د.عادل بن خليفة بالكَحْلة (باحث انثروبولوجي)
20/03/2020:
هل فعلاً استعمل أحد أبناء السيد وزير النقل السيارة المخصّصة له وحده قانونًا؟ لم يوضح لنا السيد وزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية على صفحته الرسمية سوى وثيقة رسمية من رئيس الحكومة صادرة يوم 19/03/2020 تبيّن الشروط القانونية لاستعمال الوزراء لسيارات الدولة. هذا ما قد يؤكد ما أُشيع، إذا فهمنا أن صدورالمرْسوم كان من أجل القطع مع ممارسات سابقة. ولكننا نعلم أن هناك مراسيم قديمة توضح هذا الاستعمال، فلا حاجة لمرسوم جديد. هل بهذا نفرض دولة القانون؟!
أقسم لكم باسم الله وباسم الإرادة الشعبية أن هذا يُدَهْور واقعة وجود دولة قانون. فلم تكن هناك محاسَبة، ولا شفافية، ولا عقاب، ولا عزل، في هذه الحادثة
وهل نحن في حاجة أصلا إلى مرسوم حتى نَعْلَم أن العلاقات الشخصية أمر يتناقض جذريًّا مع عقلانية الدولة ولا شخصانية دولة القانون!! إن شهداء المعركة التحريرية ليبكون دمًا في قبورهم على هذه الوضعية! هذا نتيجة استراتيجيا المحاصصة والاستزلام في توزيع الوزارات واختيار المرشحين للبرلمان، لا استراتيجيا الكفاءات والنظافة…
25/03/2020:
ماذا فعلتْ الدولة لإسترجاع حقوقها من الفاسدين؟ أليست هي هذه فرصتها الموضوعية لتضرب على أيديهم؟!
ماذا فعلتْ من أجل إسترجاع ضرائبها المتخلدة بالأثرياء البخلاء منذ سنوات، بل منذ عقود أحيانا؟!
هل يُعقل أنْ يأكلوا من لحم الشعب التونسي قروضًا ضخمة (بظروف قانونية وأخرى غير قانونية)، ثم لا يسلمون دولته حقوقها، ثم يبخلون عن التبرع؟! ليتعلموا أخلاق المقاول الناجح عند ماكس فيبر، وفي ماليزيا، وفنلندة، اللتيْن خرجتا في نهاية الستينيات من حرب أهلية مدمّرة! ليتعلموا منهم فن المقاولة وفن النجاح وفن الأخلاق وجمال الوطنية!
أخاف أن يستغل بعضهم هذا الظرف، لمزيد الإثراء غير المشروع، من أجل مزيد التفاوت الطبقي، فترتفع الأسعار أكثر فأكثر!!
27/03/2020:
يجب أن يكون اقتصادنا بعد انفراج الازمة الصحية لا اقتصادنا قبلها.
ها قد عرفنا مغبة عدم الاعتماد على النفس، والتعويل على الاقتراض الخارجي. ها قد عرفنا مغبة عدم التركيز على الفلاحة أوَّلاً وتطويرها وتشجيع الفلاَّح. ها قد عرفنا مغبة التفريط في القطاع الصحي، وعدم الإستفادة من النجاح الكوبي في الفلاحة البيولوجية والتطور الطبابي والدوائي. ها قد عرفنا مغبة أن نجعل أنفسنا خارج الوحدة المغاربية، وخارج الوحدة العربية، وخارج الوحدة الإفريقية، بأن وجدنا الآن أنفسنا وَحدنا دون مساعدة أوروبا المنهارة!!
لتكن هذه عبرة… لنعيد البناء على قاعدة صحيحة في المستقبل، من الإقتصاد الإجتماعي والإقتصاد الوحدوي ، في السياق المغربي والعربي والافريقي.
03/04/2020:
مرَّةً أخرى… أقول لوزارة الفلاحة، وزارة الصحة، والوزارات المعنية، الأخرى، أوقفوا الصيد البحري لمدة قصيرة أرجوكم… فالتقارب الاجتماعي في هذه المهنة ضرورة لا مَهرب منها، ولا يُمكن الحدّ منها، كما في العمل الصناعي..
أرجوكم نحن في حاجة إلى صحة البحّارة، وصحتنا… لا تخضعوا لهيئة إتحاد مَصالحية استزلامية، لا تهمّها دولة القانون، ولا المصالح المستقبلية للإقتصاد المستديم.
16/04/2020:
هل يُعقل أن رئيس الدولة يمنح مساعدة غير مدروسة لفرد ما؟ مِن الممكن أن يدّعي أحد الناس أنه محتاج، وهو يكذب، فنمنحه عطية غير شرعية. صحيح أن ذلك الفرد مارس الغش والتحيل، ولكن المعطي هو أيضا مخطئ، إذ لم يقم ببحث مسبق قبل الفعل.
