الدكتور بهيج سكاكيني |
بعد أكثر من ثلاثة سنوات من العدوان المفضوح واللاشرعي واللاخلاقي تحت مظلة ما سمي بـ “التحالف العربي الاسلامي” بقيادة السعودية والتدمير الممنهج للبشر والحجر في اليمن يتضح وبشكل لا لبس فيه ان هذا العدوان لا شأن له بالامن القومي العربي ولا بإعادة “الشرعية” الى اليمن وإنما في محاولة لتركيع الشعب اليمني وإعادته الى بيت الطاعة السعودي الذي صرف اكثر من مئة مليار دولار وقام مع الامارات بتجنيد جحافل من المرتزقة من وحدات جيوش عربية وغيرها دون تحقيق أي من الاهداف الكاذبة التي رفعت منذ بداية العدوان في نهاية مارس 2015. فالرئيس هادي المنتهية ولايته والهارب الذي” يدير” أمور البلاد من الرياض لا يستطيع العودة حتى الى عدن التي من المفترض ان تكون “محررة” تحت الاحتلال الاماراتي. ومنذ ما يقرب من السنة إن لم يكن اكثر وقعت الخلافات بين السعودية والامارات بشأن السيطرة على المناطق في اليمن وخاصة الموانىء والمناطق التي تحتوي على آبار النفط. وليس سرا ان يقال ان السعودية قد لعبت دورا كبيرا في حرمان اليمن من استغلال ثروته النفطية وعلى مدى عقود من الزمن لتأبيد تبعيته وإفقار شعبه.
الاطماع الاماراتية في اليمن تتضح من خلال مشاركتها الفعالة بالعدوان وإرسالها اعداد كبيرة من جنودها الى اليمن وذلك بعكس السعودية التي لم ترسل سوى عدد قليل من جنودها وإن كانت هي من تترأس “التحالف العربي” منذ بدأ العدوان الغاشم على اليمن في مارس 2015. الى جانب ذلك فقد قامت الامارات ومن خلال استيراد العديد من المرتزقة من بعض دول أمريكا اللاتينية عن طريق مكاتب بلاك ووتر العاملة في الامارات بتدريب أعداد من اليمنيين الجنوبيين وتشجيع الحركة الجنوبية الانفصالية حيث تعمد الامارات الى تقسيم اليمن ووضع الجنوب تحت وصايتها وسيطرتها وبهذا فهي تتنافس مع السعودية. بالاضافة الى ذلك فقد سيطرت الامارات على العديد من الموانىء اليمنية وخاصة ميناء عدن بهدف استخدام هذه الموانىء الاستراتيجية لتوريد نفطها وغازها الى الدول الاوروبية والولايات المتحدة على وجه الخصوص وتسعى لان تسيطر على شبكة خطوط إقليميةلامداد هذه السلع الاستراتيجية الى الاسواق العالمية متجاوزة مضيق باب المندب للوصول الى المحيط الهندي. زد على ذلك ان الامارات تركز مناطق سيطرتها في الجنوب حيث تتواجد آبار النفط.
واليوم يأتي إنزال قوات إماراتية في جزيرة سقطرى دون إعلام حكومة الرئيس هادي الذي ما زال يعتبر ممثلا “للشرعية” اليمنية من قبل “التحالف العربي”. وقد قامت القوات الاماراتية بالسيطرة على الميناء والمطار في الجزيرة. ووزير الخارجية الاماراتي يتحدث عن العلاقات التاريخية المتينة مع الجزيرة وسكانها وعلاقات القرابة والنسب وعلى ان الامارات تتواجد “لخدمة” المحتاجين من الناس. وبعض جهابذه السلطة الاماراتية يخرج علينا من خلال الشاشة الصغيرة ليخبرنا بالمعونات التي قدمت للشعب اليمني وإرسال الاغذية وبناء المستشفيات والمدارس…الخ، متناسيا التدمير الممنهج للحجر والبشر في اليمن. الاعلام الاماراتي والتصريحات الرسمية وجيع الممارسات على الارض لقوى الاحتلال تدلل ان الامارات باقية في اليمن كقوة محتلة وتعمل على قضم أراضي من اليمن. وهي تعمل اليوم على فرض سيطرتها على جزيرة سقطرى وذلك لموقعها الاستراتيجي ولكونها من أجمل المناطق الطبيعية الخلابة والاستثنائية في تلك المنطقة وإعتبارها محمية طبيعية.
هذا الاحتلال الاماراتي لا شأن له في “الدفاع” عن الشعب اليمني أو “التصدي” للنفوذ الايراني كما تدعي في اليمن وبحسب ما تروج له الصحف الصفراء في الخليج وغيرها من الصحافة المأجورة. جزيرة سقطرى لم تدخل ضمن الصراع منذ البداية ولا يتواجد بها الحوثيين وهي المنطقة البعيدة كل البعد عن صنعاء وتبعد ما يقرب من 350 كيلومتر عن شواطيء اليمن الجنوبية. فلماذا تتواجد القوات الاماراتية وأجهزة الامن الإماراتية فيها؟ ولماذا يتدفق الاماراتيون لامتلاك الاراضي في تلك الجزيرة في محاولة لتغير الوضع الديمغرافي فيها؟ ولماذا ترفض الامارات تسليم الجزيرة الى السلطات “الشرعية” التي تدعي انها تقاتل من اجل إرجاعها الى اليمن؟ أليس الجزيرة هي جزء من الاراضي اليمنية؟ القوات الاماراتية وأجهزة الامن الاماراتية تتصرف بالشكل الذي يدل بشكل لا لبس فيه ان الامارات تتصرف وكأن الجزيرة هي جزء من الاراضي الاماراتية وليس اليمنية. وطبعا الامارات لا تستطيع ان تتصرف بهذا الشكل إن لم تكن مدعومة من قبل سيد البيت الابيض الذي يرى مصلحة لامريكا بأن يسيطر أحد أدواتها على هذا الموقع الاستراتيجي.