لا يختلف إثنان على أنّ كل الإثباتات والأرقام والمعطيات الميدانية التي كشفتها إنتفاضة “25 جويلية”، تؤكّد أن حكم النهضة وحلفائها قد أتى على الأخضر واليابس ووضع البلاد في منحدر الهاوية، وأنّ أعمال الفساد المالي والسياسي والخيانة والعمالة قد عششت في مفاصل الدولة التونسية، وطالت كل الميادين و القطاعات، و أنّ طيلة العشريّة السّوداء، تتناوب أغلبيّة رموز الحكم والسلطة على ممارسة سياسة الفساد والمحسوبية والمحاصصة ونهب وسرقة المال العام، وصولاً إلى إفقار الشعب وتجويعه وإذلاله، وحرمانه من أبسط حقوقه في الحياة والعيش الكريم، بعد تفاقم الأزمات السياسية والمعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية أيضاً، هذه السياسة التي ثبت فشلها لكونها قائمة على نظام فاسد و منظومة فاسدة ، وعلى مبدأ عدم تحمّل المسؤوليّات..
لا يمكن للشعب أن يدفع ثمن جرائم مجموعة منحرفة تمسك القرار وتدير البلاد بشكل تعسفي ظالم، فأخطاؤهم ليست أخطاء الناس، وجرائمهم ليست جرائم الناس، وقراراتهم ليست قرار الناس والشعب، ببساطة لأنهم طغمة فاسدة.. استهتار هذه الطغمة الفاسدة بالناس، وبهذه الأساليب الفجّة والعنجهية، و التحيل والفساد و الإنحراف بمسار الثورة و أهدافها ، عوامل ولّدت قناعة راسخة لدى التونسيين بأن تحقيق الإصلاحات لا يتحقق عبر هذه المنظومة الساقطة وبرلمانها المزوّر، ولا عبر دستورها الملغوم أو قضائها والمُسيّس (بإستثناء بعض القضاة الشرفاء) ، ولا عبر المرجعيات الدينية المتسترة على الفساد والفاسدين، الأمر الذي منح الإنتفاضة الشعبيّة مشروعيتها، ودفع كل فئات الشعب للاشتراك فيها، والانضواء تحت لوائها، ووسع من حجم الدعم والإسناد لها، والالتفاف حول أهدافها التي تلبي طموحات التونسيين كافة، بكل أطيافهم وقومياتهم وفئاتهم السياسية والاجتماعية، لإسقاط النظام السياسي الفاسد و المنظومة السياسية الفاشلة، و تصحيح مسار الثورة التي انقلب عليها الاخوان،و لإحداث التغيير العميق في حياة التونسيين، وفتح أفق سياسي جديد بعد عشريّة سوداء اختطفت فيها تونس من قبل جماعة من اللصوص والعملاء يديرونها لحسابهم الخاص عن طريق واجهة سياسية فاسدة لا تعبأ بأرواح التونسيين ومستقبلهم وسيادة وطنهم بقدر اهتمامها بخدمة مصالحها ومصالح الطغمة المالية الفاسدة المشرفة عليها في الداخل ودوائر الهيمنة في الخارج..
من المفارقات المخجلة أن نرى وقاحة أولئك الذين من يصنّفون أنفسهم بالديمقراطيين أحزابا وشخصيات ،و بعض القوى الديمقراطية من أحزاب الصفر فاصل وممن لا تاريخ لهم، يدافعون عن منظومة فاشلة بإسم الديمقراطية المزيّفة والشعبوية ، بمثابة إحياء العظام وهي رميم وإعادة منظومة الحكم الفاشلة و إقتسام السلطة والغنيمة ، لا يمكن أن يخدم مصلحة تونس وهو فقط يمنح جرعة جديدة من الأكسجين لحركة الإخوان التي لفظها الشارع مُطالباً برحيلها و رحيل منظومة الفساد برُمّتها .. إنّ تصدّر أحزاب ليس لها اي وزن في الشارع التونسي ولا تمثيلية برلمانية، وشخصيات بلا أي رصيد نضالي هدفه فقط الضغط على الرئيس قيس سعيّد و لإستعطاف القوى الدولية ،فالأخوان الذين فشلوا في الحكم وخرجوا منه في مصر والجزائر والمغرب وحتى من ليبيا، و فشلوا في الحكم في تونس طيلة السنوات العشر الماضية ، اليوم يستمر دعمهم من القوى الديمقراطية التي كانت أولى ضحايا من إستبداد الإسلام السياسي.. فحصيلة النهضة في الحكم كانت كارثية في كل المجالات لكنها اليوم تروّج لخطاب الديمقراطية التي لم تحترمها في نشوة السلطة وفي وتجويع التونسيين والتعامل مع الدولة كغنيمة ومع ذلك تجد من يدافع عنها من قوى تدّعي الديمقراطية.. لا يخفى على عاقل بأنّ حركة النهضة