القواسم المشتركة بين الإدارتين الأمريكيتين الحالية والسابقة بدأت تظهر في الأفق، وبدأنا ندرك مدى إمكانية التطابق بين السياسات المتبعة، وكأن الإدارة الجديدة تبارك ما قامت به السابقة عبر مواصلة سياسة الضغوط.
إن إصرار الرئيس الأمريكي جو بايدن على عدم رفع العقوبات عن إيران مع تأكيد عدم العودة للاتفاق النووي ما لم تمتثل إيران بالكامل بخطة العمل المشتركة، في توجه واضح لمواصلة الضغط على إيران، والتحضير لجولات جديدة من المواجهة غير مباشرة، قد يكون هو البداية..
تدرك إدارة بايدن أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هو من انسحب من الاتفاق النووي وأخلَّ به، وكل الخطوات التالية التي ردت بها طهران هي حق مشروع لها، لكن الشرط الأمريكي اليوم مرده ببساطة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ما عجز عنه ترامب يعمد بايدن إلى تحقيقه، أي إعادة التفاوض على الملف النووي الإيراني من جديد، ومن ثم إدخال تعديلات جوهرية تتعلق بملف إيران الصاروخي، وهو أكثر ما يقلق كيان الاحتلال الإسرائيلي، وإلى حين تحقيق ذلك فالعمل يكون في الوقت بدل ضائع والدخول في تجاذبات ورفع النبرة تجاه إيران هو المتوفر حالياً حتى لو لم تكن النبرة عالية فالنيات الأمريكية المبيتة مسبقاً باتت مفضوحة.
العزلة الدولية التي كانت واشنطن على وشك الدخول بها في عهد ترامب، هي ما دفعت بايدن في البداية لتصدير أفكار وتوجهات مغايرة أي تصدير محاولة تهدئة دولية، وهي الدافع للعودة إلى الاتفاقيات التي انسحب منها ترامب، أي الغاية إعادة التشبيك للحفاظ على اللعب من داخل الحلبات الدولية.
إذا نظرنا إلى التعاطي الأمريكي الراهن مع الملفين الإيراني واليمني نكتشف الخداع، فالتمهيد كان شيء والتنفيذ شيء آخر، لأن الخطوات الأولى للإدارة الأمريكية الجديدة هي التوجهات الأمريكية الحقيقية، بدليل أن الخطوة الأمريكية تجاه الملف اليمني مثلاً أتت ضبابية، لندرك سريعاً الكذب والنفاق الكامن في التفاصيل وفي الخلفيات.
إنها سياسية البلطجة والاستعلاء، فالخروج من هذه العقد يبدو مستحيلاً ولو كان الأمر خلاف ذلك هنا تكون المفاجأة.