السبت , 23 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

المنعطف الخطير.. بين العبث السياسي و السياسة العبثية..

إن المتأمل في المشهد السياسي التونسي وما فيه من توتر واحتقان لا يحتمل الدخول متاهات قد تدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه و المطلوب و بأسرع وقت ممكن للوحدة الوطنية والتكاتف بين الجميع وترك الخلافات والمناكفات جانبا لتجاوز الظروف الصعبة التي مر بها الوطن وما يزال يمر بتعقيدات وصعوبات و البلاد في أحوج الظروف من أي وقت مضى إلى هدنة عامة سياسية واقتصادية واجتماعية من أجل الخروج بالوطن إلى بر الأمان بأخف الأضرار..

هناك مؤشرات تحول في خارطة التحالفات وبالتالي هذا التحول في الخارطة السياسية والتحالف السياسي لم تتضح معالمه، مؤشرات بأن هناك مستقبل مجهول ، ينبغي إلتفاف القوى السياسية والمجتمعية والتصالح وإصلاح المشهد السياسي الذي يفرض على الجميع رسم ملامحه وتحديد خطوطه وحدوده و بالتالي يعتبر المخرج الأوحد للجميع وبدونه لا مجال لأن ينفرد أي طرف بمفاتيح العملية السياسية فالمرحلة القادمة لا تقبل بغير التعايش بين كل القوى بمختلف أطيافها وأي محاولة للانفراد أو تصفية حسابات أو تهميش واستبعاد لن تكون إلا هدما لسقف الوطن على رؤوس الجميع..

فحذار حذار، لمن يريدون التلاعب بهذا المسار الديمقراطي الذي هرمنا من أجل تحقيقه ولا يمكن أن يذهب أدراج الرياح..لن نقبل بالمزيد من العبث بمصلحة البلاد و إستقرارها و هناك مطالب شعبية متصاعدة و عاجلة و حارقة تتطلب هدنة سياسية و إقتصادية قبل إنفجار إجتماعي في وضع صحي مجهول و خطير و العواقب ستكون وخيمة على الجميع..، إذ يتطلب في هذا الظرف الإستثنائي على القوى السياسية وضع هدنة لإعادة حساباتهم ، من خلال مراجعة هادئة لمسيرة تسع سنوات ، حتى يتسنى لهم معرفة أين أخفقوا وأين نجحوا..

بلادنا تمر بمخاض سياسي عسير يضع الجميع أمام مفترق الخيارات التي قد تقحمهم لاتخاذها طريقا للخروج من عنق الزجاجة وتعتبر المصالحة الوطنية بين الأطراف السياسية في الساحة هي من أهم الخيارات التي يجب أن ينتهجها السياسيون في الوقت الحالي و ينبغي إيجاد انسجام وتوافق بين مختلف القوى السياسية والقبول بالآخر بما يخول للخروج بالوطن من أزماته ومعاناته التي طالت دون جدوى لبناء وطن جديد يتسع الجميع….

على الجميع تحمل المسئولية الوطنية والتاريخية في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن أمام الأزمات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية، فضلا عن الوضع الوبائي الراهن الذي يستوجب هدنة سياسية عاجلة من أجل تخفيف الاحتقان ولتتيح للوطن ولنخبه البحث عن كيفية تجاوز المخاطر المفروضة علينا .. و نتجنب زلزال صحي وموجات تسونامي اجتماعية واقتصادية، لأن كل المؤشرات الراهنة تنذر بأن البلاد تتجه بأقصى سرعة نحو الهاوية والشعب التونسي هو من يدفع الثمن جراء العبث السياسي..

من المنتظر أن يعرض المشيشي حكومته على البرلمان لنيل الثقة يوم 1 سبتمبر المقبل، ويمكن للرئيس حل مجلس نواب الشعب والدعوة لتشريعيات مبكرة إذا سقط رئيس الحكومة المكلف في الاختبار البرلماني.. أرى ان جميع المؤشرات الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تونس تتجه تدريجيا إلى خريف إقتصادي و إجتماعي ساخن و بالتالي الحكومة الجديدة لابد أن تمر و تحظى بالثقة و ليس تحت عنوان الخوف من حل البرلمان بل ضروري أن يكون الخوف من الإنهيار الوشيك يأتي على الأخضر واليابس.. الإنتخابات المبكرة في هذا الظرف الإستثنائي مغامرة سياسية و صحية غير محسوبة العواقب و من الضروري ان تكون حكومة منفتحة على الخبرات و الكفاءات و تحمل برنامج إنقاذ شامل لمجابهة كل التحديات التي تواجهها البلاد و الأهم ان تكون حكومة ذات حزام سياسي قوي لتحقيق الإصلاح و الإستقرار السياسي الذي بدوره يساعد على تنقية الأجواء للخروج من هذا المأزق السياسي و الإجتماعي و الصحي بأخف الأضرار ، دون ذلك يعتبر عبث سياسي وبالتالي أبغض الحلال الذهاب إلى انتخابات مبكرة ولا المغامرة بحكومة دون برنامج و دون حزام سياسي و برلماني، و الوقاية خير من العلاج..

حذار و حذار ايها السياسيون لأن الشعب سئم الوعود و نقض العهود و الوضع دقيق ولم يعد يحتمل، و الشعب التونسي سيكون بالمرصاد لكل من تخول له نفسه الإنحراف بمسار البلاد و امنها و استقرارها وهو قادر على أن يفرق بين الحقيقي والمزيف دون وصاية من أحد وسيبقى هذا الشعب الضامن الوحيد لحياة سياسية تتمتع بديمقراطية حقيقية وبالتالي هذا الشعب صحيح أنه زوالي و مهمش و لكن ليس غبي ليرضى بالعبث السياسي و لن يقبل به، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان و البلاد غير قادرة على تحمل المزيد من العبث و المناورات، الشعب يريد سياسيون يحترمون انفسهم و يحترمون هذا الوطن و شعبه ، لا مجال للخطأ و نحن داخل وضع متأزم على جميع الأصعدة ،

امهلناكم تسع سنوات لتخرجوا هذا الوطن من عنق الزجاجة فراجعوا حساباتكم و أنقذوا تونس الجريحة من هذا العبث السياسي الداخلي و الخارجي.. الكل يعلم اننا أمام وضع مأزوم في بلد يغرق شيئا فشيئا في أزماته كل مافيه ماض تعيس و حاضر اتعس و مستقبل مجهول.. منعطف خطير بين العبث السياسي و السياسة العبثية ، البلاد في مفترق طرق هل تنتهي هذه الأزمة السياسية أم تعود حليمة لعادتها القديمة.. ؟

قد أكون أول من يدعو إلى العصيان المدني جراء السياسات الفاشلة و الخاطئة و تغليب مصالحكم الضيقة على مصلحة الوطن العليا..

مصلحة تونس العليا و شعبها فوق كل إعتبار..

 

 

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024