وشركاءها المسؤولة الأولى عن تردى الوضع الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي خلال كامل السنوات العشر الماضية وما ترتب عنه من ازمة تعيشها تونس اليوم ومن نتائج وتداعيات ألقت بظلالها على كامل المشهد السياسي والوضع المالي والإجتماعي للبلاد.. بالتعاون مع معاويلها من رجال أعمال فاسدين يعملون على تشديد الخناق على الشعب ، وقد تورط تنظيم النهضة في تعطيل مصالح المواطنين في المؤسسات العمومية والخاصة ومحاولة الترفيع في الأسعار والمضاربة وبث إشاعات ونشر مغالطات في الإعلام لإرباك الوضع ومن أجل كسب تعاطف الشارع مع حركة النهضة والتي تسعى للعودة من جديد لحكم البلاد بالحديد والنار ، بعد أن فشلت في تحشيد الشارع استخدمت سياسة التجويع و التنكيل بالشّعب بعد أن عجزت عن كسر الإرادة الشعبية المطالبة بتغيير المنظومة السياسية الفاشلة والمفلسة برمّتها..
الفساد في تونس طيلة العشريّة السّوداء هو أحد أضلاع مثلث الدمار ، الذي كان السبب الرئيسي فى نهب ثروات البلاد وتفكيك الدولة، و لابدّ من فرض القانون و تفكيك هذا المثلّث، الذي يشكل “الإرهاب والتّهريب و الإحتكار ” ضلعيه الآخرين، و على الحكومة و أجهزتها إطلاق عملية إنقاذ اقتصادي تُنهى سياسة المنظومة المنهارة، بإتجاه خطة إنقاذ البلاد من منظومة التدمير الممنهج ، و السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة التي لم تكن سوى واجهة لحكم بارونات المافيا بقيادة حركة النهضة وحلفائها.. الإصلاح العميق هو أول شروط النجاح.. و تصحيح المسار في تونس لن ينجح دون محاسبة الفاسدين و تنقية الحياة السياسية و القيام بإصلاحات سياسية عميقة و إصلاحات عاجلة اقتصادية وتنموية واجتماعية، تضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وعليه، نرى أن الأهم من الإصلاحات السياسية المرتقبة، أو تغيير نظام الحكم، الذي بات ضروريًا، هو أن تعمل الحكومة، بشكل جاد وسريع، على إيجاد حلول عاجلة لإنعاش الاقتصاد المتعثر ومكافحة الفساد، ومراجعة الاتفاقيات التجارية تأسيسًا على حزمة القرارات الاقتصادية، التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد ، لضبط الأسواق والتصدي للفاسدين و المحتكرين و المتستّرين على المفسدين و التصدي لسياسة التجويع الممنهجة و التنكيل بالشّعب فهي لا تعبر إلاّ عن الإنحطاط الأخلاقي والسياسي الذي وصلت إليه لوبيات الفساد و من يقف خلفهم.. لابدّ من وضع حدّ لعبث المافيا ووضع حدّ لسياسات تجويع الشعب التونسي ومحاسبة كلّ من تورّط في التنكيل بالتونسيين ونهب مقدراتهم وتدمير اقتصادهم وبيع قرارهم الوطني.. طيلة السنوات العشر الماضية منظومة حكم اللصوص نهبت خيرات البلاد وثرواته دون رادع ، و تُملي علينا سياسات سدّ عجز المديونية التي نهبوها أصلاً جراء سياسات الفساد والسياسات الحمقاء ، قلة تسرق المال وأغلبية مطالبة بتسديده .. فأي وطن هذا !!!..
هؤلاء لا يمكن ان يفهموا الديمقراطية بمفهومها الصحيح لأنهم ليسوا خونة فحسب، بل لصوص سلطة يعتبرون هذه السلطة مكسب اذا وصل اليهم يتشبثون به ويصرون انه حيث وصل إليهم فهو ملك لهم لا يعطونه لغيرهم وقد عُمِي على عيونهم أن ينظروا للسلطة كوسيلة لخدمة الشعب وأنّ الديمقراطية في احسن مسمياتها أن تكون معارضا للسلطة من اجل خدمة الشعب حتى لا تتجه البوصلة بإتجاه واحد لعله يكون خاطئاً اذا اشترك الجميع في سلطة فاسدة.. هؤلاء المتشبثون بالسلطة من أجل مصالحهم لا يترددون من فعل أي شيء من اجل تحقيق هذه المصالح ومن اجل حماية أنفسهم من المساءلة بسبب ما قاموا به من فساد و خيانة حتى وان كان ذلك يمس بكرامتهم ومستقبلهم السياسي الذي هو بالأساس ساقطا لأنه خاطئ..
