لا تغيب محطات الرد على الاعتداءات الإسرائيلية على المنطقة، لكن الرد من محور المقاومة كان دائماً مدروساً وغير انفعالي، كما ينادي به بعض المندفعين، فالرد على اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، لن يكون بعيداً في سياق المواجهة المفتوحة والمستمرة الحاصلة في الإقليم.
في هذه المواجهة المتصلة والتي تصاعدت منذ الهجمة الإرهابية الكبرى على المنطقة بخطط صهيونية وأدوات رخيصة، لم يغب رد الفعل المدروس على الاعتداءات الإسرائيلية، فسياسة محور المقاومة التي قيضت المشروع الإرهابي الصهيوني- الغربي وحصرته في بؤر ضيقة كانت أكبر رد على كل المخططات المعادية للمنطقة، وهذا الرد قائم، مادام العدوان بأدواته وأشكاله مستمراً.
يسأل بعض الحريصين وكذلك بعض الحاقدين عن الرد الإيراني على جريمة اغتيال العالم الإيراني فخري زاده أو على الاعتداءات على مواقع سوريّة، تزعم “إسرائيل” أن “فيها قواعد إيرانية”، ربما في نية صادقة أو غير ذلك يريدون من إيران الذهاب إلى حرب في هذا التوقيت الأمريكي المقلقل، لأهداف تخدم إدارة دونالد ترامب بالدرجة الأولى، كما تخدم الكيان الصهيوني ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو، لكن من يريد الذهاب إلى حرب بالتوقيت الإسرائيلي، فهذا شأنه.
الذهاب إلى حرب بالزمان والمكان الإسرائيليين ليس الخيار الأفضل، فلدى إيران خيارات متعددة منها سيبرانية ومنها الرد وفق قاعدة “العين بالعين والعالم بالعالم”، فمنطقة الرد أصبحت كبيرة بعد مستجدات ليست قليلة، لكن أياً كان الرد، فإنه لا يجب أن يصب بأي جانب منه بخدمة الأعداء، وهذا ما يدركه تماماً القادة في إيران ويضعونه نصب أعينهم، في اختيار الزمان والهدف المناسبين.
المنطقة والعالم على حافة متغيرات مهمة ومخاض انبثاق نظام عالمي جديد أو معدّل، ومن ثم فإنه من الضروري انتقاء هدف الرد بعناية لأن درجة المخاطرة كبيرة، فالحسابات يجب أن تكون دقيقة بقدر التنبؤ بالهزات الارتدادية والقدرة على السيطرة على مجريات الأمور التالية.
المواجهة مستمرة والرد قائم وقادم لا محالة، فالإيرانيون المعتادون على حياكة السجاد اليدوي بمهارة ودقة وصبر، قادرون على نسج خيوط الانتقام والرد بالحدود التي يرسمونها هم أنفسهم في التوقيت المناسب وفق التقويم الإيراني.