وفي كلمة متلفزة، مساء الثلاثاء، استذكر سماحته الانتصارات وهزيمة المشروع الأميركي في المنطقة من بوابة لبنان، على أبواب ذكرى حرب تموز، معرّجًا على الذكرى السنوية العاشرة لرحيل العلامة السيد محمد حسين فضل الله متحدثا عن مآثره، كذلك قدّم التعازي بالراحل العلامة الشيخ محمد جعفر شمس الدين.
سماحته أشار إلى أن الحديث عن التوجه شرقاً لا يعني قطع العلاقات مع الغرب، وأي دولة لديها استعداد أن تساعد لبنان وأن تضع ودائع وتقدم قروضًا وغيره فإنه أمر منفتحون عليه، مضيفًا أن هذا التوجه لا يعني الانقطاع عن العالم بما فيه الغرب والولايات المتحدة باستثناء الكيان الغاصب.
السيد نصر الله لفت إلى أن البعض للأسف بدأ يظهر الموضوع وكأننا نريد أن ندخل لبنان في محاور، وقال “لا نريد قطع أي أوكسيجين عن أحد، ونضع كل اعتباراتنا جانباً ليعبر لبنان هذه المرحلة الصعبة”، مشيرا إلى أنه سمع من بعض الشخصيات تقول “هم يريدون تحويل لبنان الى النموذج الايراني”، وتابع قائلا “نحن لم نقل ذلك، نحن نطلب منهم مساعدتنا والا فهم محتاجون للعملة الصعبة”.
الأمين العام لحزب الله استطرد قائلا إن النموذج الاقتصادي الإيراني ليس نموذجاً سيئاً فهو جعل إيران تصمد في ظل العقوبات الشاملة لـ40 سنة، مضيفا “نحن لم نقل بضرورة تطبيق نموذج ايران في لبنان، بل نطلب من الايرانيين مساعدتنا في توفير الوقود”، ومعتبرا أنه حين تقبل إيران بإعطائنا المشتقات النفطية بالعملة الوطنية فهذا بمثابة تضحية من قبلها.
ولفت إلى أن الجمهورية الاسلامية شبه مكتفية في الزراعة والصناعة ولديها صناعات متطورة ايضًا، مضيفًا أنه لا توجد دولة بالعالم صمدت أمام 40 عاما من الحصار والحظر كما فعلت إيران.
وأضاف سماحته أن “النموذج الإيراني أرسل قمرا صناعيا إلى السماء ولديه اكتفاء ذاتي بالبنزين والمازوت والكهرباء ويبيع الدواء إلى الخارج، ولبنان لا يملك عناصر ومؤهلات نموذج إيران فكونوا مطمئنين”. وطمأن إلى أن أحدا لا يريد تطبيق النموذج الايراني ولا تغيير وجه لبنان، معتبرا أن أي دولة في العالم لديها استعداد لمساعدة لبنان يجب الانفتاح عليها وطرق بابها والبحث عن فرص لديها.
السيد نصر الله رأى أن ما يعيشه لبنان اليوم من تهديد بالجوع والانهيار هو أخطر تهديد يمكن أن تواجهه أي دولة، معتبرا أن كيفية منع الانهيار والجوع عنوان يجب أن نضعه هدفًا ونبحث في تحقيقه، ومتحدثا عن ضرورة فتح كل المسارات الممكنة التي يوصل إلى الهدف في كيفية منع الجوع.
وشدد سماحته على أن كل اللبنانيين يجب أن يكونوا فعالين ونشطين للوصول الى النتيجة المطلوبة، مضيفا “أقول للشعب اللبناني إننا قادرون على تحويل التهديد إلى فرصة والخروج من تراكم سياسات خاطئة”، معتبرا أنه لا يجوز أن يحكم الأداء العام الانتظار السلبي لنتائج التفاوض مع صندوق النقد الدولي أو تطورات المنطقة دون البحث عن خيارات أخرى.
سماحته رأى أن فعالية طرح الانفتاح على الصين ظهرت من خلال العنف الأميركي والحملة على هذا الخيار، لافتا إلى أن الأميركيين شنوا حملة شعواء على الخيار الصيني لتخويف اللبنانيين ومنعهم من الانفتاح على الصين، وهذا يؤكد أن الغضب الامريكي من الخيار الصيني لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية دليل على أنه مفيد.