طيلة عشريّة الخراب ، الشعب التونسي يعيش تحت رحمة إحتلال سياسي داخلي ، لطالما عمد لتركيع الناس وتجويعهم وقتل أحلامهم وسرقة مواردهم ونهبهم واصدار قوانين لا تخدم سوى صالح اللوبيات و المافيا التي تقف خلفهم ، دون مصلحة الفقراء والمساكين، هذا الاحتلال الداخلي لابدّ من مقاومته بكل الوسائل الممكنة، لأنه بات يشكل عبئاً أمام عملية قيام الدولة التي نحلم بها، وحيث أن عمليات تركيع التونسيين مستمرة من قبل هذه الطغمة السياسية الظالمة والساقطة، والتي لا تعرف إلاّ لغة التحايل والتكاذب على الناس وتمرير الوقت معهم… في الحقيقة يعجز القلم عن تعداد مواقع سقوطهم، ويكفي أن نسمع حتى من أبسط الناس وأقلهم إهتماماً بالشأن العام وهم يتحدثون عن مدى هول الأوصاف الساقطة التي يحملها الشّعب عنهم وعن أحزابهم و براشوكاتهم..، وعن أساليب لصوصيتهم و مساهماتهم في نشر الفقر والفساد والإفساد في الدولة وفي المجتمع، و مع ذلك هم يكذبون و يكذبون و يصدقون أنفسهم .. و آن الوقت لإنسحاب الطغمة السياسية الساقطة_الفاسدة واختفائها من حياة التونسيين ، وآن لهذه الطغمة الأنانية الجشعة ان تكتفي بما أورثته للتونسيين من ظلم و تفقير و إذلال بإسم المتاجرة بالدين و بالديمقراطيّة المزيّفة ..
بإختصار شديد تعيش تونس مع طبقة سياسية حمقاء و لا علاقة لها بمصلحة هذا الوطن و هذا الشعب بل نقول و أنّ بعض سياسيي ما بعد الثورة إمّا تجار دين، يريدون تطويع الدين وجعله أداة للحكم و لتحقيق أهداف سياسية بإمتياز أو فاسدون يبحثون عن الربح و الثراء السريع مهما كانت الوسيلة من صفقات مشبوهة و إستعمال النفوذ و سرقة المال العمومي و لكن هذا لا يعني عدم وجود بعض السياسيين النزهاء لا هدف لديهم إلاّ خدمة هذا الشعب و هذا الوطن و لكن للأسف قلّة يتمّ دوسها من الأغلبية الفاسدة.. لقد آن الأوان لإنقاذ تونس من فوضى الهُواة ونرجسيَّاتها المَرضيّة ، و اليوم لا بدّ من الحسم و المحاسبة، لا بدّ من فتح كل الملفات، لا بدّ من الضرب بيد من حديد على يد القتلة و المجرمين و اللصوص و المضاربين و المتلاعبين بقوت الشعب، لا بدّ من الحزم لإيقاف نزيف الاقتصاد و إعادة عجلته للدوران، لا بدّ بالخروج بسفينة الوطن إلى برّ الأمان، انتهت اللعبة و انكشف الخداع و الخيانة و ما على الشعب إلاّ أن يقف في وجه القتلة و الفاسدين و العملاء و اللصوص و استرجاع مكتسبات الوطن ممن نهبوها طيلة أكثر من عشرة سنوات.. هؤلاء الفاسدين و ناهبي المال العام و بائعي الوطن لا يمكن أن يكونوا منّا أو نكون منهم ، لابدّ من تعديل أو تغيير دستورهم الملغّم لمصلحة تخدم تونس و الشعب و معالجة مخلفات الدمار الذي أصاب الاقتصاد.. فبحيث لسنا في حاجة لنكرر ونعيد ذكر وتعداد أعمالهم الوسخة، فإنجازاتهم اليومية في إفلاس الدولة، وتدمير البلاد واقتصادها وأمنها، وتخريب المجتمع و تفقير الشعب و تجويعه و إذلاله ، شاهدة على أنهم ليسوا تونسيين، و ليسوا منّا و لسنا منهم !! ..
عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم