خائفة مرتبكة تخشى مصيرها, وهي تراقب كل شيء وقد تغير, ولازالت تعتدي لكنها تستجدي عدم الرد, ولم يعد عدوانها نزهة, ولم يعد وجودها مستقر واّمن, فالرعب تسلل إلى قلوب قادتها ومستوطنيها … فلا ردعها كافٍ, ولا قبتها الحديدة تطمئنها… هي ترفع السواتر, وتُضاعف كاميرات المراقبة, وترفع الجدران البيتونية, وعينها على ملاجئها, واّذنيها ترقب صافرات الإنذار, وأصدقائها عروشٌ خائنة لأوطانهم وشعوبهم وقد يتبخرون في لحظة… ياله من تخبط وخوف وعشرات اّلاف الصواريخ قد تُمطر سمائها… جبهاتٌ وجبهات, ومقاوماتٌ لم تُهزم, وأسدٌ في دمشق, وحرسٌ ثوري في طهران, أين أنت ترامب, وهل تستطيع فعل ما تعهدت به, وهل أنت قادر على هزيمة إيران ومحور المقاومة ؟.
دائما ًهو التحريض الإسرائيلي الكبير والسعي لوقوع المواجهة بين الولايات المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية, والعين الإسرائيلية على تحقيق جملةٍ من الغايات والأهداف, لكنها غير واثقةٍ من قدرة حليفها الأمريكي على الإنتصار وعلى كسر الإرادة الإيرانية وإضعافها, ويُخيفها مجرد التفكير بهزيمةٍ أمريكية مستعجلة, تنعكس عليها لوما ًومسؤولية هناك بعيدا ً في بلاد العم سام …
دائما ًهو الخائف “نتنياهو” والذي يخشى خسارة متطرفي الرأي العام والمتحكمين من النخب السياسية في الولايات المتحدة, وهو الذي أصدر تعليماته لوزرائه وكبار مسؤوليه السياسيين والعسكريين بالصوم والصمت عن التصريحات المباشرة الواضحة لتوريط واشنطن في المواجهة الشاملة مع إيران … ويبقى تعويله على براعة المستشار الأمريكي “جون بولتون” في إقناع الرئيس دونالد ترامب بطريقته الخاصة …
إذ يخشى رئيس وزراء الكيان الغاصب أن يجد نفسه وكيانه وسط هذه هذه المواجهة, الأمر الذي سيمنح إيران الفرصة الذهبية لإستهداف تل أبيب مباشرةً لإيلام واشنطن كعنوان إضافي لتحرير فلسطين … ويفضل اللجوء إلى التهويل وتعظيم قدرات كيانه العسكرية في وجه إيران, لكن وفي الوقت نفسه تبقى مخاوفه من تراجع الرئيس الأمريكي عن المواجهة, الأمر الذي سيؤدي حتما ً إلى هزيمةٍ أمريكية – إسرائيلية – خليجية, وإلى ضياع الفرصة في عهده.
وفي ذات السياق حذّر مركز “أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي في بيان, من خطورة المواجهة الشاملة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في الخليج, وبأنها ستؤدي إلى “تداعيات كبيرة على الأمن الإسرائيلي”, ومن إمكانية لجوء القوات الإيرانية إلى استهداف “إسرائيل” ومصالحها في الخليج والمنطقة, وشدد البيان على ضرورة تعزيز العلاقات الإسرائيلية بالدول الخليجية, وإستمرار ضغوطها على إدارة ترامب للتعامل الحازم مع الملف النووي والبرنامج الصاروخي الإيراني…
وبناءً على مجمل تلك المخاوف والحسابات المعقدة, تبقى الإتصالات الأمريكية – الإسرائيلية – الخليجية في أعلى مستوياتها, وتبقى – في الوقت ذاته – الرغبة في الإستمرار والحفاظ على مستوى التحريض الإسرائيلي – الخليجي , ليشكل هاجسا ًوربما كابوسا ًوسلاحا ًذو حدين … ويُبقي اّمالهما معلقة على الرئيس الأمريكي وقبل إنتهاء ولايته, مع الصعوبات التي يواجهها في بلاده وعلى رأسها العزل, أوعدم فوزه بولايةٍ رئاسية ثانية.
يبدو من الحكمة ألاّ يتجاهل الأمريكيون والإسرائيليون والخليجيون, قدرات القوات الإيرانية وحلفائها, والتي تمكّنها من استهداف المصالح والقواعد والجنود الأميركيين في العراق وسوريا والمنطقة عموما ً, بالإضافة إلى ترسانتها الصاروخية القادرة على تدمير حاملات الطائرات والقاذفات والأساطيل التي استقدمتها إلى المنطقة, وبقدرتها على وقف عمليات تصدير النفط من الخليج إن مُنعت من ممارسة حقها بتصدير نفطها, ومن بوابة الدفاع عن النفس والمصالح القومية والإستراتيجية العليا وعلى رأسها السيادة واستقلال القرار الإيراني.
ويبدو من الحكمة وقف التحريض الإسرائيلي – الخليجي, واللجوء إلى الحوار الأمريكي – الخليجي المباشر مع الدولة الإيرانية, أو عبر عشرات الأقنية والأطراف التي أبدت استعدادها للعب دورٍ إيجابي لنزع فتيل المواجهة, بالإضافة إلى تراجع الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته عن التصعيد وعن عنجهية تصريحاتهم, وتقديم الإحترام المكافىء لقوة وقدرات الجمهورية الإسلامية, خصوصا ً أنها لم ولن تسعى للمواجهة العسكرية, إنما تدافع عن حقوقها المشروعة والمنصوص عليها في بنود الإتفاق النووي – الدولي, وفي تعاملها السلمي مع كافة دول العالم, وسعيها الدائم إلى تعزيز تعاملها الإيجابي و”علاقاتها المتوازنة” مع جميع الدول الخليجية – بحسب الوزير ظريف-, الذي عمل لتأكيد سعي بلاده لخفض التصعيد, ولإختبار النوايا السلمية لجيرانها, من خلال العرض الذي طرحه بالأمس من بغداد, حيال التوقيع على إتفاق “عدم إعتداء”, لإقامة علاقات إيرانية بناءة مع جميع جيرانها في الخليج.