وبذلك يكون المعطي قد أخذ شيئا من مال الدولة أو مال المجموعة الوطنية (هِبات..) ووضعه في غير محله. وهذا يُسمّى: إتيان السفهاء مالنا. المطلوب ليس عطاءً عاطفيًّا، أو عودةً «رُومَنسية» للفاروقيّة. إنها «فاروقية»،دغمائية، سلفية، مرتعشة، وليست فاروقية عقلانية، إستراتيجية منحازة إلى الإقتصاد الإجتماعي الشعبي بل هي ترجع إلى إقتصاد تفاوتي ذي تنظير عباسي (الشيباني المنظر الاقتصادي السلطة العباسية)…
إن إيديولوجيا الرئاسة هنا مثل ايديولوجيا من يريد إعادة الأحباس التي كانت مندمجة بإقتصاد العصر الوسيط، بينما المطلوب أن نقيم أوقاف حداثية مندمجة في العصر الحديث، كاندماج أوقاف جامعة هارْفارد وجامعة كمبريدج والمعهد السويسري للتكنولوجيا في الإقتصاد الرأسمالي الغربي الحديث، وكالوقفيّات الجامعية في الصّين غير الرأسمالية… وبذلك نخرج من « إطعام» مهين للإنسان التونسي في إتجاه « إطعام طعامه» اي بناء إقتصاد العدالة الإجتماعية والتوازن الجهوي… وذلك يتطلب من الرئاسة قراءة لاهوت التحرر في فينزويلا لإقامة وعي ديني ثوري تقدمي. أنظروا إلى الآية الكريمة وهي تتناول إطعام الطعام:
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾.
19/04/2020:
لا مشكل عند السيد رئيس الحكومة في تعامُل وزير الصناعة مع نائب بالبرلمان لتوفير بعض مستلزمات الوقاية من الوباء. إنْ كان السيدان الوزيران والسيد النائب بالسلطة التشريعية لا يعلمان أن ذلك ممنوع قانونا، فتلك مصيبة كبرى. وإن كانوا يعلمون ويصرّون على مخالفة القانون فذلك أعظم.
لا حق لرئيس الحكومة في أن يقول: «وزير الصناعة اجتهد… ولم يكن على علم بأن صاحب المصنع نائب». في مثل هذه الأمور، هناك مُناقصات أوَّلاً، لا علاقات استزلام. وفي مثل هذه الأمور لا بد من عَرض البضاعة على المختصين الطبابيين والصيدلانيين، والبيئيين أيضا.
وإذا حدث ما يخالف ذلك، يكون ما بُني على باطل فهو باطل، وتُلْغَى الصفقة، إنْ لم تكن هناك تتبعات من دولة القانون. وربّ عُذْر («الحرب على الكورونا») أقبح من ذنب!!
20/04/2020:
هناك من بين أثريائنا من لا يطالبون الدولة بالتعويض عن الخسائر، بل يطالبونها بالتعويض عن تقلص المرابيح… فعوض أن يشارك بعض أصحاب النزل وبعض أصحاب المقاهي وأصحاب الإحتكار الطفيلي في الصيد البحري وغيرهم خسائره ويساعدون الدولة بالإنفاق الوقتي على عمالهم المعطلين، يسلكون سلوكا غيروطني ويُجْهِزُونَ أكثر على الدولة، فَيَبِيضُونَ لها بَيْضَة غش.
01/05/2020:
قدم رئيس الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري معلومة خاطئة لمنظوريه الفلاحين لكي يتسبب لهم بها في مشكلات. فبإعتبار أن الصابة هائلة، يعلن أثناء الأزمة أن الإنتاج يكفي لأكثر من سنة، وحتى للبلدان المجاورة، والحال أن السوق لا يحكمها العرض والطلب فقط ، بل تحكمها ظرفية استثنائية صعبة تتطلب إدارة علمية من المختصين في علم إقتصاد الأزمة. لقد تسببت التدخلات غير العلمية لهذا الرئيس في صابة الزيتون وصابة الحبوب في كوارث ربما هي ممنهجة، إذ هو دائما يؤكد أن الفلاحة ووزارتها «لا تتطلب علما، بل تتطلب معرفة ميدانية »، ويقصد معرفته هو.
نلاحظ أن رئيس الإتحاد هو الذي يحكم سوق الفلاحين المساكين متسببا جزئيا في كسادهم الراهن والكثير من مشكلاتهم، وليست وزارة الفلاحة التي لا يديرها مختص في علم الإقتصاد الفلاحي(مثل الدكتور محمد اللومي). فدور الدولة مفقود، ورئاسة الإتحاد لاتفكر بالمنطق الاقتصادي بل بمنطق الغنيمة وتسجيل النقاط ضد منظمات مهنية منافسة، فخطابها دون درس علمي-اقتصادي مسبق… والناتج الأول هنا هو إضعاف الدولة، ومزيد تغييب دولة القانون ، بل دولة العلم، ودولة الأخلاق.
مُحَصَّلَة وقتية:
دولة القانون هي التي يجب أن تدير الشأن العام. لا لدولة الإستزلام والهواة. لا لفاروقية «رومنسية»-قروسطية- دغمائية.نعم لفاروقية عقلانية تقدمية تفرّق بين التخلف الإستبدادي-الاستزلامي والحداثة العدالية. دولة القانون تتطلب إقامة دولة العلم، فلا يكون الوزراء ورؤساء المجتمع المدني إلا من المختصين العلميين. ولكنها تتطلب ايضا حركة ابي مَدْيَنٍ غَوْثٍ حَدَاثِيَّةٍ ، تعيد التهيئة الأخلاقية لمجتمعنا حتى لا نعيد إنتاج دولة صادق باي، وحتى لا يَبِيضَ التونسي بَيْضَة غش لدولته ذات الإيديولوجيا«الفاروقية » الوهمية. |