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أن العراق فرصة عظيمة لمساعدة لبنان في أزمته بحكم العلاقات الطيبة بين البلدين، مضيفا أن موضوع الانفتاح على العراق كان الأمر جيداً والعراق بلد مقتدر اقتصادياً وهناك سياحة دينية وطبية بين البلدين ولكن هناك من بدأ يشكك بأن العراق لن ينفتح على لبنان بسبب الضغط الأميركي، واعتبر أن المطلوب إرسال وفد للعراق كما فعلت بغداد لا الاستسلام للحديث عن الضغط الأميركي على الحكومة العراقية.
سماحته أشار إلى أن المصرف المركزي مضطر أن يدفع مليارات الدولارات لتغطية حاجة لبنان من المشتقات النفطية فاذا قلنا للاخوان في ايران أن يبيعونا مشتقات نفطية بالليرة اللبنانية كم يوفر هذا على البنك المركزي، معلقا على الاستعداد الايراني حيال خيار بيع لبنان المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية بالقول” لا أريد أن أسبق الاخوة في ايران لكن أنا أضمن لكم هذا وهو أمر له بركات كبيرة”.
وأضاف أن “هذه المنهجية في العمل تعطي أملا الى اللبنانيين وتبعث برسالة قوية للأميركي ومن يريد أن يحاصر لبنان ويخنقه أن لبنان لديه خيارات ومسارات وبوابات أخرى ولن تستطيعوا أن تجوعوه وتسقطوه”.
وإذ أكد السيد نصر الله على وجوب أن نحول التهديد إلى فرصة عبر تحويل لبنان إلى بلد منتج بعد أن ظل لسنوات طويلة بلداً مستهلكاً، لفت إلى أنه خلال عقود من الزمن السياسات الاقتصادية في البلد ركزت على دور للبنان ضمن تصور السلام في المنطقة وقام لبنان على الخدمات ونتيجة هذه السياسة تم ضرب قطاعين هما القطاع الزراعي والصناعي لعدة أسباب.
وأضاف “في السياسات القديمة كان علينا أن نعيش بأوكسجين وماء مستورد”، معتبرا أن من شروط الحياة الكريمة لأي شعب أن يكون منتجا زراعيًا وصناعيًا وهذا من البديهيات، ولفت إلى أن على الشعب اللبناني التوجه نحو الزراعة وكل العوامل الطبيعية مساعدة على النهوض بهذا القطاع بدعم حكومي، مضيفا أن تحويل لبنان إلى بلد منتج مسؤولية تقع على عاتق الدولة والشعب.
وقال الأمين العام لحزب الله “نحن في حزب الله ندعو اللبنانيين الى خوض معركة احياء القطاعين الصناعي والزراعي كشرط اساسي للبقاء على قيد الحياة بكرامة”، معلنا أن حزب الله اتخذ قرارا بخوض معركة التقدم زراعيًا وصناعيًا في مواجهة الانهيار والجوع، وأضاف “أننا في حزب الله أخذنا قرارًا بمواجهة معركة الانهيار والجوع وكل حزب الله بكل ما لديه من امكانيات وقدرات وصداقات وتحالفات سيكون في قلب هذه المواجهة”.
السيد نصرالله ذكّر بشعار “حيث يجب أن نكون سنكون” وأضاف “حيث كنا أنجزنا وانتصرنا وحققنا وكنا الأعلى”، وقال انتصرنا في معركة التحرير، وفي وجه التكفيريين انتصرنا، وفي وجه المؤامرات انتصرنا، واليوم سنخوض معركة الزراعة والصناعة وهذا الميدان الجديد يجب أن نحضر فيه.
وقال السيد نصر الله ان أي أرض صالحة للزراعة في أي مكان سواء في القرى أو حتى المدن سنزرعها، مضيفاً “يجب أن نعود جميعًا لنكون مزارعين حتى ننقذ لبنان كله”، وتابع قائلا “عندما نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع سنصبح شعباً ذا سيادة”.
وتوجه سماحته إلى جمهور المقاومة بالقول “اليوم نحن في معركة الصناعة والزراعة حيث يجب أن نكون سنكون وهذا الميدان الجديد يجب أن نحضر فيه”، مضيفا “فليكن تاريخ 7-7-2020 تاريخ إعلان الجهاد والمقاومة والنهضة على الصعيدين الزراعي والصناعي”.
وفي ملف التدخلات الأميركية بلبنان، قال سماحته “شهدنا خلال الشهور الماضية منذ أن شرّفت السفيرة الأميركية الجديدة بدل أن تلتزم بالاتفاقيات الدولية ودور السفراء هي تتعاطى مع لبنان كأنها حاكم عسكري أو مندوب سامي”.
