هل سوف يخفي دم الإرهاب مجددا الدم البارد الذي ينزف من جسد الأمة نتيجة جرائم التطبيع؟ هل سوف تزهر حدائق التطبيع أكثر فأكثر تحت الرايات الخاطئة والمضللة وتحت سلاح التزوير المعمق للعقول؟ هل سوف تزدهر صناعة الإرهاب مرة أخرى حتى تتثبت وتنضج وتزهر سموم التطبيع المتوحشة في هواء وفي دماء الوطن والأمة وعلى حساب الماء والخبز والكرامة الوطنية؟
يظن البعض ان الإرهاب زر يتم استخدامه لاخماد الحركة الإجتماعية وتحويل الأنظار عن مشاكل الشعب فيستفيد النطام. وهذا استنتاج ميكانيكي مريح يستند إلى تبرير ذلك بمصلحة النظام ليس إلا، مع نسيان حقيقة كون الارهاب لا يستهدف إسقاط أنظمة بل إسقاط دول وهو مصنوع بالأساس من أجل تخريب الأوطان وليس من أجل مجرد تغيير الحكام أو تثبيتهم في الحكم.
لا يا سادة، الإرهاب له مصالحه وظروفه ووظائفه ونماذجه المطورة والمستحدثة وخاصة ما بعد سنة 2010. وهو يختار توقيته الذي يواتيه وهو ليس زرا. وعلى العكس تماما، العامل الإرهابي الوظيفي، الذي ليس ظاهرة بالمناسبة، هو أكبر صاحب مصلحة في تصاعد الحركة الاجتماعية وهي أفضل المسارح التي تساعده على العمل وهو يعمل على تسخينها لا على اخمادها حتى يستفيد من الفوضى المحررة وغير المراقبة الممكنة دوما.
كتبنا منذ مدة، من هنا فصاعدا لا ثورة دون فوضى ولا فوضى دون إرهاب. بمعنى ان كلفة التغيير أصبحت باهضة جدا أكثر من ذي قبل، وهي في الأصل باهضة باعتبار أن كل ثورة تضحية ولكل تضحية ثمن. واليوم نجدد قولنا،: لا ثقة في أي ثورة لا ترتب أولوياتها كما يلي:
1- تجريم التعامل مع العدو الصهيوني
2- قطع دابر التبعية وتجريمها (بشتى البدائل التي نطرحها دائما، نحن وغيرنا، وقطعها عن كل وجهة غربية أو شرقية).
وبهذا يقطع دابر الإرهاب ثم يقطع دابر الفساد. وهكذا يتم تحقيق نظام إجتماعي واقتصادي جديد يؤدي إلى نظام سياسي جديد وحياة جديدة.
إن كل حديث عن الدين في موضوع الإرهاب كلام لا طائلة منه وإضاعة للوقت. فهو في الواقع (أي الإرهاب) مشروع ومخطط استعمار لا أكثر ولا أقل وبأدوات محلية طبعا يعرف الجميع كيف أطلقت. وما البحث في شؤون “الدين” إلا تبريرات للشعبوية العلموية التي لا علاقة لها بالعلم سوى ثرثرة المراكز والبرامج الغربية. كذلك كل حديث عن المجتمع كلام مركب مسقط وهدر لجهود المواجهة ومغالطة للمجهلين غصبا، ففي أقصى الأحوال تتم صناعة عوامل مساعدة تقنع الناس في خضم صناعة ظروف اقتصادية واجتماعية ملائمة لتنشيط العامل الإرهابي واستخدامه في المخططات الاجرامية.
وإن كل حديث عن مقاومة الإرهاب دون مشروع وطني مقاوم هو عبث وكلام صالونات استهلاكية ومضيعة للوقت وضحك على الذقون. وفي الأصل وفي الأدنى قبول بعدوان صناع الإرهاب ومروجيه في الأمن والسياسة والاقتصاد وعلى مستوى معولم وإقليمي ومحلي. والأهداف معروفة: من تدمير الأوطان وتمزيق الأمم واستدامة الإستعمار والتخلف والجوع إلى خلق خرائط جديدة.
ولذا، على بعض الثقافويين الذين أعمتهم خزعبلات السوسيولوجيا الغربية ومراكز المخابرات حول الإرهاب وسواها، المروج الرئيسي لسذاحة الفهم وتأخر الحسم، أن يسألوا أنفسهم: لماذا لا يوجد إرهاب في أهم معاقل وبؤر الخطاب التكفيري (وهو مجرد خطاب بلا فكر) بينما يوجد في الدول المطلوب إخضاعها والتي لا تدفع له، حتى إذا كانت أقدم وأكبر مناشئه أو حتى حواضنه، ويوجد أكثر في دول صنع لأجلها أو لأجل استعمال ساحاتها؟ لهؤلاء نقول: كفاكم تخريبا للعقول، الإرهاب فقط وفقط مشروع استعمار صنع في مراكز الاستعمار وتم تعشيشه في كل مكان من عقول المرتزقة إلى الجبال. وحله الأوحد مشروع وطني مقاوم؛ من البندقية الموجهة للعدو فقط تبدأ ثقافة المقاومة.
في عدا ذلك وحسب التقديرات، العروض الإرهابية قد تتواصل وقد تتركز في نهاية السنة في عدة مناطق من العالم.
اللهم احفظ تونس وكل إنسان أعزل أينما كان واحفظ الأمل: المواجهة والحسم وبناء الدولة والمجتمع وتحصين العقول والقلوب. أما الفصل الثاني من ربيع الإرهاب والتطبيع فقد افتتح.