لم يكن باستطاعة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي أن تجد العبارات القادرة على وصف قرار الرئيس الأمريكي ترامب بوقف المساهمة التي كانت تقدم لمنظمة الصحة العالمية، ولهذا اكتفت بنعت القرار بأنه قرار أحمق وخطير مع أنها تعلم علم اليقين أن من اتخذ القرار هو الأحمق ولو لم يكن كذلك لما قامت بتمزيق نسخة من خطابه الذي ألقاه قبل أسابيع أمام الكونغرس، وكان تمزيق الخطاب على مرأى ومسامع العالم، وحينما كان ترامب يتفاخر “بإنجازاته” على الصعيد الداخلي وربما لم يكن المتابعون يلمسون حماقته بقدر ما كانوا يلمسون غروره وتعاليه وتضخم الأنا لديه لدرجة أنه كان أشبه بالبالون المنفوخ فيما كان تمزيق الخطاب كالدبوس الذي أعاد ترامب وخطابه إلى فقاعات .
نعم هو قرار أحمق وخطير جداً أن توقف أي دولة مساهماتها لتمويل منظمة الصحة العالمية وفي هذه الظروف الاستثنائية التي يحصد فيها (كورونا) الآلاف من البشر والأمريكيين على وجه الخصوص ويهدد ملايين البشر ويعطل كامل مناحي الحياة تقريباً على امتداد الكرة الأرضية حيث من المفترض أن تزيد الدول من مساهماتها لتساعد المنظمة على البحث والتنسيق وتقديم العون للدول الأكثر حاجة.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن ترامب لن يوقف مساهماته لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لأن تقاريرها تصدر وفق رغبات ترامب في توجيه الاتهامات الباطلة لمن يريد وليس لتبيان الحقيقة فيما ارتكبت الصحة العالمية (المحظور) بنظره عندما قالت الحقيقة فيما يتعلق بنجاح الصين في إدارة أزمة كورونا والسيطرة على انتشار الوباء وفي تقديم المساعدة للعديد من الدول ومنها أمريكا ذاتها التي أظهرت وقائع الوباء عجزها الصحي والأخلاقي تجاه مواطنيها وتجاوزت أعداد الوفيات لديها خمسة أضعاف الوفيات في الصين.
إن العالم أمام إدارة أمريكية تريد فعلاً أن تدمر العالم ولا تتورع عن التزوير والتلفيق وقلب الحقائق وهي الآن تريد معاقبة الصين ومعاقبة كل الدول التي قد تنجح في السيطرة على الوباء وتقديم المساعدات للآخرين تماماً كما فعلت وتفعل في معاقبة كل من حارب ويحارب الإرهاب ولا أحد يعلم إذا كان موقف أمريكا الهدام هو موقف يتعلق برئيس أحمق وبقرارات حمقاء وخطرة أم إن التوحش الإمبريالي قد بلغ ذروته ولن يعيد الأمور إلى نصابها إلا تحالفات دولية تنهي هذه الحماقات التي تكررت عند انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران وعندما انسحبت من اتفاقية باريس للمناخ وعندما أوقفت مساهماتها “لأونروا” وعندما شنت اعتداءات متكررة على سورية والعراق.