وتساءل السيد نصر الله عن علاقة السفيرة الاميركية في التعيينات المالية حتى تقول يأتي فلان ولا يأتي فلان؟ وأنه عليكم تعيين فلان بالاسم وأن يكون نائبًا للحاكم أو رئيسًا للجنة الرقابة على المصارف.
واعتبر أن أخطر ما تفعله السفيرة الأمريكية في لبنان هو التحريض بين اللبنانيين والدفع نحو الحرب الأهلية، وأن قرار القاضي اللبناني الشريف محمد مازح بمنع السفيرة الأمريكية من الحديث إعلاميًا يعبر أن في لبنان قضاة وطنيين وشجعانا.
ولفت إلى أن الحكومة اللبنانية يحدد مصيرها الشعب اللبناني وليس السفيرة أو الخارجية الأميركية، مشيرا إلى أن الدولة اللبنانية صامتة في وقت تهاجم السفيرة الأميركية حزباً لبنانياً وتتهمه بأبشع الأوصاف عبر الاعلام.. وقال “حزب الله حزب لبناني له شعبية كبيرة ومشارك في الحياة السياسية وكل يوم تهاجمه السفيرة اللبنانية بأبشع الأوصاف ويوجد دولة في لبنان ساكتة “ولا كلمة ولا حرف”.
وإذ رأى سماحته أن قرار القاضي اللبناني تجاه السفيرة الأميركية يعبر عن وجود قضاة وطنيين وشجعان، وضع تصرفات السفيرة الأميركية برسم الشعب اللبناني والقوى السياسية، معبراً عن الاعتزاز بالقاضي محمد مازح والقضاة من أمثاله وكل من يجرؤ على الوقوف في وجه الإدارة الأميركية.
السيد نصر الله تمنى على القضاء اللبناني أن يعيد النظر بردّ فعله تجاه القاضي مازح، وأن يتصرف معه بنفس مستوى الوطنية الذي عبر عنه، مطالبا الخارجية اللبنانية باستدعاء السفيرة الاميركية واجبارها على الالتزام بالاتفاقيات الدولية، ومعلنا أن نواب كتلة الوفاء للمقاومة سيرفعون عريضة للخارجية اللبنانية لاستدعاء السفيرة الأميركية والتزامها بالعلاقات الدبلوماسية والقانون الدولي.
الأمين العام لحزب الله توجه للسفيرة الأمريكية في لبنان طالبا منها ألا تنظّر علينا بالسيادة وحقوق الانسان لأنها تمثل دولة قتلت الملايين، وأضاف “كل من قتل في حرب تموز في رقبة دولتك المجرمة القاتلة الداعمة لإسرائيل”، وتابع قائلا “أنتم من أتيتم بالإرهاب التكفيري وتمكنون الإرهاب الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين”، وأضاف “تمثلين دولة قامت بالحروب ونهبت الخيرات ومع ما يحصل في الولايات المتحدة الاميركية والتمييز العنصري لا يحق لك أبدا الكلام “لا تعملي لا معلم ولا استاذ ولا ناصح”.
وأشار إلى أن الادارة الاميركية هي اكثر الادارات ظلما وجورا في العالم، وأن كل الاعتداءات الصهيونية على لبنان حدثت بدعم اميركي، وأنها تقف وراء الارهاب التكفيري والصهيوني.. مؤكدا أن الشعب اللبناني لا يقبل بالادعاءات التي تتهم المقاومة بالوقوف وراء الوضع الاقتصادي في لبنان.
وأكد السيد نصر الله أن حزب الله والمقاومة في لبنان لن يستسلما، وأن السياسة المتبعة من قبل الإدارة الأمريكية لن تنقلب على المقاومة بل ستزيدها تماسكا، وأضاف على الاميركيين أن يعلموا ان سياستهم باتت فاشلة ولن تؤدي الى إضعاف المقاومة في لبنان.
وتوجه للإدارة الأميركية قائلا “سياستكم بخنق لبنان ستقوي حزب الله وتضعف حلفاءكم ونفوذكم.. سياستكم ستقوي حلفاء حزب الله وتدفع لبنان إلى أن يكون ضمن هذا المحور”.
وختم سماحته بأنه تلقى رسالة من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، مؤكدا أن “انشغالنا بوضعنا الاقتصادي يجب ألا ينسينا الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في مواجهة خطة الضم”.
العهد الإخباري