الجمعة , 22 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

المشهد السياسي: تراكم الصراعات السياسية…غياب العدالة الإجتماعية وحالة غليان شعبي… إلى اين تتجه الأزمة ؟

بقلم محمد إبراهمي  |

في الدول التي تحترم نفسها، وتحترم شعبها يكون فيها الدستور هو من يعدل الحكام، وليس الحكام من يخيطون الدستور على مقاس كراسيهم…
وأيضا الدول التي تحترم مؤسساتها وعلوية دستورها يعتبر فيها الحاكم هو الوطن وكما أن الحاكم هو الدستور في حد ذاته وهنا تكون المعادلة عادلة في دولة القانون والمؤسسات..
المشاهد داخل قبة البرلمان والصراعات بين بعض النواب أصبحت مسرحية رديئة..
فحين نرى بعض النواب يتلفظون بما يسيئ لهيبة المجلس وﻫﻮ ﺭﻣﺰ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺑﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻤﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﻴﻦ .ﻛﻞ ﺫﺍﻙ ﻭﻟّﺪ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻧﻔﻼﺕ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﺄﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، وﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﺳﺘﺮﺟﺎﻋﻬﺎ، وﻧﺮﻓﺾ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺣﻖ ﺣﻘﻪ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻌﻀﻼﺕ، وﻧﺮﻓﺾ ﺃﻥ تمر هاته المشاهد ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻄﺎﻟﻬﻢ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ والحرص على عدم تكرار هكذا مشاهد بدائية ورديئة تمس من هيبة الدولة ومن الواجب إحترام علوية الدستور وحرمة قبة البرلمان، وﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻓﺎﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ لتونس ﺑﺎﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ فهي طريق ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ .
وكما أﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، فنحن اليوم أمام منعرج خطير فالشعب لم يعد يثق بمجلس ﻧﻮﺍﺑﻬﻢ ﻭﻛﻞ ﺫﺍﻙ ﻭﻟﺪ ﺣﺎﻟﺔ عزوف عن الحياة السياسية ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺪﻧﻲ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺔ .
وكما نحن اليوم ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺠﻠﺲ نواب ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﺎ عن ماهو قبل الثورة من ناحية الحرية المطلقة والإيديولوجيات وامام دولة القانون والمؤسسات ومن شأنها ﺃﻥ تعيد ﺍﻟﺜﻘﺔ بينها وبين الشعب وبالمجلس وإلا ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ في حد ذاتها..
في الوقت الراهن على ﻛﻞ ﺍﻷﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ الشخصية والفئوية ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ يحلم به ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺰﺓ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻭﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ التي ﺣﺮم منها في زمن ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺑﺎﻷﻣﺲ وتسعى الأجندات ﺇﻟﻰ إجهاضها والسير بنا إلى ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ لتبقى بلادنا تحت ركام الفوضى.. تراكم الصراعات في المرحلة السابقة قبل الإنتقال الديمقراطي والوضع السياسي والحزبي المحكوم بالتجاذبات والإحتقان زاد في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الى حد كبير ..
الكل يعلم أن ضعف أداء الحكومات المتعاقبة والصراعات السياسية والحزبية كانت سببا لهذا المناخ المتأزم والذي أثر سلبا على أداء مؤسسات الدولة، حكومة ورئاسة ومجلس نواب.. مما أدى إلى فقدان الأمل وإنعدام الثقة بين الشعب والحكومات المتتالية جراء الفشل العميق ..
في هذه المرحلة المفصلية وبعد الإنتقال الديمقراطي وحالة وعي الشعب التونسي الذي إختار شخصيات يراها تترجم تطلعاته وتساهم على الأقل في تحقيق جزء من أهداف الثورة ومطالبه التي لم تتحقق منذ ثورة 17 ديسمبر، ينبغي على الحكومة وكل الأطراف السياسية الفاعلة الإلتفات للأوضاع الإجتماعية الهشة في خاصة في المناطق الداخلية المحرومة والمهمشة..فهناﻟﻚ ﺃﻭﺿﺎع ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻓﻮﺭﺍ، في ﻇﻞ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ هذه الأوضاع ،الإنتحارات وموت الشباب من جراء الفقر والتهميش والبطالة وضيق سبل الحياة ..
لابد من ايجاد حلول دائمة وجذرية ودون مماطلة وتسويف واستخفاف بعقول الشعب، وانقاذ أرواح الشباب اليائس من هاته الحياة البائسة ..
ﻓﺎﻟﻔﻘﺮ والبطالة وانهيار الإقتصاد ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻌﻼﻗﺔ كبيرة ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ المتفشي في دواليب الدولة ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﻣﻼ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻋﻨﻖ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﺔ ﺍﻟﻌﻔﻨﺔ؟ ﺃﻡ ﺳﻨﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷزمات ؟!! غالبا الفشل يكون في ﺳﻮﺀ ﺍلإﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻸﺳﻒ ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﻌﻮﺍﺋﻖ ﺇﻳﺪيولوجية، ﻋﺎﻣﻠﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ واللوبيات ﻭالحسابات الضيقة والصراع على السلطة ناسين او متناسين مطالب الشعب والشباب الذي ينتحر ويموت كل يوم، اﻟﻔﺴﺎﺩ سيدﻣﺮ ﺍلشعب ﻭﺍﻟﺪﻭلة معا وسيسير بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه ..
الأﺯﻣﺎﺕ والصراعات والحسابات الضيقة ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ الإقتصادية ﺍﻟﻤﻬﺘﺮﺋﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ وتدمر شبابنا وأبنائنا، نصف يموت مكبوتا في بلاده والنصف الآخر يموت وهو يحاول الهروب من بلاده العزيزه عليه.
فالوضع لم يعد يحتمل في هذه البلاد العاجزة عن حماية أبنائها ولابد من إنقاذ ما تبقى وإصلاح مايمكن إصلاحه..

محمد إبراهمي

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024