تحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية يئن الشعب التونسي، في وقت غابت فيه بعض السلع الأساسية عن الأسواق التونسية وارتفعت أسعار سلع أخرى بشكل كبير، ووسط محاولات إخوانية لإستغلال الأزمة التي تمر بها الدولة التونسية لإشعال الأوضاع وإسقاط البلاد من جديد في غياهب الفوضى، عبر إطلاق الشائعات ومحاولة إرجاع الأزمة إلى قرارت 25 جويلية 2021، وكانت حركة النهضة الإخوانية، قد حاولت في الأيام الأخيرة استغلال الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، للإستثمار في نتائجها و توضيفها سياسيا ، إن تصرفات حركة النهضة و حلفائها و داعميها في الأونة الأخيرة تشير إلى حالة الفشل التي وصلت لها بعد أن تركوا الدولة على حافة الإفلاس عقب العشرية السوداء، و تحاول التنصل من مسؤوليتها و تراهن على سقوط تونس للعودة إلى السلطة والامتيازات من بوابة تجويع الشعب والتنكيل به، و بعد فشلها في حشد المجتمع الدولي ضد الرئيس قيس سعيد، أخذت تُركّز إهتمامها على حشد التونسيين ضده، بإستغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ، دون الإعتبار لمسؤولية الحركة ذاتها عن هذه الأزمات حين كانت في الحكم، ولدور أزمات عالمية مثل الأزمة الروسية_الأوكرانية وفيروس كورونا، و تُخطط لإسقاط النظام من الداخل، رغم علمها بإرتباط الاقتصاد التونسي بالاقتصاد الأوروبي المتأثر بأزمات عديدة..
تُصرّ حركة النهضة على تنصلها من مسؤولية فشلها في الحكم طيلة 10 سنوات مضت، تجربة الحكم عرت الإخوان إذ أنهم لم يقدموا مشروعا إقتصاديا أو سياسيا بديلا ، بل تبين أنهم فقط مهتمين بالوصول إلى السلطة..، وباتت جماعة الإخوان و حلفائهم و براشوكاتهم يراهمنون على الشارع مجددا أملا في العودة للحكم أو التموقع السياسي بعد عشر سنوات من تجربة فاشلة أفضت في خواتمها إلى إنتفاضة شعبية أسقطت نظامهم و برلمانهم و حكومتهم العاجزة و حتى دستورهم الملغم ، ولم تقبل الجماعة وحلفاؤها استيعاب أن التونسيين لم يعودوا يرغبون في وجودها في المشهد السياسي بعد عشرية كاملة من الفشل، ولهذا تواصل المناورة بطرق عدة فشلت جميعها وكان آخرها النزول للشارع عبر مسيرات مأجورة لا تلاقي سوى تعاطف وتأييد الحاشية الضيقة للحركة وحلفائها ولا أثر لها على مجريات الأحداث في البلاد؛ لأنها تحركات تصدر عن طبقة سياسية لفظها التونسيون، ولكنها ترفض الإقرار بفشلها وتحاول إثارة الفوضى لأنها تعودت أن تولد وتنتعش من رحم الفوضى ، وتنسى الحركة ومن معها أن عصر المسيرات انتهى وإضمحلّ تأثيرها خاصة حين تكون مجرد استعراض مدفوع الأجر، كمناورة يائسة قد تعود بهم إلى المشهد السياسي، عبر الإستثمار في الأزمات المفتعلة لتجييش الشارع ضد قيس سعيّد، ولاستعادة شعبية متهاوية والخروج من حالة العزلة.. الورقة التي يلجأ لها الإخوان والداعمون لهم دائماً هي الفوضى، ومحاولة إثارة زوبعة إعلامية، واللجوء للخارج.. الثلاثية التي طالما لجأت لها الجماعات الإخوانية في أكثر من بلد، وفي تونس تحاول الجماعة حشد أتباعها للخروج إلى الشارع لخلق فوضى هي في أمس الحاجة لها.. وهذا التكتيك أصبح مكشوفاً للجميع؛ فوحدها الفوضى هي التي تقوِّي وتدعم الحركات الإنتهازيّة الإخوانية و أذرعتها، لكن هذا الخيار أصبح غير واقعي بسبب قلة الداعمين وإحجامهم عن المشاركة، وهذا ما شهدناه في تظاهراتهم الأخيرة الهزيلة.. أما الخيار الآخر فهو لجوء الجماعة لداعميها عبر القيام بحملات إعلامية مدفوعة تهدف إلى تقديم الجماعة بدور الضحية وتوظيف الذباب الإلكتروني لتصدير الإخوان