لقد أصبح وقت انكشاف المؤامرة على اليمن قاب قوسين أو ادنى، ذلك أن الأخبار القادمة علينا من هناك تواترت بشكل أكد أن الإنتصارات المتوالية التي حققها الجيش اليمني ومع لجانه الشعبية أصبحت حقيقة لا يممن حجبها أو تجاهلها وهي تعبر عن إرادة شعب يمني أبي عصي على الرضوخ لإرادة اعدائه، بعد أن فتح ابناؤه سجل ثورتهم، وكتبوا فيه بدمائهم إرادة شعب أبيّ، لم تثبت على أرضه قدم غازٍ أو مستعمر، وذلك ما ميز الشعب اليمني طوال تاريخه، على بقية الشعوب العربية والإسلامية.
وأتساءل عن أولئك الذين استهانوا بقدرة الشعب اليمني وبأس رجاله، واستضعفوا أهله أيّما استضعاف، فصبوا عليه جام حقدهم، وأفرغوا على أرضه حمم صواريخ طائراتهم وقنابلها، وهم يعلمون أنه شعب مسالم، لم يفكر يوما ليعتدي على جيرانه، وذهب بحكامه مع سياستهم العاطلة إلى أبعد حدّ يمكن أن يتحمّله شعب مسلم، راسخة قدمه في الإباء، إلى متى سيستمر تحالف إجرامهم بحق اليمن أرضا وشعبا لكسر ارادته، في خلاصه من العمالة والتبعية المقيتة، لأذيال القوى الغربية الإستعمارية؟ لقد كان قرار وقف عدوانهم صعبا في بداية عدوانهم، وبعدما ورّطتهم أمريكا، حيث كانوا يعتقدون أنه مجرد نزهة، مهما طالت بها الأسابيع، ستنتهي بإخضاع اليمن من شماله إلى جنوبه، ولكنهم وصلوا منذ سنتين تقريبا – وبعد سبع سنوات من العدوان – إلى عقبة كأداء عسر عليهم اجتيازها، وقد انقلب عليهم العدوان، ليتحول المعتدى عليه، والذي كان لا يملك حيلة لصد الهجمات الغادرة عليه، إلى قوة يحسب لها اليوم ألف حساب وحساب، أدعياء التحالف العربي الذي شكله النظام السعودي، بأوامر أسيادهم الأمريكان والصهاينة، نسوا بأن الله يدافع عن عباده المؤمنين وينصرهم على أعدائهم ولو بعد حين قال تعالى: (إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا إنّ الله لا يحبّ كل خوّان كفور).
صحيح أن الأضرار البشرية والمادية، التي أسفر عليها عدوان التحالف الأعرابي إلى اليوم جسيمة، وآثارها المادية الظاهرة كارثية، واليمن مصنف حسب المنظمات الإنسانية غير الحكومية ووكالات الإغاثة الدولية، بلدا موبوءا ومجوّعًا، بحصار مطبق برا وبحرا وجوا، ما يكشف حقيقة التحالف كآلة عدوان مقيت، ليس له أدنى معيار إنساني، يعيده إلى إنسانيته في اعتباراته العسكرية، أما المعيار الإسلامي الذي قد يردعه ويخيفه من عاقبة أمره، فهو غائب تماما عند هؤلاء المعتدين، الذين يحسبون أنفسهم أنهم يحسنون صنعا، بينما هم يسيؤون للشعب اليمني أيما إساءة، ويجرمون بحق أنفسهم بوضعها في مستوى واحد مع فراعنة العصر، الذين خطّأهم الله سبحانه بقوله: (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين).
هذا الخطأ في تقدير نتيجة العدوان على اليمن، واعتبار منذ انطلاقه حزما وعزما، قطوف انتصاره دانية، بتكاتف جهود الدول المشتركة، وبمباركة أمريكية بريطانية صهيونية، خاب أملها بتقدم الزمن، وغرق المعتدين في المستنقع اليمني، فلم تسعفهم طائراتهم الحربية، ولا أسلحتهم المتطورة، ولا مرتزقتهم القادمون بتعاقدات تعاون عسكري، بين قائدة التحالف النظام السعودي وأنظمة عربية، انكشفت عورة تواطئ بعضها، والبقية في الطريق بتحقيق ما أملوه من إنتصار، بمقتضاه يمكن إخضاع اليمن لشروطهم، وإعادته إلى بيت الطاعة الخليجي، الذي تعرّت جميع نواياه وأهدافه، فهو يعمل لتوطيد الوجود الإستعماري الغربي، والتمهيد لنفوذ الصهيوني في المنطقة من خلال علاقاته السرّية العميقة وتشجيعه الدول العربية التي لم تطبّع مع الكيان على التطبيع.
التساؤل الآخر المطروح اليوم أيضا، متى يتخلص إعلام العار العربي من تبعيته المقيتة لمنظومة الإعلام الغربية، ومرض مدّ رقبة إعلاميين لباطل لم يعد ممكن اخفاءه، صاغته لهم آلته المضللة؟ ومتى يتحرر الإعلاميون من أسلوبهم في الإقتيات من موائده المسمومة، والرضا بما يقدّموه لهم بخصوص الشأن اليمني؟ وهذا بحد ذاته يحتاج إلى إرادة حرّة ومبدأ، يحفزان الإعلامي على البحث في القضايا والشؤون المتعلّقة بأوطاننا وسلامة أفكارنا، وصون أهدافنا من التعلّق بأوهام الغرب، المسوّقة اعلاميا وثقافيا، لحرف شعوبنا عن مسارها الصحيح، وإبعادها عن أهدافها المستجيبة لقيمها الاسلامية.
إيران الإسلامية وحدها واقفة إلى جانب الشعب اليمني وخياراته الثورية، مراعية في ذلك أدب وأخلاق الإسلام، في نصرة الشعوب الإسلامية والمستضعفة، مضحية من أجل ذلك بالعقوبات القاسية المسلطة عليها، من أجل ثنيها عن مواقفها المساندة لتحرر الشعبين الفلسطيني في التحرر من الاحتلال الصهيوني، والشعب اليمني من أجل تقيق خياراته الثورية، التي رأى فيها محاربوه، أنها تهدد وجودهم في اليمن وتأثيرهم على قراراته السيادية.
عزيمة الشعب اليمني وحكمة قيادته الثورية، سوف تكون حاسمة في الايام القادمة لتحقق إرادته في الانتصار على اعدائه ولو كانوا اولي قربى بالعصبية القومية وبالانتماء الاسلامي السلبي والمزيّف، وبقدر التضحية يكون الجزاء وفيرا وثابتا، الشعب اليمني على أبواب انتصار مؤزر، سيكون عبرة لمن يعتبر، من الشعوب والأنظمة المقتاتة لقمة العيش بذلٍّ ومهانة، على حساب الدين وقيمه ومبادئه، ففئس العيش عيش السّوائم، ونعم العيش عيش الانسان القيّم على مبادئه، هذه هي اليمن وهؤلاء هم عرب التبعية والعمالة، والرضا بما يراه لهم أعداؤهم من قوى الغرب، التي يعتبرونها صديقة، غدا موعدنا مع انتصار الشعب اليمني، وموعدنا أيضا مع من تورّط في العدوان عليه من العرب، ماذا سيكون لون موقفهم، أعتقد ان الخبث لن يعوزهم في التبرير، ولن يتسامح الثوار اليمنيون في التقرير.