الإدارة الامريكية والى حد ما أيضا دول الاتحاد الأوروبي يريدون ان يقنعونا ويقنعوا العالم أنهم غير راضيين عن نتائج الانتخابات في الكيان الصهيوني التي جاءت لصالح غلاة العنصرية ضد “الأقليات” والتي يدعون لطرد العرب داخل الخط الأخضر ويجاهرون بشعارات القتل للعرب ويبشرون بنكبة ثانية قادمة…الخ هذه الدعوات التي أصبحت تطلق من أعضاء في الكنيست. لسنا بصدد استعراض ما قيل من قبل العناصر القيادية من هذه المجموعات او تصرفاتها تجاه الفلسطينيين سواء في أراضي الضفة الغربية او داخل الخط الأخضر او عن برامجها الحاقدة تجاه العرب التي تتطابق مع برامج النازية تجاه الاجناس غير المانية او الأري وسنقتصر بتوضيح النفاق في المواقف الامريكية والأوروبية.
الادعاءات بان الإدارة الامريكية لن تتعامل مع الأطراف “المتطرفة” في حكومة الكيان القادمة ما هو الا هراء وكذب وتضليل إعلامي للظهور بمظهر خادع من ان الولايات المتحدة لا تتقبل الأفكار المتطرفة والعنصرية والتصريحات الفاشية التي تتأتى من هذه الأطراف التي تحمل في ثناياها الكره والحقد والكراهية الممزوجة بإلغاء الغير وعدم الاعتراف به او حتى بوجوده.
وخير دليل على هذا الموقف المنافق التي تريد الإدارة الامريكية إخفاء وجهها القبيح هو تعاملها مع الأطراف الفاشية والنازية في أوكرانيا والدعم اللامتناهي التي تقدمه لهذه الفئات الفاشية من أحدث الأسلحة التي تنتجها المصانع الحربية الامريكية والتي تجاوزت العشرة مليارات دولار وتخصيص ما يقرب من 30 مليار اضافية وما زالت تضخ مزيد ومزيد من هذه الأسلحة اليهم لتحقيق مآربها (الولايات المتحدة) السياسية من وراء هذا الدعم ولم تتوقف عن دعمها سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا.
ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل قامت أيضا بتجنيد كل دول حلف الناتو لهذا الغرض. ودول الاتحاد الأوروبي تدرك تماما المنظومة السياسية الحاكمة في أوكرانيا وتدرك تماما العناصر الفاشية والنازية المتحكمة بمفاصل القرارات فيها وخاصة انها لعبت دورا كبيرا قبل وبعد احداث الانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة عام 2014 في أوكرانيا. ومع كل هذا انضمت الى النعيق الإعلامي للولايات المتحدة ضد روسيا وقامت بتقديم الأسلحة الاستراتيجية من مخازنها بناء على الأوامر الامريكية لنازي اوكرانيا من كتائب أزوف التي ارتكبت المجازر ربما ابرزها التي وصلت الى وسائل الاعلام هو حرق العشرات من المحتجين على انقلاب 2014 في مبنى بلدية اوديسا بعد اضرام النار في المبنى وإغلاق كل المنافذ عليهم عام 2014. لهؤلاء القتلة فتحت الدول الاوروبية أراضيها لتدريبهم على أحدث الأسلحة.
الولايات المتحدة وكذلك دول الاتحاد الأوروبي لم تحرك ساكنا على الحركات الاستيطانية من “المتطرفين” الصهاينة التي نهشت وما زالت تنهش الأراضي الفلسطينية وقتل اية فرصة لتحقيق السلام ولو بالحد الأدنى للمطالب الفلسطينية المحقة. لم تحرك ساكنا عندما اضرمت النار في عائلة الدوابشة عام 2015 في قرية دوما بمحافظة نابلس وهم نيام من قبل المستوطنين .ولم تحرك ساكنا عندما اجبر الفاشيين الطفل محمد أبو خضير من القدس بعد اختطافه على شرب البترول وأضرموا النار به بعد ذلك وقاموا بالرقص والاحتفال وهو يحترق وهذا ما اعترفوا به. ودول الاتحاد الأوروبي هي من ساهمت مساهمة مادية في بناء وتطوير المستوطنات في الضفة الغربية وشجعت “المتطرفين” للتوغل لارتكاب الفظائع ضد القرى الزراعية المحاذية للمستوطنات السرطانية بإطلاق الخنازير البرية للقضاء على المحاصيل الزراعية وحرق القمح قبل حصاده وسرقة الزيتون واقتلاع الالاف المؤلفة من شجر الزيتون والغارات الليلة على هذه القرى من قبل مسلحيهم كما كانت تفعل العصابات الصهيونية عام 48 وقبلها لطرد سكان القرى والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. وسجل الاحداث يطول بما فيها أحداث الشيخ جراح وسلوان والمسجد الأقصى وغيرها في القدس وغيرها من المدن والقرى. لم تتخذ اية الية للتصدي لهذه النزعات العنصرية والفاشية في الكيان لا من الولايات المتحدة ولا من الدول الأوروبية حماة “حقوق الانسان ” و “الديمقراطية” مما ساعد في تنامي هذه المجموعات الفاشية والمتطرفة بحسب تعبيرهم.
أنتم أبعد الناس والدول عن حقوق الانسان والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. ما يهمكم بالدرجة الأولى والأخيرة هي مصالحكم الذاتية الانانية وعلى استعداد لسحق الغير والدوس عليه والتعامل مع الفاشيين لتحقيق مآربكم السياسية والاقتصادية على وجه الخصوص. فكفوا عن هذا النفاق المفضوح وسنراكم غدا تتعاملون مع أكثر الحكومات الصهيونية دموية و “تطرفا” والتي تحتضن العنصرية والتطرف بكل أبعاده علنا وجهارة.
كاتب وأكاديمي فلسطيني