعض من زمرة السلطة كان فرحا من هذا العدوان لان جنين تمثل وجع رأس أمني للسلطة برمتها وقد سبق ان حمل البعض منهم نفس الامنيات للمقاومة في حالات مماثلة في قطاع غزة.
وليس سرا القول من ان رأس هرم السلطة وزبانيته الثلاثي المتسلط اللذين يديرون الساحة ويشاركون في القرارات واللذين لا يتعدون أصابع اليد الواحدة فهم يجاهرون ليلا ونهار أنهم مع “المقاومة السلمية المقاومة السلمية المقاومة السلمية وضد الإرهاب” ومع “المقاومة الشعبية السلمية” -في مكاتبهم- كما يحلو لرأس السلطة للتأكيد على هذا من خلال أحاديثه وخطاباته. هذا وعندما تخرج المظاهرات يقوم رجال الامن الفلسطيني بقمعها والقاء القبض على البعض ويقوم رجال الامن الذين يندسون بين الجمهور بلباس مدني (على غرار المستعربين) في عمليات الاعتقال والضرب المبرح للنشطاء.
في النهاية نود ان نقول بان دعوة الامناء العاميين للفصائل الفلسطينية للاجتماع الطارئ لن تقدم ولن تؤخر ويجدر بهم عدم إضفاء الشرعية لمن ليس له شرعية أو المساهمة في نشر الاحلام التي لا يمكن تحقيقها لان السلطة لن تغير تموضعها لان هذا ببساطة لا يصب في مصلحتها وستبقى تراوغ وتماطل كما هي العادة. ويجب التأكيد على أن الشرعية كانت وستبقى لمن يقاتل العدو الصهيوني لحماية شعبه ويعمل لتحقيق آماله وطموحاته في التحرر والاستقلال وليس أولئك اللذين يقيمون المسالخ لتعذيب المقاومين والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وحتى القيام بتصفيتهم جسديا خدمة لأجندات ومخططات العدو الصهيوني ومصالحهم الضيقة الخاصة. وقد أصابت الجماهير المشيعة لشهداء مخيم جنين بطرد ازلام السلطة (ولا نقول قيادي فتح) اللذين أتوا ليشاركوا بتشيع جثامين شهداء العزة والكرامة والاباء هؤلاء ليس لهم مكانا هنا ونقطة على السطر.
* كاتب واكاديمي فلسطيني