بالأمس القريب سقط صاروخ “ضال” من عال، ساريا فوق فلسطين وفي عقله ألف موال، دون أن يفوته على “بوابة دمشق” المعراج، وهو يغمز لها من بعيد بالصبر والتحية والسلام، تلاحقت بعده الأحداث وتسابقت على إثره، الأقلام ووسائط الإعلام وحتى أصوات النشاز، وهي تطرح بدل السؤال ألف علامة إستفهام!
قالت اليهود أن “الصاروخ السوري” قد سقط بالقرب من مفاعل ديمونة، بعد أن “ضل” طريقه عن هدف متحرك صهيوني، في تناقض جلي وواضح عندما أعادوا القول، أن طائراتهم ما لبثت في الإغارة على البطارية، التي كانت ردا على إطلاق الصاروخ منها، والتي جاءت كي تعزز الشكوك عن ماهية الصاروخ الذي أطلق، حيث حينها سوف يختلف تفسير النوايا وتقدير الحسابات، تماما كما زعم اليوم في تصريح له، عميد الإرهاب الدولي النتن ياهو، في محاولة منه لذر الرماد في العيون، بغرض إضفاء الشرعية على كيانه المحتل، بأنه يريد قبل أي شيء ضمان إحترام القانون والنظام العام، في أعقاب المواجهات المستمرة، مع جنوده وقطعان مستوطنيه الصهاينة، الذي يأتي جميعه في سياق التخبط وعدم الثقة، التي تسيطر على عقول ونفوس قادة العدو الصهيوني، التي سبق وأن بدت جليا للعيان، بعد هزيمتهم النكراء عام 2006 على أيدي المقاومة الإسلامية!
كثيرا ما كانت وما تزال ردود أفعال المتربصين سوءا بسورية، في أعقاب أي إعتداء صهيوني عليها، تتسابق في التهكم على تصريحات المسؤولين فيها، حين يؤكدون على أن الرد في المكان والزمان قادم لا محالة، تماما كما فعلوا ولا يزالون جاهدين أصحاب الجلالة والسيادة، في العمل الخبيث والحثيث على ترسيخ دعاوى الإرهابي المقبور بن غوريون، في أن “الجيل الحالي سوف يموت وأن الجيل اللاحق سوف ينسى” أملا في إحباط إرادة الشعب الفلسطيني، وكذلك عمقه الإستراتيجي من الجماهير العربية المساندة له، في حقهم المشروع بالمقاومة والتحرير!
وإن كنا نتفهم الشعور بضرورة الإنتقام السريع، وعمق الألم والغضب، الذي ما يلبث في السيطرة على مشاعر المخلصين لقضايا أمتهم القومية، عند كل محاولة للعدو الصهيوني ومن سلك دربه، في إقتناص أي فرصة، التي قد تولد الإحباط لدى الجماهير العربية، إلا أن وعيها الذي كان بالمرصاد للعدو ومواليه، سرعان ما كان يبدد تخرصاته، ثم ما يلبث وأن يتجدد اليقين، إزاء ثقتها وإيمانها بحقها المشروع في التحرير، بأن يوم معركة التحرير القومية، التي هي مسؤولية كل عربي حر شريف ومخلص لقضايا أمته، قادمة لا محالة في الوقت والمكان، الذي سوف يختاره محور المقاومة ويناسبه، وليس الذي يدفعه العدو إليه، وهو يبعث في الآن نفسه بالرسالة الواضحة، من دمشق وبوابتها في القدس الشريف، إلى كل من يعنيه الأمر، سواء كان داخل قبره أو على سدة عرشه، أن الجيل الذي قد مات، لا يزال صدى صوته في العقول والنفوس حيا يتردد، على أسماع الجيل الحي واللاحق من بعده بالتأكيد، الذي لن ينسى بأن فلسطين من النهر إلى البحر، عربية كانت وسوف تبقى، وهو ما يؤكد عليه يوميا قوم الجبارين في مواجهاتهم، مع العدو الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة القتالية، بصدور عارية وإيمان عميق لا تنطوي عليه، أصوات النشاز والإدانات الرسمية الجوفاء للأنظمة المستهلكة العربية، والذي لا يزال يراوده الأمل، في أن يستيقظ الشارع العربي قريبا على نفسه، الذي مع كل أسف وأسى قد طال سباته، قبل أن تبتلعه الأطماع الصهيونية!
تحيا سورية، تحيا فلسطين، عاشت السواعد، التي تطلق الصواريخ، والتي تتصدى للعدو بصدور عارية، بكل ثقة وإيمان، حتى يوم النصر المبين، والخزي والعار لكل من يقف متفرجا، دون شرف المشاركة ولو أضعف الإيمان، بالكلمة التي تشد من عضد الصامدين المرابطين، دفاعا عن أولى قبلتهم وثالث حرميهم الشريفين، في قدس الأقداس، عاصمة كل فلسطين كل فلسطين!
فلسطيني واشنطن