للساحة والتشويش على الإنجازات في تونس.. والتكتيك الأخير هو محاولة اللجوء لدول العالم ومحاولة تدويل القضية السياسية الداخلية في الخارج عبر الإستنجاد بالدوائر الخارجية ، كي يفرضوا أنفسهم ويتفاوضوا و يعودوا إلى التموقع من جديد في المشهد السياسي.. حركة النهضة نموذج صارخ لفكرة التحوّل والخداع والتلوّن السياسي، يوهمون أنفسهم و قطيعهم الأعمى أنهم بقدرتهم خداع الشارع التونسي في محاولة يائسة لإستخدام الشارع لمواجهة قرارات 25 جويلية و الإرادة الشعبية التي عزلتهم عن السلطة، ورغم الدعوات الملحّة للتظاهر و التحشيد و التحريض لم تستطع حركة النهضة وحلفاؤها سوى إقناع المئات للخروج إلى الشارع .. الغباء السياسي دائماً ينحاز لهذه الجماعة و حلفائها ، تجربة فشلهم طيلة السنوات العشر الماضية لا يمكن أن تمنحهم أي درجة من الثقة، حين تولوا المسؤولية، وتركوا بصمات الفشل على جدران المؤسسات التي حاولوا السيطرة عليها.. و حين أدركوا جيداً أنه لا رغبة في استمرار حركة النهضة لعبوا دور الضحية لإستعطاف الشعب و الرأي العام الدولي ، ولم تنطلِ هذه الأكاذيب على التونسيين ، فالتجربة واضحة والشعب تعلم الدرس جيداً، و من الحمق تكرار نفس الأخطاء..، الخلاص من حكم وفساد النهضة بات أمراً لا يقبل التأجيل أو القسمة على وجهات النظر، عقارب 25 جويلية لن تعود إلى الوراء.. و تونس لن تسقط و لن تعود إلى الوراء مرة أخرى..
مؤامرات بعض الأطراف السياسية على وطنهم أصبحت مكشوفة، لا تحتاج لدلائل وقرائن لإثبات محاولات زعزعة إستقرار الوطن ومحاولة إحداث شقاق لخدمة أطراف معيّنة تعمل وفق أجندة أجنبية مموّلة بمليارات الدولارات لإفشال المسار التصحيحي .. و سوف تظل المنظومة تعمل في الغرف المظلمة وتعقد صفقات علنية مع بعض الأطراف الداخلية و الخارجية ، ولكن يظل الرهان معقوداً على وعي الشّعب التونسي العظيم الذي يعرف أنّ الديمقراطية لا تنبت في أحضان الفساد وأنّ الدين ليس جسراً للحكم.. و التوّنسيّون المتشبّثون بالمسار التصحيحي وأهدافه، لا يحلمون إلاّ بطيّ هذه الصفحة التعيسة وتصحيح المسار، لأن الحديث عن إنقلاب و الخوف المبالغ فيه من قرارات رئيس الجمهورية مناورة للعودة إلى سدة الحكم و إفشال إرادة الأغلبية الساحقة من التونسيين الذين اسقطوا شرعيّة مزيّفة.. و حيلة حماية الديمقراطية المزعومة لم تنطل إلاّ على القطيع، و لا تدلّ إلاّ على عجز المنظومة السياسية و أذيالها ، ولطالما استعملت المناورات لتبرير الفشل و الفساد..على التونسيين الوطنيين أن يتحملوا مسؤوليتهم في عدم ترك البلاد للعابثين و الفاسدين ، و رصف الصفوف و الصمود أمام هؤلاء اللصوص والعملاء والخونة الذين دمروا الشعب وخانوا الوطن وباعوه بثمن بخس وآذوا شعبهم أشد أذىً وظلموه أعظم ظُلم وسحقوه ودمروه، والتأكيد على أنّه لا عودة إلى الوراء، وليُبرهنوا على أنّهم يدركون خياراتهم جيدا و حسموا الأمر وأنّ تونس نهضت ولن يستطيع أحد في الداخل أو الخارج أن يعوقها أو يقوض مبادئها أو يمس سيادتها و أمنها واستقرارها ، أو أن يعيدنا إلى الوراء أو إلى ما قبل الوراء .. و علينا حماية المسار حتى من النظام نفسه إن لزم الأمر.. في هذه المرحلة الإصطفاف والإخلاص لهذا الوطن هو كل ما نحتاجه ، و دعم تونس وقيادتها هو كل ما نحتاجه في هذه الفترة التي نواجه فيها مخططًا خارجيًا يدعمه ضعاف نفوس في الداخل، والهاربون في الخارج، فإما أن ندرك ذلك و نقف بكل قوة إلى جانب تونس ، وإلاّ سيكتب التاريخ فينا ما لا نحب..
عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم