خلال السنوات القليلة الماضية وقعت العديد من الاشتباكات العسكرية بين المرتزقة الموالون لدولة الإمارات العربية المتحدة ومرتزقة تحالف العدوان السعودي في عدد من المدن والمحافظات الجنوبية اليمنية، وهذه الاشتباكات العسكرية خلقت الكثير من الإنقسامات داخل معسكر تحالف العدوان السعودي الإماراتي الذي شن حرباً همجية على أبناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً. لقد كان يعتقد قادة تحالف العدوان السعودي بأن هذه الحرب لن تستغرق سوى أيام قليلة ولكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية كانوا لهم بالمرصاد، حيث تفيد العديد من التقارير الاخبارية بأن تحالف العدوان السعودي الإماراتي مُني بالكثير من الهزائم خلال السنوات الخمس الماضية في العديد من المدن والمحافظات اليمنية. وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن هذه الاشتباكات تؤكد وجود توترات بين السعودية والإمارات، حيث يتنافس البلدان لتوسيع نفوذهم في جنوب هذا البلد الذي مزقته الحرب. ولفتت تلك التقارير، أنه في منتصف أغسطس 2019 ، اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومة، وقوات المجلس الانتقالي، المدعومة من الإمارات، بعد أن داهمت قوات الانتقالي قصر المعاشيق الرئاسي في عدن ولفتت تلك التقارير أنه بعد ارتفاع حدة الاشتباكات بين الجانبين، قامت الرياض بدعوة قادة المجلس الانتقالي الجنوبي للتوقيع على اتفاقية لحل جميع الاشكالات بين الجانبين وبالفعل تم التوقيع في نوفمبر 2019 على اتفاقية الرياض ولكن تلك الاتفاقية ظلت حبر على ورق حتى يومنا هذا. ونوهت تلك التقارير إلى أن الاشتباكات عادت قبل عدة أيام بين الجانبين في جزيرة “سقطرى” الاستراتيجية.
وهنا يتبادر هذا السؤال إلى الأذهان، ما هي الاسباب التي جعلت هذين البلدين يشكلان تحالفاً عسكرياً قبل خمس سنوات لشن حرب عبثية على أبناء الشعب اليمني؟ ولماذا نراهم اليوم يواجهان بعضهما البعض عسكرياً في المدن الجنوبية اليمنية؟ ويمكن العثور على إجابة هذا السؤال في قضيتين مترابطتين، وهما أن السعودية والإمارات قد قسمتا الغنائم قبل بدء غزوهما العسكري على اليمن، وتم الاتفاق على أن المناطق الشمالية من اليمن ستكون للمملكة العربية السعودية والمناطق الجنوبية والموانئ البحرية وما حولها ستكون حصة للإمارات العربية المتحدة، ولكن منذ فشل الخطة العسكرية لهذين الحليفين المعتدين في اليمن بسبب الانتصارات التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية على مرتزقة تحالف العدوان السعودي الإماراتي، لم تتمكن المملكة العربية السعودية من الوصول إلى نصيبها المتوقع ولهذا فلقد طمع “بن سلما” بغنائم “محمد بن زيد” والإمارات في جنوب اليمن وقام بالتخطيط خلال الفترة الماضية لإنشاء موطئ قدمك له في تلك المناطق الجنوبية ولتحقيق هذه الخطة أصدر “بن سلمان” أوامره لمرتزقته لمهاجمة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لدولة الإمارات العربية المتحدة وبالفعل وقعت خلال الفترة الماضية العديد من التصادمات والاشتباكات العسكرية بين الجانبين في عدد من المناطق الجنوبية.
