قامت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بخطوة غير مألوفة في المشهد الإعلامي الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بنشر صور الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وكتبت الصحيفة، التي تورطت ببعض التغطيات السيئة المنحازة للرواية الرسمية الإسرائيلية، في عنوانها الرئيسي “67 طفلا قُتلوا في غزة.. هذا هو ثمن الحرب”.
وعلق النائب اليهودي الشيوعي عوفر كسيف (من القائمة المشتركة) على ذلك بالقول لـ”كل ضحية اسم وقصة”.
وتبدو تغطية “هارتس”، الأردعاء، بالصور وبالمضامين، التي تطمسها وسائل إعلام إسرائيلية كثيرة، نوعا من “السباحة ضد التيار” في أجواء مسمومة ومشبعة بكراهية الآخر.
وقدمت هذه التغطية عينة من تراجيديا الأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم الطائرات الإسرائيلية بالقول إن حمادة (13 عاما) وعمار (10 سنوات) عادا من المدرسة، ويحيى (13 عاما) ذهب لشراء الآيس كريم، وتم العثور على جثث أميرة (6 سنوات)، وإسلام (8 سنوات)، ومحمد (9 أشهر) تحت أنقاض منزلهم. وأضافت الصحيفة في تقريرها “قُتل 67 طفلا في غزة خلال الجولة الأخيرة من المعارك” التي بدأت في 10 مايو/ أيار الجاري، واستمرت 11 يوما.
وأوضحت “هآرتس” أنه عندما طُلب من الآباء وصف شعورهم، أجاب العديد منهم بهدوء “هذه إرادة الله”. وقالوا إن “أطفالهم كانوا يريدون أن يصبحوا أطباء وفنانين وقادة”.
وبدأ سريان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فجريوم الجمعة الماضي، بعد غارات عنيفة ومكثفة على القطاع، في وقت كانت فيه المقاومة ترد برشقات من الصواريخ على بلدات إسرائيلية. وأسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية عن 287 شهيدا، بينهم 69 طفلا و40 امرأة و17 مسنا، بجانب أكثر من 8 آلاف و900 مصاب، في حين قتل 13 إسرائيليا وأصيب المئات خلال رد الفصائل على العدوان بإطلاق صواريخ على إسرائيل.
اعترافات طيار إسرائيلي
وفي السياق، نقلت الصحيفة عن طيار حربي إسرائيلي قوله إن تدمير الأبراج السكنية خلال العدوان على قطاع غزة، كان “طريقة للتنفيس عن إحباط الجيش” بعد فشله بوقف إطلاق الصواريخ من القطاع. جاء ذلك في حوار أجرته القناة 12 الإسرائيلية، مع عدد من الطيارين الإسرائيليين الذين شاركوا في نسف 9 أبراج سكنية في غزة؛ بحجة أنها تُستخدم كـ”بنى تحتية عسكرية ” من بينها برج الجلاء الذي يضمّ مقريّ “شبكة الجزيرة” ووكالة “أسوشيتد برس” في غزة.
وقال أحد هؤلاء الطيارين إنه لا يقلّل من قوة الهجمات التي نفّذها هو وأصدقاؤه، بعدما ألقوا على الأبراج أطناناً من الذخيرة والنيران. غير أنه تحدّث عن المشاعر التي كان يتشاطرها مع زملائه حينذاك، قائلاً: “كنت أخرج لشن غارة، فيما ينتابني شعور بأن إسقاط الأبراج أصبح طريقنا للتنفيس عن الإحباط مما يحدث لنا، بسبب الاستمرار في ضربنا”. وتابع هذا الطيار محجوب الهوية – ضمن انتقادات متصاعدة في إسرائيل للحرب على غزة – “لم ننجح في وقف إطلاق الصواريخ، لم ننجح في المساس بقيادة التنظيمات، لذلك كنا نسقط الأبراج”.
وكما كان متوقعا هاجمت أوساط اليمين الصهيوني “هآرتس” خاصة عضو الكنيست المتطرف عن حزب “الصهيونية الدينية”، بتسلئيل سموتريتش، تبعه ما يسمى وزير بـ”شؤون القدس” الحاخام اليميني المتطرف رافي بيرتس، بالقول إن نشر هذه الصورة بمثابة فقدان للبوصلة وللطريق.
“القدس العربي”