ووفقًا لمركز “صنعاء” للدراسات الاستراتيجية، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، يشعر أن السعوديين يستهدفونه ويهدفون بهدوء إلى تفكيك سلطته في المناطق الجنوبية، وخاصةً في محافظة “عدن”، من خلال القيام بعدة خطوات مثل جذب القادة العسكريين التابعين للمجلس وشراءهم بالمال وذلك لإنشاء قوات جنوبية جديدة تحت قيادة قادة جدد موالون للرياض، وذلك من أجل الاستعانة بهم للاستيلاء على السلطة في محافظة “عدن” ومناطق جنوبية مهمة أخرى. وتشمل الخطوات السعودية الأخرى حرمان قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من مصادر دخلها من خلال تجنيد مقاتلين يعملون لصالح قوات عسكرية موالية للرياض وذلك من أجل تغيير معادلة القوة والنفوذ في المناطق التي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
يذكر أن المجلس الانتقالي الجنوبي بذل خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لخلق شرعية له على أرض الجنوب ولكنه لم يتمكن وذلك يرجع إلى أن الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية يعارضون بشدة فكرة الانفصال عن شمال اليمن ويعلمون جيداً أن الإمارات والسعودية لهما الكثير من الاطماع في جنوب اليمن ولكن يبدو أن الاوضاع تغّيرت مؤخرا لصالح مرتزقة الإمارات، حيث كشفت العديد من المصادر الاخبارية أن المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن يوم السبت الماضي الإدارة الذاتية لمحافظات الجنوب ومدنه في ضوء فشل حكومة الرئيس المستقيل “عبدربه منصور هادي” القابعة في فنادق الرياض في الوفاء بالتزاماتها ضمن اتفاق الرياض وإصرارها على تأزيم عودتها إلى عدن لمباشرة مهامها. واتخذ المجلس قراره بإعلان حالة الطوارئ ونشر قواته الأمنية والعسكرية لإدارة شؤون محافظات الجنوب ضمن مبادرة عاجلة لمعالجة المشكلات المتراكمة والتي تقاعست في حلها الحكومة التي يسيطر عليها شق واسع من الإخوان المسلمين.
وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن اشتباكات عنيفة اندلعت يوم الجمعة الماضي، بين قوات موالية للرياض، ومسلحين تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في محافظة أرخبيل “سقطرى”. وقال مسؤول محلي، إن اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، اندلعت بين قوات موالية لتحالف العدوان السعودي، ومسلحين تابعين للانتقالي، في المدخل الغربي لمدينة “حديبو” عاصمة المحافظة. وأشار المسؤول، أن الاشتباكات بدأت عقب محاولة جديدة لمتمردي ومسلحي الانتقالي اجتياح “حديبو” للسيطرة عليها. ولفت إلى أن القوات الموالية للسعودية تمكنت من إفشال المحاولة وأعطبت مدرعات بحوزة المتمردين ومسلحي الانتقالي. وذكر المسؤول أن القوات الموالية لتحالف العدوان لسعودي في جزيرة “سقطرى” تدخلت ونجحت في وقف الاشتباكات وأجبرت المتمردين ومسلحي الانتقالي على العودة إلى مواقعهم، فيما استقرت القوات التابعة للرياض على المدخل الغربي لمدينة “حديبو”. وتأتي هذه التطورات في جزيرة “سقطرى”، عقب إعلان “الانتقالي الجنوبي” السبت الماضي، حالة الطوارئ العامة، وتدشين ما سماها “الإدارة الذاتية للجنوب”. وتشهد جزيرة “سقطرى”، بين الحين والآخر، محاولات سيطرة على مرافق حيوية ينفذها مسلحون مدعومين من الإمارات، إضافة إلى عمليات تمرد لكتائب في القوات الموالية للسعودية الحكومية.
الجدير بالذكر أن جزيرة “سقطرى” الاستراتيجية كانت واحدة من المناطق التي عززت فيها دولة الإمارات مكانتها، بعد بدء الغزو العسكري على اليمن، وهذا الامريُعد عمل مناهض للمبادئ والقانون الدولي، وذلك لأن قادة أبو ظبي بذلوا الكثير من الجهود لتغيير هوية اليمنيين الذين يعيشون في هذه الجزيرة خلال السنوات الماضية. ومع ذلك، لم تنج الجزيرة من انتقام “محمد بن سلمان”، وبعد أن أعلن المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة الحكم الذاتي في عدن، قامت المملكة العربية السعودية بتعزيز وجودها العسكري في جزيرة “سقطرى” وقبل عدة أيام قامت الطائرات الحربية السعودية بالتحليق فوق هذه الجزيرة وقامت أيضا بضرب مواقع عسكرية تابعة لمرتزقة أبو ظبي، والسؤال هنا، هو هل سيستسلم “محمد بن زايد” لتهديدات “محمد بن سلمان” العسكرية أو أنه سوف يقوم بالانتقام؟.
الوقت